زيارة السيسي للمملكة

أبرزت الصحف السعودية الصادرة صباح اليوم الزيارة المقررة اليوم للرئيس عبد الفتاح السيسي للمملكة وأهمية ماتحمله هذه الزيارة من معاني ودلالات خاصة في ظل ماتشهده المنطقة من تطورات وتحديات تستلزم التشاور وتبادل وجهات النظر بين البلدين لصالح المنطقة بأثرها.

وقالت صحيفة (المدينة) إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي المقررة اليوم للمملكة تحمل العديد من الدلالات، يأتي في مقدمتها التقدير الذي تكنه مصر وشعبها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمواقفه التاريخية ومبادراته الكريمة التي قدمها لمصر في الأوقات العصيبة التي مرت بها، تلك المواقف والمبادرات التي وصلت إلى ذروتها في دعوته لعقد مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد المصري التي أطلقها بعد لحظات من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلت مصر إلى بر الأمان.

وأكدت تحت عنوان زيارة السيسي "الدلالة والأهمية" أن اختيار الرئيس السيسي للسعودية كمحطة أولى في جولاته الخارجية يعكس متانة وأهمية العلاقات التي تربط بين البلدين لاسيما على صعيد التنسيق والتشاور في المرحلة الحرجة التي يمر بها العالمان العربي والإسلامي الآن خاصة فيما يتعلق بتنامي ظاهرة الإرهاب بشقيه بعد أن أصبحت تلك الظاهرة تشكل التحدي الأكبر الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة.

وأضافت "لذا فإنه يبدو من السهل معرفة أن موضوع الإرهاب سيحتل الأولوية في مباحثات السيسي مع العاهل السعودي إضافة إلى البحث في أوجه التعاون بين البلدين في كافة المجالات وأفضل السبل لدعمها وتوسيع آفاق الشراكة بينهما إلى أعلى المستويات بما يخدم مصلحة البلدين وشعبيهما بخاصة والأمتين العربية والإسلامية بعامة".

وقالت إن الزيارة من هذا المنطلق تأتي في توقيتها المناسب ولابد وأن يكون لها آثارها الإيجابية في تفعيل جهود المواجهة ضد الإرهاب والإرهابيين، وحيث تعتبر الرياض والقاهرة مركزين مهمين ومؤثرين في الجبهة العالمية لمحاربة الإرهاب بكافة أشكاله، بحيث يمكننا القول: إن الهدف الأكبر من الزيارة العمل معا من أجل تحقيق اختراق واضح في الحرب على الإرهاب بدءا من وقف العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة وإفشال مخططات القاعدة وداعش وجبهة النصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية في زعزعة أمن المنطقة.

من جانبها، قالت صحيفة (الرياض) "إنه سبق لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله المرور بالقاهرة لزيارة أخيه بمبادرة مباشرة للرئيس عبدالفتاح السيسي، ومجيئه للمملكة، لاتفسر وفق القواعد التي اعتدنا عليها، لأن الزعيمين والدولتين يواجهون أحداثا عربية غير مسبوقة، يضاف إليها هجمة إسرائيلية مبيتة على غزة، وشبه انتشار لقوة أمريكية في العراق إلى آخر تلك السلسلة المعقدة التي حددت وضع المنطقة أمام مشهد خطير، ولذلك ما يخص البلدين معروف ومتفق عليه، لكن الشئون العربية لا يمكن الانسحاب منها أو تركها لتفاعلاتها الذاتية.
وأضافت تحت عنوان "السعودية.. ومصر.. مبدأ تحديد المصير" فالفوضى السورية - العراقية - اليمنية تهدد أمن دول مجلس التعاون الخليجي إذا ما عرفنا أن إدارة تلك العمليات تجري باتفاق أمريكي - غربي - إيراني - تركي، وفوضى ليبيا ذات الحدود الكبيرة مع مصر فتحت الباب لتهريب السلاح والمخربين لاستنزاف مصر وبتحالف إخواني، قاعدي أخذ العديد من المسميات.
وتابعت أنه "في الحالات هذه ليس المطلوب تحصين ذاتك فقط، وإنما قراءة ما يرسم لأدوار قادمة، بعضها كشف، والآخر لا يزال ضمن الملفات السرية التي تعدها الدوائر الخاصة، وهنا كان لابد من موازنة الأحداث في الداخل والخارج".

وقالت "هنا كان لابد من بناء اقتصاد ناجح بين البلدين بما فيه وجود القوى العاملة البشرية المصرية في دول الخليج العربي، واستمرار الاستثمارات، وتخطي عقبات الماضي بسن قوانين مرنة، ليس حاجة طارئة وإنما تفعيل استراتيجي يرفع مستويات الدخل الوطني، والاعتماد على الذات، وهو ما تسعى إليه هذه الدول التي تملك التكامل والتماثل في العديد من المشاريع، ولتفويت استعمال أي سلاح تستخدمه الدول المعادية حتى لا نكون رهينة ضغوطها لتمرير أهدافها".

وفي هذا السياق تفاعلت النخب السياسية والاقتصادية، والخبراء والمحللون الاستراتيجيون مع هذه الزيارة، مؤكدين أنها تكتسب أهمية بالغة الحساسية، خصوصا في ظل الأوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة، الأمر الذي يتطلب المزيد من التنسيق بين الرياض والقاهرة.
وأوضح سفير المملكة لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية وعميد السلك الدبلوماسي العربي السفير أحمد قطان في تصريحات ل(عكاظ)، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم للمملكة تأتي في توقيت حساس وهام للغاية نظرا لما تمر به المنطقة العربية من أحداث جسام.
وقال السفير قطان إن الإرهاب أصبح يلتهم الأخضر واليابس، وقد نبه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا الخطر منذ سنوات عديدة، وأكد مرارا أن تعاون دول العالم بأسره من خلال المركز الدولي لمكافحة الإرهاب هو الأساس للوقوف ضد هذا الخطر المحدق بنا والقضاء على من يعبثون بأمن المنطقة والعالم.
وأضاف قطان، أن هذا الأمر سيكون محل بحث بين القيادتين في اجتماع اليوم، مؤكدا أن مبادرات خادم الحرمين الشريفين لدرء خطر الإرهاب من جذوره، ما تزال البوصلة التي يتم من خلالها مواجهة الإرهاب.

وقال إن القيادتين ستتطرق إلى ما تعانيه منطقتنا العربية من أزمات، بدءا بما يحدث في غزة وما تتعرض له الكثير من الدول العربية من خطر الإرهاب، مشددا على أنه آن الآوان لعودة الاستقرار والأمن للمنطقة العربية التي لا يراد لها الخير من أعدائها حتى تنهض من كبوتها بدلا من حالة الاقتتال التي تجتاحها، وهذا ما نبه إليه خادم الحرمين الشريفين مرات عديدة.

وأضاف السفير قطان "أنا على ثقة كبيرة من أن حكمة القيادتين وبعد نظرهما وعلمهما بالأخطار التي تحدق بالمنطقة، ستمكنهما من إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة العربية، كما أن العلاقات الثنائية بين البلدين ستأخذ حيزا من المباحثات بين القيادتين واستعراض ما تم منذ اللقاء الأول التاريخي في الثالث من يوليو الماضي، ومن ضمنها مبادرة خادم الحرمين الشريفين بعقد مؤتمر لتنمية مصر".

واعتبر السفير قطان، زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنها تأتي حرصا من القيادة المصرية على زيارة المملكة ولقاء خادم الحرمين الشريفين تقديرا لمواقفه التاريخية تجاه مصر بعد ثورة 30 يونيو.
ويرى السفير قطان، أن هذه الزيارة سوف يكون لها أبعاد كثيرة ونتائج إيجابية على مستوى العلاقات الثنائية ومستوى الأمن في المنطقة العربية.

وفي ذات السياق، أكد رئيس وزراء مصر السابق الدكتور حازم الببلاوي لصحيفة (الوطن) السعودية أن هذه الزيارة مهمة للغاية في ظل مواقف المملكة الأخيرة من الثورة المصرية، مشيرا إلى أن السعودية كانت وما تزال داعما اقتصاديا قويا لمصر، الأمر الذي سيأتي بمردود إيجابي في ظل الظروف الحالية التي تعيشها مصر.

ومن جانبه، قال رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عبدالعزيز حجازي، إن "السعودية" من الدول التي وقفت وقفة صادقة مع مصر، وإن زيارة الرئيس السيسي للمملكة تستهدف استعراض الموقف العربي بأكمله، وما يحدث في عدد من الدول العربية، لاسيما أن مصر والسعودية تعدان مسئولتين عما يدور في المنطقة، باعتبارهما قوة كبيرة، فضلا عن أن المملكة دعت إلى عقد مؤتمر المانحين لمصر، الذي تغير اسمه إلى مؤتمر الاستثمار والتنمية، مما يوفر مظلة قوية لدفع اﻻقتصاد المصري، وتشجيع اﻻستثمار العربي والدولي داخل مصر.

بدوره، أكد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي أن "قمة جدة" بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس السيسي، لن تتطرق إلى مناقشة فكرة إرسال قوات مصرية إلى السعودية للتصدي لتهديدات تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش"، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن القاهرة تتبع سياسة واضحة تجاه أمن الدول العربية والخليجية تحديدا، وهى سياسة تتلخص في تدخلها الفوري لحماية جيرانها، وأنه في حالة تعرض أي دولة عربية، وخاصة الدول الخليجية، فإن القاهرة سوف تتدخل لحماية جيرانها.
وقال إن القمة ستركز في الأساس على الوضع الاستراتيجي بصفة عامة، والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، فضلا عن سبل مواجهة تلك الأخطار، لكنها لن تتطرق بصورة مباشرة إلى الحديث حول إرسال قوات مصرية إلى المملكة.

فيما قال الدكتور عبد العزيز حجازي، رئيس وزراء مصر الأسبق: لصحيفة (الجزيرة) السعودية إن زيارة السيسي للمملكة لها عدة أهداف أبرزها توجيه الشكر لخادم الحرمين والمملكة على الموقف الداعم والوقفة الصادقة مع مصر في محنتها، وأضاف أنه سيتم خلال الزيارة استعراض الموقف العربي بأكمله، وما يحدث في عدد من الدول العربية، لاسيما أن مصر تعد مسئولة عما يدور في المنطقة، باعتبارها قوة كبيرة، كما أن السعودية حليف أساسي وشريك في كل القضايا.

أما السفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، فقال: إن زيارة الرئيس السيسي إلى السعودية، ستشهد مناقشة العديد من الموضوعات المهمة التي سيتناولها السيسي مع خادم الحرمين، خاصة في ظل الأوضاع التي تشهد أزمات متعددة على الصعيد العربي والإقليمي.

وعد فهمي أن المنطقة تمر بظروف صعبة، وبالتالي فإن هذه الزيارة ستتطرق إلى هذه الملفات الساخنة في الوطن العربي، خاصة الوضع الفلسطيني، والعدوان الأخير على قطاع غزة، والأوضاع الراهنة في ليبيا، وتهديد تنظيم داعش لدول المنطقة.
وأوضح فهمي، أن زيارة السيسي للمملكة والزيارة التي قام بها خادم الحرمين لمصر تأتيان في إطار تأكيد الدعم السعودي والخليجي لمصر في مسيرتها الحالية.
فيما أكد المهندس حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان المصري الأسبق، أهمية زيارة الرئيس السيسي للمملكة، مشيرا إلى دور مصر والسعودية في توحيد الأمة العربية، مؤكدا أن الزيارة لها أهميتها في ظل ما تتعرض له المنطقة من أزمات.

وأضاف أن العرب يعيشون في محنة، وما يحدث في العراق وسوريا وليبيا والسودان وفلسطين يتطلب دورا كبيرا لمصر والسعودية من أجل إحداث وحدة عربية وتحقيق التكامل بين الدول العربية لمواجهة الأخطار التي تحدق بها.

ويرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارة الرئيس السيسي للسعودية تأتي لتعميق العلاقات مع المملكة ومجلس التعاون الخليجي وبناء تحالف قوي بين الجانبين لمواجهة أزمات المنطقة، مضيفا أن مصر تعيد التأكيد على أن أمنها القومي يمتد من مصر إلى دول الخليج. وأضاف أن مصر تسعى لبناء سياسة خارجية جديدة بعد 30 يونيو، مشيرا إلى أن الخارجية المصرية تسعى إلى تحسين العلاقات مع دول الجوار وبعض الدول التي قطعت علاقتها مع مصر، مشيرا إلى أن زيارة السيسي للمملكة وزيارة خادم الحرمين لمصر تؤكد قوة ومتانة العلاقات المصرية السعودية في كافة المجالات.
من جانبهم، أكد عدد من رجال المال والأعمال في مكة المكرمة لصحيفة (عكاظ) أن توجه رأس المال السعودي والخليجي إلى السوق المصرية سيكون له مردود عال في المستقبل، ولاسيما بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده مصر.

وقال عضو مجلس الغرفة التجارية في مكة المكرمة سعد بن جميل القرشي "إن الاستثمار في مصر بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي جيد وله مستقبل واعد، والغرفة التجارية في مكة المكرمة شكلت وفدا من رجال الأعمال لزيارة مصر، لدراسة الفرص الاستثمارية مع الأشقاء في مصر، والعمل على تسهيل كل العقبات التي من الممكن أن تواجه المستثمرين هناك". وأضاف القرشي أن الاستثمار في مصر مشجع لعدة عوامل رئيسية، منها على سبيل المثال قرب مصر من المملكة، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تشهده مصر حاليا.

وقال عضو مجلس الغرفة التجارية في مكة المكرمة زياد فارسي "إن توجه رأس المال السعودي والخليجي إلى السوق المصرية أمر بالغ الأهمية ومهم جدا، وله مردود إيجابي وعال مستقبلا للمستثمرين في السوق المصرية". وأضاف: أن مصر مقبلة على سياحة فاعلة في قادم الأيام، وبالتالي فإن توجه رأس المال السعودي والخليجي إلى السوق المصرية في كل المجالات التي أعلن عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي له مردود إيجابي عال لكل المستثمرين، ولاسيما أن مصر تعيش حاليا استقرارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وتحت عنوان "المملكة ومصر: منع انهيار المنطقة" أشار رئيس تحرير (عكاظ) هاشم عبده هاشم في مقال له إلى أنه بالرغم من أهمية التركيز على تعزيز أوجه التعاون بين المملكة ومصر.. وبالذات في هذا الوقت الذي تمر فيه الشقيقة الكبرى بإعادة بناء الدولة المصرية من جديد إلا أنه لابد من إدراك أن الوضع بالمنطقة خطير للغاية ويفرض نفسه وبقوة على جدول أعمال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمملكة اليوم.

ونوه بأن الأحداث والتطورات «الضاغطة» التي تمر على المنطقة.. دولا وشعوبا تفرض درجة أعلى من التشاور والتفاهم والتعاون بين القاهرة والرياض لمنع وصول المنطقة إلى حالة الانهيار بالكامل.. والحيلولة دون حدوث أي تطورات جديدة قد تعقد الأمور أكثر مما وصلت إليه حتى الآن.

وأكد أن ما قام ويقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي من أعمال مضنية وجهود شاقة في سبيل إعادة بناء الدولة المصرية يؤكد أن مصر تتعافى.. وأن مسئولية الأشقاء العرب للوقوف إلى جانبها تتعاظم.. وأن مصلحة الجميع دولا وشعوبا تفرض على الكل أن يضع يده في يد مؤسسة الحكم المصرية.. ليس فقط من أجل مصر قوية.. وإنما من أجل منطقة عربية أقل مخاطر.. وأكثر توجها نحو التنمية والبناء.