علماء يدرسون تخزين الذكريات عند البشر

تقترب سيناريوهات الخيال العلمي التي ألّفها الكُتّاب من أن تبقى حقيقة، فقد كشفت جريدة "ديلي ميل" البريطانية عن وصول بعض الباحثين إلى إمكانية نقل الذكريات بين الحيوانات مما قد يساعد العلماء في الكشف عن كيفية تخزين الذكريات عند البشر، مشيرة إلى أن علماء الأعصاب استطاعوا نقل الذاكرة من حيوان إلى آخر، وكانت تلك الذاكرة التي تم نقلها هي تعرّض حيوان بزاق البحر إلى صدمة كهربائية لمدة يومين، حيث قاموا بنقل مادة من أدمغت بزاق البحر التي تعرّضت لتلك الصدمة إلى نظائرهم التي لم تُصدم أبدًا في حياتهم، واكتشفوا تفاعل الأخيرة بنفس الطريقة خلال لمس السلك المكهرب.

ويحذّر الخبراء من دراسات سابقة مشابهة يمكن أن تعمل على حجب الذكريات غير المرغوب فيها، فيما تشير النتائج إلى أن الذكريات يمكن نقلها جسديًا عن طريق الحقن، ووفقا لنتائج أخري من تجارب مماثلة أجريت في الستينات من القرن الماضي فإن هذا قد يؤدي إلى اكتشاف وصنع "أقراص الذاكرة" في المستقبل، وفي حين يحذّر الخبراء من دراسات سابقة مشابهة، حيث يقول مؤلفو آخر النتائج، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن تلك النتائج قد تقود إلى علاج يعمل على حجب الذكريات غير المرغوب فيها - تمامًا كما هو الحال في فيلم "Sunlight of the Spotless Mind ".

وأشارت الدراسة، التي أجراها البروفيسور ديفيد جلانزمان في جامعة كاليفورنيا، إلى أن نتائجها تقدّم دليلًا مثيرًا لفكرة أن الذاكرة يمكن تخزينها في حمض ريبونوكلييك، وهو الحمض النووي الذي يُستخدم لنسخ ونقل جيناتنا، حيث قال "تشير نتائجنا إلى أنه يمكن استخدام هذه النتائج لتعديل، أو تعزيز أو تقليل تلك الذكريات، ظهرت فكرة تبادل الذكريات بين العقول أول مرة عام 1960، بعد التجارب التي قام بها جيمس ماكونيل، الذي درّب الديدان المسطحة للسيطرة على ومضات من الضوء من خلال الصدمات الكهربائية، وقام بعد ذلك بتقطيع هذه الديدان وإطعامها إلى ديدان أخرى، والتي أظهرت نفس الخوف من الضوء".

هناك حاجه إلى مزيد من التجارب بشأن وصلاتها الدماغية

وأوضحت تجارب أخرى أن الفئران غير المُدرّبة إذا تم حقنها بجرعات من الحمض النووي من فئران مدربة يمكن أن تسلك سبيلها بين المتاهات أفضل من غيرها، وألغت تلك النتائج النظرة التقليدية بأن الذاكرة كانت تُنقل فقط في وصلات، أو مشابك، بين خلايا الدماغ، والتي بدلا من ذلك يمكن تخزينها في الحمض النووي، مما يؤكد الحاجة إلى مزيد من التجارب بشأن حيوانات كثيرة مثل الإخطبوط والقطط.

ويقول البروفيسور جورج كيمنس، الذي أجرى أبحاثًا مماثلة في جامعة ساسيكس، إن "أبحاث نقل الذاكرة كانت مثيرة للجدل في الماضي لأن بعض النتائج التي شوهدت في الحيوانات لا يمكن تكرارها، لكن هذه الدراسة القوية، التي يقوم بها خبراء لديهم معرفة واسعة بالأدمغة والجهاز العصبي لبزاق البحر، مقنعة للغاية، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور أنواع جديدة من العلاج للقضاء على الذكريات المتعلقة بمتلازمة الإجهاد اللاحق للصدمة لدى الناس أو للتخفيف من فقدان الذاكرة الناجم عن الخرف، ولكن قد يكون هذا بعيدًا جدًا، وقد يتم نقل الذكريات وفقا للدراسة، التي نشرت في مجلة اي نيورو، من خلال الرنا الدقيقة.

كان هذا الحمض النووي الريبي الصغير قد تم استبعاده في السابق على أنه "غير مرغوب فيه" لأنه لا يلعب نفس الدور الذي يلعبه الرنا الذي يستخدم في النسخ وحمل الشفرة الوراثية، ولقد تعلم البزاق البحر الخائف سحب خياشيمهم إلى جسدهم استجابة لصدمة كهربائية، ثم تمت إزالة الخلايا من أدمغتهم وغزلها بسرعة في جهاز للطرد المركزي لاستخراج الحمض النووي الريبي، أما الرخويات غير المُدرّبة، التي كان من المفترض ألا تكون خائفة من الأسلاك الكهربائية، فقد قامت أيضا بسحب الخياشيم بعد أن تم حقنها بالرنا من الرخويات الخائفة.