كرواسي سور سين - أ ف ب
صف إيما ماكلسكي يشبه أي صف اخر في المرحلة الابتدائية مع جدران مزينة باعمال التلاميذ، الا ان الاطفال هنا لا ينحنون حاملين الاقلام للكتابة على الدفاتر والكتب المدرسية بل على اجهزة لوحية. ايما معلمة في المدرسة البريطانية في باريس (بي اس بي) وهي مدرسة دولية خاصة في كرواسي سور سين في ضاحية باريس الغربية الراقية التي قررت اعادة هيكلة التدريس ليتمحور على تكنولوجيات جديدة في تجربة رائدة في اوروبا. وقد منح كل تلميذ اكان في الرابعة او الثامنة عشرة وكل مدرس ايضا، جهازا لوحيا في مطلع السنة الدراسية. الا ان الجميع لم يكن مقتنعا بجدوى ذلك. وكان الاهل يخشون ان ينتقل اطفالهم الى شبكات التواصل الاجتماعي ما ان يدير المعلمون ظهورهم، وحملوا الادارة كذلك على منع تصفح الانترنت خلال فترات الاستراحة. وبعد ثلاثة اشهر على اعتماد ذلك اتت النتيجة ايجابية. ففي صف ايما ماكلوسكي يقوم التلاميذ على جهازهم اللوحي بتمارين رياضيات عبر الانترنت. وهم يأتون من دول مختلفة بعضهم يتكلم الانكليزية بصعوبة والبعض الاخر لديه صعوبات في التعلم. وتقول ايما انها لاحظت حماسة اكبر على الدرس منذ اعتماد هذا النظام. وتوضح "عندما يكون لديهم ما يقومون به على الجهاز اللوحي يريدون ان يباشروا العمل فورا. لو كنا لا نزال نعتمد الدفتر لكنا احتجنا الى عشر دقائق لنكتب تاريخ اليوم". ويساهم الجهاز اللوحي في كسب الوقت بشكل مستمر، ففي المنزل مساء، يلتقط تلاميذ المرحلة التكميلية بواسطة الجهاز صورة لقائمة الفروض المنزلية، ويمكنهم ان يقوموا بواجباتهم المدرسية ضمن مجموعة من خلال اتصال فيديو عبر الانترنت برفاقهم. وتقول ميا لوسن (12 عاما) "العام الماضي الكثير من التلاميذ كانوا يضيعون فروضهم التي يقومون بها في المنزل لانه كان لدينا الكثير من الاوراق. امام الان فيمكن ان نطبع على الجهاز اللوحي ونخزن كل شيء". وكانت المدرسة البريطانية هذه، شأنها في ذلك شأن غالبية المدارس الاوروبية، تعمل في بيئة رقمية مع مصادر متزايدة تنهلها من الانترنت. لكن حتى في في مدرسة غنية كهذه كان التلاميذ يمضون ساعتين في الاسبوع فقط امام الحاسوب. وفي هذا الاطار منح كل تلميذ امكانية الوصول الى المصادر المتاحة بحسب وتيرته الخاصة ووفقا لمستواه، وكان هذا امرا بديهيا بالنسبة لمدير المدرسة ستيفن سومر. ويوضح سومر "اطفال اليوم ولدوا مع هذه التكنولوجيا وهذه الحاجة الملحة للتواصل والبحث. ومن الخطأ ان نطلب منهم ان يتعلموا كما كان يحصل في القرن العشرين مع انهم يعيشون بوضوح في عالم مختلف". الكلفة ليست بالزهيدة فقد اضطرت المدرسة الى انفاق 200 الف يورو لاقامة شبكة واي فاي اوسع واكثر امنا علاوة على 500 يورو لكل جهاز لوحي. الا ان المدرسة تعتبر انها ستكسب على المدى المتوسط مع الاقتصاد في استهلاك الورق والحبر الذي كان يكلفها مئة الف يورو سنويا. في البداية فكرت المدرسة بالطلب من الاهل اختيار نوع الجهاز اللوحي الا انه تبين ان العمل على منصات مختلفة قد يكون معقدا. وتم اختيار جهاز "آي باد" من آبل من قبل المدرسة البريطانية بسبب بطاريته التي توفر له ميزة على منافسيه خلال اليوم الدراسي الطويل وبفضل التطبيقات ذات الاهداف التربوية المتوافرة (نحو 20 الفا).