تقدم "بوابة الأهرام" في حلقة اليوم من "نساء حول النبي" سيرة عطرة للسيدة السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ (أم الحسن والحسين) رضي الله عنهما وأرضاهما.

تقول عنها الواعظة بالأزهر الشريف، إلهام فاروق شبانة، بمنطقة وعظ دمياط، إنها الزوجة الصالحة الصابرة، والقدوة فى رسالة الأمومة حتى كان من ذريتها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

ففي السنة الثالثة من الهجرة وضعت السيدة فاطمة طفلها الأول؛ ففرح به النبي ﷺ فرحًا كبيرًا، وتلا الآذان على مسمعه، ثم حنكه بنفسه وسماه (الحسن)، وصنع عقيقة (كبش) في يوم سابعه، وحلق شعره وتصدق بزنة شعره فضة، وقد كان الحسن أشبه خَلق الله برسول الله ﷺ في وجهه.

وبعد عام ولد (الحسين) فى شهر شعبان سنة أربع من الهجرة، وامتلأ قلب رسول الله ﷺ بالسرور لحفيديه، فغمرهما بالحب والحنان وكان ﷺ يقول: «اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما».
وفي السنة الخامسة للهجرة ولدت طفلة اسماها جدها ﷺ (زينب)

وبعد عامين من مولد زينب وضعت السيدة فاطمة طفلة أخرى، اختار لها الرسول اسم (أم كلثوم) فكان أبناء السيدة فاطمة هم: (الحسن، الحسين، زينب، أم كلثوم)، وبذلك آثر الله فاطمة رضي الله عنها بالنعمة الكبرى، حين حصر في ولدها ذرية نبيه ﷺ، وحفظ بها أفضل سلالات البشرية .

وقد مرّت السيدة فاطمة رضي الله عنها بأزمات عديدة منذ نعومة أظافرها حيث شهدت الحصار في الشعب، ثم وفاة أمها خديجة ، ثم أختها رقية، وتلتها في السنة الثامنة للهجرة أختها زينب، وفي السنة التاسعة أختها أم كلثوم كما توفي لها ولد اسمه (المحسن)؛ وعلى الرغم من ذلك، وقفت صامدة كالجبل الذي لا يهزه الريح، فكل مُرّ يهون، وتستطيع الصبر عليه طالما رسول الله بجانبها يخفف عنها ويساندها، إلى أن حان الوقت لزلزلت هذا الجبل وانهياره، بوفاة النبي ﷺ.

وكان بداية مرضه ﷺ بعد حجة الوداع في اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة١١هجرية، وما أن سمعت فاطمة بذلك حتى هرعت لتطمئن عليه، وهو عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فلما رآها رحَّب بها وقال: مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاءً شديداً، فلما رأى حزنها سارّها الثانية، فإذا هي تضحك، وسألتها السيدة عائشة عن ذلك فقالت: ما كنت لأفشي على رسول الله سره، ولما توفي أخبرتها وقالت: سارَّني في الأمر الأول، فإنه أخبرني أن جبرائيل كان يعارضه (القرآن) كل سنة، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلاّ وقد اقترب، فاتقي الله واصبري، فبكيت؛ فلما رأى جزعي سارّني الثانية وقال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين؟ فضحكت.

ولم يطل مقام السيدة فاطمة في الدنيا كثيرًا بعد وفاة المصطفى ﷺ فكانت أول أهل بيته لحاقًا به، ولما مرضت السيدة فاطمة - رضي الله عنها - مرض الموت الذي توفيت فيه، دخلت عليها السيدة أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - تزورها فقالت السيدة فاطمة للسيدة أسماء والله إني لأستحي أن أخرج على الرجال غدًا أي إذا مت جسمي ظاهر من خلال هذا النعش!!

وكانت النعوش وقتها عبارة عن خشبة مصفحة يوضع عليها الميت ثم يطرح على الجثة ثوب ولكنه كان يصف حجم الجسم، فقالت لها السيدة أسماء أو لا أصنع لك شيئاً رأيته في الحبشة؟!

فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق ودعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت على النعش ثوباً فضفاضًا واسعًا فكان لا يصف! فلما رأته السيدة فاطمة قالت لأسماء: سترك الله كما سترتني.

وكانت السيدة فاطمة رضي الله عنها أول امرأة غُطِّي نعشها في الإسلام على تلك الصفة فجزاها الله عنا وعن المسلمات خير الجزاء، علمتنا كيف يكون الحياء حتى بعد الممات.
وفي الثالث من شهر رمضان سنة إحدى عشرة للهجرة توفيت سيدة نساء العالمين ابنة رسول ﷺ ، وهي بنت تسع وعشرين سنة ودُفنت بالبقيع ليلاً، فرضي الله عنها وأرضاها.