الزواج

أثار مقترح بعض أعضاء مجلس النواب بتخفيض سن الزواج إلى 16 عاما بدلًا من 18 عامًا حالة من الجدل، حيث تعددت وجهات النظر والآراء التي تُفند الاقتراح، تارة بالرفض التام أو بالموافقة على طرحه وتطبيقه تارة أخرى.

وقال محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الدين الإسلامي لم يُحدد سن بعينها للزواج في القرآن أو في السُنة النبوية أو حتى إجماع من الصحابة على سن مُحددة للزواج، وبالتالي الأمر اجتهادي، مبني على اعتبارات مُعينة، مُتعلقة بالزمان والمكان وحال الناس.

وأضاف الشحات "إذا كانت المصلحة تقتضي الارتفاع بالسن، فلا مانع من ذلك، وكذا بالنسبة لتخفيض سن الزواج، لأن هذه قضية اجتهادية تتعلق بمصلحة المُجتمع، وبالنظر إلي الحالة الحاضرة، أرى أن الأصل يكون سن الزواج 18 للولد والبنت، لأنه من المهم جدًا أن تكمل البنت تعليمها، مثل الولد، لإتمام المرحلة الثانوية".

وتابع عضو مجمع البحوث الإسلامية، "الزواج مسؤولية وليس فقط علاقة عاطفية ومعاشرة زوجية، وكل ما كان سن الزواج صغيرًا تحدث مُشكلات أخرى تُترجمها أرقام حالات الطلاق في الفترات الأخيرة، ولابد أن تكون الفتاة في سن الزواج صاحبة عقل ورؤية حتى تنشئ أطفالها علي خُلق قويم مبنية على تحمل المسؤولية".

وواصل الشحات، "قد يقول قائل إن بعض المناطق النائية وفي الصعيد تكون الظروف مُختلفة عن المُدن، وهُنا لا مانع أن يُترك الأمر للقاضي "قاضي الأمور الوقتية" إذا عُرض عليه الأمر ورأى ظروف البيئة أنسب للبنت أن تتزوج في السادسة عشرة فلا مانع في مثل هذه الحالة بترخيص، وليس بنص قانوني قاطع، مع عدم إغفال أن النظرة العالمية ترى أن سن الطفولة 18 سنة.

وأكد الدكتور أيمن أبو النور، استشاري النساء والتوليد، أن سن الزواج المناسب لابد ألا يقل عن 18 سنة، لأسباب طبية عدة، علي رأسها، أن الفتاة تكتسب أكثر كمية عظام عند سن 18 لـ23 سنة، وأنه في حالة زواج الفتاة في سن أقل من 18 سنة سوف تتأثر في مرحلة الرضاعة والحمل بشكل سلبي، بالإضافة إلى أن ما دون سن 18 يعانون من نقص فيتامين "د".

وأكمل أبو النور "في سن 16 عامًا تكون الفتاة لم تكتسب الطول المناسب بعد، والحوض لم يصل إلى الحجم الكافي، وإذا حدث الحمل قبل 18 سنة، سيصبح هناك مشاكل وزيادة في أمراض ضغط الدم ومضاعفات أكثر الحمل في حالة حدوثه، كما أن فرصة وفاة الطفل بعد الولادة أعلى لم هم دون السن القانونية، ما يُسبب ضغوطا طبية أكبر على الفتاة في هذا السن الصغيرة، لذا يُستحسن أن يكون الزواج بعد سن 18 عامًا".

ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأميركية، أن أعضاء مجلس النواب دائمًا ما يسعون إلى إثارة الرأي العام من خلال مقترحات جنسية كالزواج والطلاق وغيرهما، وأنه في حالة اقتراح مثل تخفيض سن الزواج، لم يراع أعضاء المجلس قضية مهمة، كقضية الانفجار السُكاني، خاصة أن هذا الاقتراح يُساهم في تفاقم المُشكلة وليس حلها، حتى وإن كان الهدف منه القضاء على حالات الزواج غير القانونية في الأرياف.

وأضاف أستاذ علم الاجتماع "لابد من دراسة مثل تلك الاقتراحات جيدًا قبل طرحها علي الرأي العام وفي وسائل الإعلام، خاصة أنها تضُر بمصلحة المُجتمع"، مؤكدًا أن الفتاة قبل سن 18 عاما، لا تكون على استعداد نفسي لتحمل المسؤولية، بداية من الحمل ووصلًا بتربية الأطفال، وهو ما يُسهم بدورة في خلق أجيال مليئة بالسلوكيات الخاطئة، وبالتالي زيادة ثقافة التخلف المُجتمعي في مصر.