صراخ الأطفال

"طوله لا يتجاوز النصف متر، ولا يستطيع بعد تكوين جمل مفيدة، ومع هذا يمتلك حنجرة قوية كفيلة برفع ضغط دمك وإثارة أعصابك!"

كانت هذه شكوي معظم صديقاتي من أطفالهن حينما جلس ابن إحدهن يصرخ بشكل متواصل دون سبب محدد طوال فترة جلوسنا سوياً!! إننا عادة نتوقع البكاء والصراخ من الأطفال الرضع، لكنه يبدو شيئاً مزعجاً حقاً أن يكبرالطفل دون أن يتجاوز مرحلة الصراخ هذه...

فما الذى يمكنك أن تفعليه حيال ذلك؟ هذا السؤال سنحاول اﻹجابة عنه بخطوات بسيطة في هذا المقال

    فتشى عن سبب الصراخ: "التعب، الألم، المرض، الجوع، العطش، الملل، الضيق والغضب، الازدحام، القيام بشيء لا يحبه، الشعور بالحر أو البرد".. هى بعض الأسباب التى يمكن أن تدفع الطفل إلى الصراخ، راقبى سلوكه عن قرب ووجهى له أسئلة محددة تساعدك فى العثور على السبب الحقيقى، مثل: "هل تشعر بالجوع؟ هل تريد أن تنام؟ هل تشعر بالبرد؟... إلخ".
    ابقى هادئة: وبذلك سيتبنى طفلك نبرة صوتك التى ستصبح مع الوقت مهدئة له، والتى ربما تدفع به إلى التوقف عن الصراخ فقط حتى يسمعك. أما انفجارك فى الصياح والصراخ سيزيد الموقف سوءاً، لذلك عليك أن تعتادي التحدث بهدوء فى حياتك اليومية، حتى عندما تشعرين بالضيق لأن طفلك يقلدك.

    أظهرى تفهمك واحترامك لمشاعر طفلك: الطفل الغاضب لا يستطيع أن يتفهم أسبابك المنطقية وتطميناتك وتحذيراتك، ولا أن يتجاوب مع محاولاتك للتشتيت، حتى يتأكد أولاً أنكِ تتفهمين مشاعره وتحترمينها،.. كيف تقومين بذلك؟ انتقلى فوراً إلى النصيحة التالية.

    تحدثى بطريقة درامية: استخدمى الكثير من الإيماءات وتعبيرات الوجه المبالغ فيها، تحدثى بنبرة صوت حانية مستخدمة عبارات قصيرة مكررة، لا تتعجبى من احتياجك إلى تكرار كلماتك أربع أو خمس مرات وربما أكثر، قبل أن يبدأ طفلك فى الانتباه إليكِ وإدراك أنكِ تفهمينه، يمكنك أن تقولى مثلاً: "تريد أحمر الشفاه؟ أنت تلون به؟ أنت تحب التلوين؟ تريد أحمر الشفاه؟ أنت تريده الآاااااان، الآااااااان؟".. ستعلمين أنكِ تحرزين تقدماً عندما ينظر فجأة إلى أعلى كأنه يفكر فيما تقولين، وحينئذٍ لا تتوقفى بل استمرى فى الكلام، واحرصى على أن تنزلى إلى مستوى نظره وأنتِ تحدثينه، وأن يكون ذلك فى مكان هادئ بعيد عن المُشتتات وعن المكان الذى أثار غضبه.

    اعقدى مع طفلك هدنة: لا بغرض العقاب، لكن لتستعيدا هدوءكما، اخبرى طفلك بالمكان الذى عليه أن يجلس فيه خلال الهدنة، مراعية ألا يكون مخيفاً له، وبالمدة التى سوف تستغرقها تلك الهدنة والتى عادة ما تُقدر بالدقائق بعدد سنوات عمر الطفل، فمثلاً الهدنة لطفل عمره ثلاث سنوات تكون ثلاث دقائق، إذا ترك المكان المحدد وأخذ يصرخ أو يجرى فى المنزل، أعيديه إلى الهدنة وابدأى حساب الوقت من جديد، أما إن بقى فى مكانه فتجاهليه حتى ينتهى الوقت ثم قبليه واحتضنيه، وأثنى على التزامه، وذكريه بالسبب الذى عقدتما من أجله هذه الهدنة طالبة منه الاعتذار.
    علمى طفلك التعبير عن مشاعره واحتياجاته: بعد انتهاء الهدنة، عبرى لطفلك عن حبك له، واطلبى منه أن يخبرك فى هدوء بما كان يريد أن يقوله، ساعديه بالكلمات التى يمكنه التعبير بها عن نفسه بديلاً عن الصراخ.
    شتتيه عن الصراخ: اعطيه شيئاً جذاباً كلعبة أو طعام يحبه، أو دعيه يشاهد فى التليفزيون برنامجاً أو فيلماً للأطفال، أو ادعيه للقيام بشيء يحبه كالتلوين أو الرسم أو مشاركتك فى عمل من أعمال المنزل... إلخ.
    تقبلى المساعدة: مثلاً أن يأخذ زوجك طفلكما بعيداً عنك فى الهواء الطلق.

    اتفقى مع البائع: لو كنتم فى متجر وكان طفلك يصرخ لأنه متمسك بلعبة، فدعيه يلعب بها بعض الوقت، ثم وأنتِ تحاسبين على مشترياتك اطلبى منه أن يعطى اللعبة لموظف الخزينة ليرى سعرها، واعطى إشارة للموظف أنكِ لا تريدينها، وسوف يتعاون معكِ، وقتها ربما يكون طفلك قد نسى اللعبة، أو قد تحتفظين معكِ بلعبة تقدمينها له كبديل، أو قد تجدين أن الحل الأمثل هو أن تحملى طفلك خارج المحل، أهم شيء ألا تكافئى صراخه هذا بالاستسلام لرغبته فى الحصول على اللعبة.
    احتفظى بألعاب معكِ عند الخروج من المنزل: اختارى بعض الألعاب التى يحبها طفلك، وضعيها فى حقيبة بحيث تكون جاهزة دائماً، ولا تضيعين وقتاً فى تحضيرها قبل كل مرة تستعدين فيها للخروج، استنجدى بهذه الألعاب عند اللزوم!

    تجاهلى صراخه: فقط تأكدى أن طفلك فى مكان آمن واتركيه وواصلى ما كنتِ تفعلينه، ربما يفعل ذلك من أجل جذب الانتباه وسوف يتوقف إن وجد أنه فشل فى ذلك بصراخه، بشرط أن تثبتى على هذا الأسلوب، أما إن كان هناك سبب للصراخ كالجوع أو التعب أو الضيق أو... إلخ، فعليكِ أن تتعاملى مع السبب، وستكونين محظوظة إن تعب طفلك من الصراخ وخلد إلى النوم.
    وأخيراً وليس بأخر، اشغلى طفلك بأنشطة كثيرة متنوعة حتى تقللى من لجوئه إلى الصراخ والبكاء، فالوقاية خير من العلاج. من المفيد جداً أن يكون لديكِ الكثير من الحيل التى تختارين منها ما يناسب الموقف، لأن الأسلوب الذى يصلح فى موقف ما قد لا يصلح فى غيره، والأسلوب الذى يصلح فى المنزل قد لا يصلح خارجه، ولا تقلقى عزيزتى الأم، فقد استطاعت والدتك أن تتجاوز كل نوبات غضبك وصراخك وأنتِ طفلة!