القاهرة ـ مصر اليوم
ربما لا يعرف كثيرون عن سلوى حجازي (1933- 1973) سوى أنها مذيعة التلفزيون المصري الشهيرة. وربما قليلون يعرفون أنها كانت شاعرة كبيرة، غير أنها لم تكتب الشعر باللغة العربية، بل كانت تكتبه بالفرنسية، وأنها حصدت جوائز أدبية عدة من فرنسا، منها ميدالية ذهبية من الأكاديمية الفرنسية.
من هنا تأتي أهمية كتاب «سلوى حجازي: أيام بلا نهاية... ظلال وضوء» (الهيئة المصرية العامة للكتاب) بترجمة عاطف محمد عبدالمجيد. الكتاب يضم ديوانين لسلوى حجازي، الأول في 56 قصيدة وُزِّعَت على قسمين، الأول ويحمل عنوان الديوان نفسه، «أيام بلا نهاية»، والثاني عنوانه «قصائد جديدة». وفي المقدمة كتبت الشاعرة الإهداء التالي: «إلى كل من يزينون حياة الأحلام/ وإلى مَن بالأفكار يثرونها». تقول حجازي في أولى قصائد الديوان: «ساعة أن يزعجني العالمِ/ ولا أستطيع أن أغيره/ أنطوي/على نفسي/ واجعلني/ أحلم». وفي قصيدة عنوانها «باريس في 67»، تقول الشاعرة: «كان عليّ/ أن أراك يا باريس/ مبكراً جداً/ حينما كانت لديّ/ أغرودة/ أهديكِ إياها/ لهذا ترين أنني/ أمام روعتك/ لا أستطيع الآن/ إلا أن أنحني/ منذ يونيو الماضي/ أنا كعصفورة/ في قفص/ لم تعد لديها رغبة/ في الغناء».
تمتاز أشعار حجازي بالسهولة والبساطة مقتربة من كل ما هو إنساني، وقد كتب عنها الشاعر صالح جودت كتاباً سماه «سلوى الشعر، الحب، الموت»، كما شارك الشاعران أحمد رامي وكامل الشناوي في ترجمة قصائد من ديوانها «ظلال وضوء» من الفرنسية إلى العربية.
يقول صالح جودت في كتابه: «أكتب كل حرف من هذا الكتاب بالدموع، ولا أستطيع أن أراجع دموعي كلما ذكرتُ أن سلوى عاشت سنواتها الأخيرة تتعذب عذاباً نفسياً مكبوتاً، على رغم ابتسامتها الحلوة على الشاشة. كانت تحس أنها ستموت في زهرة العمر، وأنها ستموت في كارثة، وأنها ستترك صغارها وحيدين». ومعروف أن سلوى رحلت إثر تفجير طائرة مدنية كانت على متنها في العام 1973.
ويضم ديوان «ظلال وضوء» 29 قصيدة وتأتي مقدمة الديوان بمثابة بوصلة تقود القارئ للتعرف على الذات الشاعرة وعن العوالم التي تغوص داخلها. تقول حجازي: «أقدم لكم بيدين كريمتين: زهور أفكاري السوداء أو الوردية/ ثمار أولى انفعالاتي/ أقدمها إلى كل من يعرفون أن/ يحبوا؛ يبكوا؛ يبتسموا/ وإلى من يعرفون كيف يعتذرون».
وفي مقدمته للطبعة الفرنسية من الديوان نفسه يقول الشاعر أحمد رامي: «لو أن الشاعرة سلوى حجازي صاحبة هذا الديوان قد صوّرت على هيئة الطير، لكانت بلبلاً يرفرف على غصن ندي، مرسلاً أغنية يطرب لها الظل والماء. في هذا الديوان شعر ينبجس من قلب رقيق وينحدر من بنبوع روح صافية وهو شعر عاطفي إلى أبعد الحدود، يتناول أغراضاً تمَس كل نفس وتسري في كل روح».