أبوظبي- مصر اليوم
شهد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الثلاثاء، المحاضرة التي ألقاها العقيد كريس هادفيلد رائد فضاء سابق والقائد السابق للمحطة الفضائية الدولية تحت عنوان "الرحلات الفضائية البشرية"، وذلك في إطار برنامج المحاضرات والأمسيات الفكرية الرمضانية التي ينظمها مجلس ولي عهد أبوظبي في قصر البطين في أبوظبي.
وحضر المحاضرة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية والشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي والشيخ عمر بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى الدولة.
وتناول المحاضر 5 محاور رئيسية تطرقت إلى إدارة الأزمات وكيفية الاستعداد والتحضير للأزمات والقيادة وإعداد الفرق الدولية وقيادتها ووجهة نظر هادفيلد تجاه كوكب الأرض وما الذي يعنيه الكوكب بالنسبة إليه وإلينا جميعا واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدام التكنولوجيات لإطلاع الآخرين على التجارب الإنسانية وضرورة القيام بذلك وتحقيق الأحلام وكيفية السعي وراء تحقيق حلم مستحيل والاستمتاع بالحياة كل يوم في الوقت ذاته.
وأكد هادفيلد أن الإمارات لديها البنية التحتية والإمكانات والقدرات التي تؤهلها لدخول واقتحام عالم الفضاء بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء التي أعلنتها عنها قيادة الدولة مؤخراً من خلال مشروعي « الياه سات للاتصالات الفضائية» و« دبي سات أول قمر صناعي للاستشعار عن بعد للدولة» مشيرًا إلى أن مشروع الإمارات الفضائي فرصة عظيمة وسيحدث تأثيرًا كبيرًا على الأجيال في المستقبل ويؤدي إلى دخول الإمارات بقوة إلى صناعة الفضاء مهنأ قيادة الإمارات على إطلاق هذا المشروع الحيوي والطموح.
وأوضح أنّ الفرصة متاحة أمام الإمارات لتحقيق ذلك من خلال وضع الأسس السليمة لهذا المشروع وأنه من خلال رؤيته لإطلاق وكالة فضاء إمارتيه يجب تأسيس العمل وإعداد جيل المستقبل للعمل في هذا المشروع وإجراء البحوث العلمية في مجال الهندسة لأنها الأساس والجوهر في عالم صناعة الفضاء.
وبين هادفيلد، أن دور الجامعات وقطاع الأعمال في الإمارات مهم جدا لإنجاح مشروع وكالة الإمارات للفضاء من خلال إجراء الأبحاث والتحارب للقيام بابتكارات واختراعات تساهم في دخول الإمارات إلى عالم الفضاء مشيرا إلى أنه يمكن للإمارات الاستفادة من تجربة بلاده في هذا المضمار والتي كانت ثالث دولة تقتحم عالم الفضاء من خلال قيام الجامعات وقطاع الأعمال في بلاده ابتكار تليسكوب ذي هوائيات يدور في الفضاء 100 مرة من إنتاج شركة «اسبار » والذي يفوق منظار "هابل" الكبير المعروف وتمكن كندا من بناء الذراع الروبوتية التي ترفع أوزانا ثقيلة جدا بتقنيات وبرمجيات كندية بالكامل وتستخدم في المحطة الفضائية الدولية الأمر الذي مهد وسهل لدخول بلاده عصر الفضاء ويمكن للإمارات أن تستفيد من تجربة بلاده في دخول عالم الفضاء وإنشاء محطة فضاء إماراتية مشيرا إلى أنه على الرغم من أن هذا الروبوت فضائي إلى أن تم استخدامه على الأرض في إجراء علميات المخ في مستشفيات كندا.
وتابع المحاضر، "إنكم إذا ذهبتم خلال اليوم إلى الفضاء ستكونون خلال ساعات قليلة خارج الأرض وهذا ما حدث لي خلال ثلاث مرات على متن سفينتي فضاء أميركيتين« المكوك اتلانتس وانديفر» ومرة على الكبسولة الفضائية الروسية سيوز"، مشيرًا إلى أن أول رحلة له إلى الفضاء كانت في العام 1995 على متن مكوك الفضاء "اتلانتيس" من مركز كيندي للفضاء في الولايات المتحدة الأميركية.
ولفت إلى أنه بعد أعوام من التحضير لرحلته قام من النوم في يوم الانطلاق وذهب إلى الحافلة التي ستقله إلى مقر الانطلاق وشاهد طائرات تدور في المطار وسيارات شرطة ترافقه ورأى أمامه سفينة الفضاء "اتلانتيس" محاطة بالأنوار كايقونة موجودة من الرموز ووجدها تكبر وتكبر كلما اقترب من منصة الإطلاق والجميع يبعدون عن السفينة استعدادا لإطلاقها لأنه هناك قنبلة بزنة 4,5 ملايين رطل ستقله إلى الفضاء مشيرا إلى أنه صعد بالمصعد مسافة تقدر بعشرين طابقا وانتقل مع باقي فريق العمل إلى حافلة الفضاء وهو المكوك الذي يحمله إلى الفضاء ومرتديًا البذلة الثمينة وبدا له كل شيء مشوشًا.
وذكر المحاضر، أن مكوك الفضاء هي أكبر آله اخترعت يمكن أن تطير على الإطلاق يبلغ وزنها 28 ألف كيلو وعليها 500 زر موجودة بقمرة القيادة ويصعب على من بداخلها أن لا يصطدم بالمحولات الموجودة بداخلها لأنه قد يتعرض للموت وينقلك رائد فضاء إلى موقعك ومن ثم تربط حزام الأمان وبعد عقود من التدريب أصبح على متن السفينة مرتديا بذلة الفضاء وتذكر هنا شيئا ثمينا قالته له زوجته وهو "أحبك لا تموت"، مشيرًا إلى أنه تذكر رائد فضاء لم يذهب معهم في الرحلة لذا أخذ اللوحة المثبت عليه اسمه وثبتها على جدار السفينة حتى نشعر أنه معنا في السفينة.
وأشار إلى أنه بعد أن جلس في السفينة تذكر كل الأمور التي تدرب عليها وراجعها وكان هناك بعض الوقت وأخذ قيلولة حتى وصلنا إلى قبل موعد الإطلاق بخمسة دقائق وأزاح قائد المركبة الموجود في مقدمة السفينة ثلاث رافعات من أجل الدفع بالهيدروليك حتى بدت السفينة وكأنك دفعت دما في شرايينها ليصبح كل شيء حيا أمامك.
ونوه إلى أنه قبل 3 دقائق ونصف من الإطلاق بدأت السفينة في الترنح وكأنك على ظهر وحش ضخم وتصبح السفينة جاهزة تماما للإطلاق وقبل 15 ثانية قبل الإطلاق وبعد 26 عاما من الدراسة والتدريب من أجل هذه اللحظة لم يتبق أمامي سوى هذه المدة البسيطة للإطلاق لتنطلق أعلى مما نتوقع وبقوة 80 مليون حصان وتنطلق وتترك وراءها طيفا من الطاقة وقوة هائلة وهذه الطريقة الوحيدة التي تدفعنا إلى الفضاء وخلال 45 ثانية تمر بحالة ذبذبات كبيرة جدا وخلال 70 ثانية يكون المكوك أسرع من طائرة الكونكورد وأي طائرة أخرى.
وتابع بعد دقيقتين من الانطلاق تفرغ الصواريخ وتنتهي وتسقط في المحيط ولم يبق سوى 3 محركات لضخ السائل المستخدم كوقود وتصبح الأمور أكثر صعوبة في التنفس وتبدو المركبة وكأنها ستنشق وفي نهاية المطاف وبعد ثمانية دقائق و42 ثانية يصبح المكوك بالسرعة المناسبة في الطريق الصحيح وتنطفئ المحركات ويصبح من عليها بلا وزن قائلاً للحضور "أنصحكم أن تأخذوا إحدى هذه الرحلات".
وبين هادفيلد، إنه عندما فكر أن يصبح رائد فضاء كان في التاسعة من عمره وكان يتدرب على جهاز محاكاة ولم يكن في كندا وكالة فضاء ولكنه وجد تشجيعا وإلهاما من أشخاص آخرين من خلال مشاهدته لأول شخصين يسيران في الفضاء قبل 45 عاما وكانت تلك لحظة إلهام بالنسبة له.
وأشار إلى أنه في نهاية المطاف أنشأت كندا وكالة فضاء وأتاح ذلك له أن يكون رئيسا لمحطة الفضائية الدولية العام الماضي والتي تعد رمزا هائلاً لخدمة الأبحاث العلمية وتقدم هدفا رمزيا لجميع الشباب في أنحاء العالم لدخول عالم الفضاء وهى رمز للدول والشعوب التي تريد أن تفعل شيئا عندما تقوم بالشيء الصحيح .
وأكد أن، "المحطة الفضائية الدولية تخدم الكثير من الأغراض وهى عبارة عن مختبر دون جاذبية وأجرينا 200 تجربة على متنها لتفهم أصول الكون وتاريخ التغيرات وصحة العالم" مشيرًا إلى أن طاقم المحطة يضم أشخاصا من كل أنحاء العالم ومن ديانات وثقافات مختلفة تدربوا لمدة 20 عاما ليصبحوا رواد فضاء ولكي يقودوا مركبات الفضاء.
وأشار إلى أنه خلال المحطة الفضائية الدولية نتعرف على شروق الشمس وبزوغ القمر في مناطق معينة ونلاحظ حركة الأشخاص الذين يعيشون في مناطق مختلفة والتي تتغير ألوانها من نافذة المحطة وتكون زرقاء عندما نمر فوق المحيط ورمادية فوق الأرض وتأخذ الألوان الحمراء والصفراء والأرجوانية حسب المناطق الأخرى.
وحول متابعة أكثر من مليون شخص له على توتير أكد أنه لم يسع أن يكون في شهرة الفنانين ولاعبي كرة القدم ومقدمي البرامج الترفيهية وأن يكون له مليون متابع ولكن عندما شاهدت أول رائد فضاء يسير في الفضاء تحقق حلمي وتخيل لو لم تكن أميركا بثت وكشفت عن هذا الحدث كاول برنامج تلفزيون واقع في عام 1969 لم أكن لأصبح رائد فضاء وفي الرحلة الثالثة تطورت تقنيات وسائل الاتصال والانترنت بحيث نستطيع التقاط صور جميلة لدبي والإمارات ونرسلها إلى كل أنحاء العالم.
يذكر أنّ العقيد كريس هادفيلد حاصل على البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الهندسة الميكانيكية من الكلية العسكرية الملكية في مدينة كينغستون الكندية سنة 1982 وماجستير في العلوم اختصاص أنظمة الملاحة من جامعتي تينيسي الأميركية عام 1992.
وأطلق عليه لقب أشهر رائد فضاء بعد آرمسترونغ وتبوأ العديد من المناصب الريادية ففي عام 1992 اختارته وكالة الفضاء الكندية بصفة اختصاصي لمهمة بعثة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء "ناسا" فكان بذلك أول عضو في طاقم مكوك فضاء حاصل على المؤهلات الكاملة.