ما يبدو وكأنه مزيج من عصا خشبية ارتدادية وطائرة ورقية ما هو إلا نموذج أولى لطائرة شراعية تعمل عن طريق الإنسان الآلى (الروبوت) فى أعماق البحار من المفترض أن تتحرك ذاتيا على عمق آلاف الأمتار وتنقل بيانات إلى السطح. وقد تم اختبار المركبة الصفراء التجريبية مؤخرا من قبل طلاب فى خزان ماء فى مركز العلوم البيئية البحرية (ماروم) بجامعة بريمن فى ألمانيا. وقال كريستوف وولدمان وهو خبير فى الفيزياء البحرية يشرف على عمل الطلاب فى "ماروم": "ما زلنا لا نعرف إلا القليل جدا عن المحيط.. لكن فى ظل وجود هذه الطائرة الشراعية يمكننا أن نراقب بشكل مباشر بعض الظواهر على مدى فترات طويلة من الزمن". ويتم تطوير الطائرة الشراعية، التى يمكن أن تستخدم كمنصة لسبر الأعماق والسبر الكهرومغناطيسى لقاع البحر وعمليات فحص ظاهرة العمود المائى، بالتعاون مع خبراء فضاء يقدمون المعرفة المستقاة من البحوث التى أجريت حول أداء الطائرة وقدرات الحمولة. ويعد تطوير الطائرة الشراعية جزءا من مشروع يتكلف 30 مليون يورو ويستمر لمدة خمس سنوات ويطلق عليه الاستكشاف الروبوتى فى ظل ظروف قاسية ويعرف اختصارا بـــ"روبيكس". ويعمل بالمشروع، الذى يقع تحت قيادة معهد ألفريد فاجنر الذى يتخذ من مدينة بريمرهافن مقرا له ويعرف أيضا باسم مركز هيلمهولتز للأبحاث القطبية والبحرية، نحو 80 عالما من 15 مؤسسة ألمانية معنية بالبحوث الفضائية والبحرية من اجل التطوير المشترك لتكنولوجيات مرتبطة بأنظمة الروبوت قادرة على القيام بمهمات مستقلة طويلة المدى على سطح القمر وفى أعماق البحار. وتقول المنسقة العلمية للمشروع والفيزيائية فى معهد ألفريد فاجنر مارتينا وايلد، إن خبراء البحار والفضاء لم يتعاونوا كثيرا فى السابق. لكنهم أحيانا ما يتعاملون مع بيئات قاسية إلى حد كبير. وعلى سطح القمر، على سبيل المثال، يجب أن تكون المعدات خفيفة وقادرة على تحمل الإشعاع الكونى فضلا عن التقلبات فى درجات الحرارة التى تتراوح ما بين أكثر من 120 درجة مئوية وصولا إلى 160 درجة تحت الصفر. وفى أعماق البحار - حيث يكون الظلام دامسا ويصل الضغط الهيدروستاتيكى إلى درجة هائلة تبلغ 1100 درجة - يجب أن تكون المعدات قوية ولا يمكن استخدام الأشرعة الشمسية كنوع من الطاقة لتحريك المركبة. وعلى الرغم من الاختلافات بين بيئات الفضاء والبحار، إلا أن بعض التحديات الفنية فى استكشافهما تكون متشابهة. وتقول وايلد: "لا وجود لنظم روبوتية متحركة يمكن التحكم فيها عن بعد لعدة أشهر وتؤدى مهام بشكل مستقل لا على سطح القمر ولا فى أعماق البحار". وفى إشارة إلى تحالف "روبيكس" متعدد التخصصات غير المعتاد، قالت وايلد: "لطالما فتحت الشكوك الأولية للمشاركين الباب أمام الفضول". وقال تيم فان زويست مدير قسم نظم الاستكشاف فى معهد أنظمة الفضاء التابع لمركز الفضاء الألمانى فى بريمن: "يمكن للحقلين أن يتعلما الكثير من بعضهما البعض". ويعمل زويست وفريقه حاليا على مسبار قمرى أجهزة بينية إلكترونية لمركبة فضئية قمرية. وقال زويست إن الأنظمة فى علم المحيطات كما فى علم الفضاء تعالج البيانات بنفس الطريقة. وفى عام 2017، يعتزم الباحثون العاملون فى مشروع "روبيكس" إطلاق مركبة تعمل تحت الماء مزودة بأجهزة استشعار وكاميرات وأجهزة قياس فى المياه القطبية الشمالية. وفى نفس الوقت، فإنهم يستهدفون إجراء اختبارات على نظام إنسان إلى يعمل كمرصد فى تضاريس مشابهة لتضاريس القمر.