القاهرة ـ أ.ش.أ
توصلت دراسات و أبحاث الشرق الأوسط إلى ان عام 2013 يدين مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" و يهدد إستقرار العلاقات بين الدول ويشغل الآباء عن عائلاتهم ويهدم كيان الأسرة، ويستغله ضعاف النفوس للتشهير بالآخرين، واستغلته أميركا للتجسس على حلفائها.لم يكن الجنس البشرى عبر تاريخه كما هو في هذا العصر من حيث التقارب والتشابك والإتصال والتشارك في الآمال والآلام، فالشعوب رغم ما بينها من مسافات جغرافية متباعدة تتواصل عبر وسائل تكنولوجية اختصرت المسافات والأزمنة، تلك الوسائل التي كانت محل تقدير وإعجاب من الجميع لم تسلم من إدانة عام 2013 لها، إدانة مبررة إذ شهد هذا العام انتكاسة أخلاقية حدثت بصورة مفاجئة في الهدف الذي من أجله أنشئ الإنترنت عامة ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة. أصبح العالم عاريًا أمام تلك الوسائل: احتيال بالإنترنت، إنتحال شخصيات، سرقة الأسرار الصناعية، تجسس على الحلفاء والأعداء، اقتحام الخصوصيات الشخصية، الإستيلاء على التكنولوجيا، تسريب المعلومات للشركات، سرقة أسرار الشركات المنافسة في إطار غير قانوني، عصابات للإتجار بالبشر، هجوم وترويج الشائعات، تأليف ونشر الفضائح، بالإضافة إلى ما تقدمه الرسائل البريدية من أكاذيب تثير الذعر والبلبلة بين المواطنين."فيس بوك" الذي أثير في أعقاب إطلاقه الكثير من الانتقادات بشأن اختراقه للخصوصية، تحول إلى رمز من رموز الثورات بعدما أثر في الحياة السياسية لمصر ودول الربيع العربى ونجح في تحطيم قيود الشعوب التي تحملوها، ودفعهم للنزول للميدان، وساهم بصورة كبيرة في ثورتى 25 كانون الثاني و30 حزيران، وأصبح فيس بوك موقعًا إلكترونيًا مهما للتواصل بين المصريين والمفضل الأول لديهم منذ كانون الثاني 2011 وحتى يومنا هذا، وشاع استخدامه وانتشر بين مختلف الشرائح العمرية والإجتماعية، وارتفع عدد مستخدميه في مصر والدول العربية ليصل إلى أكثر من 32 مليون مستخدم. لم يدم الاحترام الذي حظى به فيس بوك طويلًا، إذ تحول فجأة إلى موقع للتشهير الاجتماعى من قبل ضعاف النفوس وسلاحا حادا يفتك بالعلاقات الاجتماعية بين الأصدقاء، ويهدد الأمن القومى ووسيلة من وسائل التجسس الناجحة. وعندما تم إطلاق هذا الموقع الاجتماعى من موقع "فيس ماش" التابع لجامعة هارفارد في عام 2003 كشبكة اجتماعية يمكن الدخول إليها مجانًا، لم يكن أحد يتوقع أن يتحول إلى ساحة للتعبير غير المسئول عن الرأى، وأداة للتبارى في السباب والنقد غير الموضوعي، وليّ الحقائق، وتصفية الحسابات والإبتزاز والتهديد والوعيد إذا لم تلب المطالب. تحول "فيس بوك" إلى شيطان العصر والشبح الذي يهدد أمن واستقرار الأشخاص والعلاقات بين الدول وواحد من أخطر الأدوات التي تحاك من خلالها المؤامرات لتأجيج الفتن، وانتشرت ظاهرة بث وترويج الأفكار المحرضة وغير الأخلاقية والهدامة، ومثلت مواقع التواصل الاجتماعي إعلامًا بديلًا، واتخذه البعض، بفهم خاطئ، منبرًا لحرية الرأي والبحث والتعبير والنقد والسخرية والتهكم ونشر الصور والفيديوهات المفبركة، مما أحدث انفلاتًا نتيجة الفهم الخاطئ لحرية الرأى والتعبير بوسائل النشر المختلفة. تفوق الولايات المتحدة في تكنولوجيا المعلومات أغراها بالتنصت والتجسس على الجميع دون استثناء الحلفاء والأعداء وحتى إسرائيل، فقد أسقط إدوارد سنودن البالغ من العمر 29 عاما والموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، بتسريبه لوثائق تكشف في مجملها سعي الإدارة الأمريكية لتأمين نفوذها في كل أنحاء العالم وإحكام قبضتها عليه، القناع الأميركي عن الديمقراطية والحريات التي تزعم التحلي بها، حيث تجسست الولايات المتحدة على مستخدمي الإنترنت حول العالم من خلال عملية مراقبة ضخمة تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركي للاتصالات الهاتفية وبيانات الإنترنت من شركات كبيرة مثل "جوجل" و"فيس بوك". انتكاسة أخرى في الهدف الذي من أجله أنشئ موقعا التواصل الإجتماعى "فيس بوك وتويتر" فقد أديا إلى انشغال الأزواج والأبناء، وربما أدى إلى فتنة من شأنها هدم كيان الأسرة وتفكيك صرحها الشامل، حيث أكد جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن هناك 40 ألف حالة طلاق العام الماضي كان وراءها الإنترنت. إنتقاد جديد أضيف إلى جملة الانتقادات الموجهة إلى "فيس بوك" منذ إنشائه ومنها اختراق الخصوصية الشخصية لزوار الموقع، وكثيرًا ما يتم اللجوء للقضاء الذي يفصل بين طرفى النزاع، ومنها أيضا قيام الموظفين بإهدار أوقاتهم في استخدام تلك الخدمة أثناء مواعيد العمل. وأحدث روافد الإنتقاد لـ"فيس بوك" تتمثل في غزواته التي يشنها البعض على أشخاص إن وقفوا أمامهم، وذلك في محاولة منهم للحصول على أي غنيمة حتى ولو كانت غنيمة أدبية كل ما يراد منها هو التفاخر والتباهي بأنهم قادرون على سب وتوجيه انتقادات لاذعة للملك أو الرئيس أو المدير وهو ما يستحيل فعله إذا وقفوا وجهًا لوجه أمام هذا الشخص أو ذاك، بدليل الاستتار وراء "فيس بوك" باستخدام أسماء مستعارة ورموز حركية، في بعض الأحيان، مما يعطى انطباعًا سيئًا عن صاحب هذا الرأي الذي تجاوز برأيه حدود الأدب، حتى ولو حسنت نواياه، وأضعف انطباع عنه أنه جبان يتخفى ليقول ما يشاء فيمن يشاء. والتعبير غير الآمن عن الرأى لا يعنى بالدرجة الأولى تعرض صاحبه لمسئولية جنائية تحت عنوان القذف والسب، ولكنه يتعلق بالخطورة الكامنة لسرعة الإنتشار التي تتمتع بها مواقع التواصل الاجتماعى داخليًا وخارجيًا، فلا ينال التشهير من الشخص وحده، ولكنه يمتد وتتسع دوائره بين أفراد عائلته على مستوى سطح الأرض لينالهم ويهزمهم أمام أصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم. وكما هي العادة في كل قاعدة فالأمر ليس مطلقًا، فكما أن هناك من يسىء إستخدام التكنولوجيا، فإن هناك من يحترمها ويستثمرها ويستثمر فوائدها في نواح إيجابية بالعمل والبحث والاطلاع والتنمية وتبادل التجارب والنماذج الناجحة وفي التعبير عن رأيه بحرية في إطار مقبول محترم، أو لتفجير قضية مجتمع هو ملم بأبعادها ويمتلك وثائقها، الموضوع برمته مسألة ضمير حي يراعي صاحبه الله فيما يكتب، ويضع نفسه أمام مسئولية ما يكتبه، وما سيحاسبه الله عليه.