مغارة "جعيتا " اللبنانية إبداع الخالق في الطبيعة

كم أنتى محظوظة يا لبنان، ولما لا ومغارة "جعيتا" على بعد 20 كيلومترا من العاصمة بيروت، إنها المغارة التى كان يعتقد في الماضى مسكنا للجن والأرواح الشريرة، إلا أنها في الواقع مسكنا للإبداع والاندهاش والذهول من روعة نحت الطبيعة على مدار ألاف السنين.

بمجرد اقترابك من مغارة "جعيتا" ستخطف عقلك وتأسر القلب، ولا يملك الزائر سوى السكوت والنظر بكل الاحترام والتبجيل للأعجوبة عندما يرى الماء - هذا المهندس المجهول - وقد نجح في تجويف قاعة هائلة في باطن الجبل ثم يزينها بمكوناته محدثا مناظر خلابة تسحر الأنظار.. وحين ترشح المياه المشبعة بكربونات الكالسيوم من سقف المغارة ينتج عنها حلقات بلور الكالسيوم المتتالية أنابيب صغيرة تسمى بـ "المعكرونة" وحين ينسد أحد هذه الأنابيب تنساب المياه على الجوانب الخارجية وتصلبها لتنشأ بذلك الهوابط الحجرية ومن قاع المغارة تنمو الصواعد مستديرة إلى أعلى في اتجاه الهوابط.

إنها الطبيعة الربانية التى لا يفوقها أى إبداع إنساني، وكأنها تنظر في شموخ وتقول هل من منافس، نعم هل من منافس، الإجابة لا بالتأكيد "لا" فالإنسان يقف مكتوف الأيدي أمام هذا، ومغارة "جعيتا" خير دليل فما فعلته المياه في جوف الجبال يعجز اللسان عن وصفه.

ويقول دكتور نبيل حداد المدير المسئول عن مغارة "جعيتا"، إن كوكب الأرض به العديد من المغارات الحجرية مكونة من قطرات المياه المتجمدة ولكن ليس بها حتى الآن أى مغارة تضاهي في غناها وتنوعها المدهش مغارة "جعيتا" التى تعجز الكلمات عن وصفها.

وأضاف حداد أن السائح يستطيع بلوغ مسافة 800 متر داخل المغارة من خلال قارب في المغارة السفلى - والتى تم اكتشافها عام 1836 - أو أن يسير على أرض جافة في المغارة العليا والتى تم اكتشاف المدخل الخاص بها عام 1958، والتى توجب حفر نفق يبلغ طوله 117 مترا للسماح بدخول الزوار.

وأكد أن هناك جهودا جبارة بذلت من قبل شركته المسئولة عن المغارة السياحية منذ عام 1993 لإعادتها بشكل يليق بمكانتها العالمية بعد أن طالتها بعض دمار الحرب اللبنانية في السابق..مشيرا إلى أن هناك خدمات تقدم للزائرين ، منها وسائل نقل حديثة في المرفق تشمل "تلفريك وقطار"، كما أن هناك صالة لعرض الأفلام الوثائقية عن تاريخ مكونات المغارة.

وقال حداد إن مغارة "جعيتا" حازت على عدة جوائز منها جائزة قمة السياحة المستدامة الأوروبية لعام 2002 وجائزة الاستحقاق الذهبي كأفضل معلم سياحى على مستوى الوطن العربي عن عام 2013 . 

واختتم حداد حديثه قائلا " إن الظروف السياسية المحيطة بلبنان أثرت بلا شك في نسبة حضور الزائرين، موضحا أن عام 2009 شهد زيارة 422 ألف سائح لمغارة "جعيتا"، بينما هذا العام لم يتعد العدد 200 ألف زائر، إلا أنه برغم ذلك تعتبر المغارة من أكثر مغارات العالم في نسبة حضور الزائرين " .