تظاهرات

تابع مؤشر الديمقراطية أحداث الجمعة الموافقة 28 تشرين الثاني/ نوفمبر أو ما أطلق عليها "انتفاضة الشباب المسلم"،  ورصد التقرير 91 احتجاجًا على مدار اليوم منها 75 احتجاجًا نظمتها جماعة "الإخوان المسلمين" والموالون لها، و15 احتجاجًا للأهالي والمواطنين للتأكيد على تأييدهم للشرطة والجيش لمواجهة التطرف، وتظاهرة واحدة لأعضاء "الجبهة السلفية" تطالب بإعدام مرسي.

وتنوَّعت مسارات الاحتجاج خلال اليوم الذي شهد  56 مسيرة و20 تظاهرة و9 حالات قطع طريق، إلى جانب 4 سلاسل بشرية، ووقفتين احتجاجيتين.

وتساوت كل من القاهرة والجيزة في عدد المظاهرات التي خرجت فيهما بـ 14 احتجاجًا في كل منهما، وتلتها الشرقية  بـ10 احتجاجات، ثم الإسكندرية 8 احتجاجات، وكل من المنيا، والقليوبية، والغربية بـ5 احتجاجات، والمنوفية والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة بـ 4 احتجاجات، أما الفيوم 3 احتجاجات، وبني سويف وقنا ودمياط وأسيوط باحتجاجين، واحتجاج واحد في كل من الوادي الجديد والأقصر وأسوان.

وبيّن المؤشر أنَّ الجمعة شهد 86 حالة عنف جاء في مقدمتها الاشتباكات التي دارت بين عناصر "الإخوان" من جهة وقوات الأمن والأهالي من جهة أخرى وتفريق مظاهرات "الإخوان" في 35 حالة، كما أبطلت قوات الأمن مفعول 19 قنبلة ناسفة هيكلية، كما شهدت الجمعة انفجار 10 عبوات ناسفة بالإضافة إلى انفجار 9 قنابل محدثة للصوت من أجل إثارة الرعب في نفوس المواطنين، وإطلاق النيران أو إحداث انفجار بمحولات كهربائية في 6 حالات، واستهداف عناصر أمنية وإطلاق النيران عليها في 3 حالات، وإشعال النيران بممتلكات عامة في 3 حالات، وإشعال النيران بشقة نتيجة إلقاء زجاجة حارقة "مولوتوف".

وكانت الشرقية أكثر المحافظات التي شهدت حالات عنف بـ19 حالة، تلتها محافظة القاهرة بـ13 حالة، والجيزة 9 حالات، والإسكندرية 7 حالات، والفيوم 6 حالات، والقليوبية 5 حالات، وبني سويف وشمال سيناء 4 حالات، المنيا والغربية 3 حالات،  قنا والدقهلية وأسيوط والمنوفية بحالتين، وحالة واحدة في كل دمياط، كفر الشيخ، الأقصر، والسويس، والبحيرة.

وأضاف المؤشر أنَّ عدد الأشخاص المقبوض عليهم في المظاهرات على مستوى المحافظات تخطى الـ200 شخص بتهمة الترويج للعنف والدعوة للتظاهر أو لضبط قنابل وشماريخ وأعلام "داعش" أو أعلام تحمل إشارات رابعة.

وأشار تقرير المؤشر إلى أنَّ عدد المصابين تجاوز 43 مصابًا، في حين بلغ عدد القتلى 4 أشخاص وفقا لما تم نشره في الصحف وفي المقابل أعلنت وزارة الصحة أنَّ هناك 28 مصابًا و 3 قتلى في الأحداث.

وأهم ملاحظات التقرير الصادر حول جمعة "قندهار" تتضمن، أنَّ أول من أطلق الدعوة للانتفاضة ليست جماعة "الإخوان" أو مناصروها؛ ولكنَّها جماعة تطلق على نفسها "الدعوة السلفية"، والتي لعب شيوخها وقياداتها الدور الأول والأساسي للدعوة للانتفاضة، ثم إنَّ جماعة "الإخوان" وأنصارها أعلنوا انضمامهم لهذه المظاهرات ومثلوا المحفز الثاني للدعوة؛ لكن الإعلام و أجهزة الأمن و"الإخوان" أنفسهم يصرون أن جماعة "الإخوان" هي المتصدر الرئيسي للدعوة لهذا اليوم، وهو الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات. 

كما نال اليوم تضخيمًا إعلاميًا ربما أكثر مما حظي به الـ28 من كانون الثاني/ يناير 2011، وسط حالة من التضخيم المستمر و التهويل و التعبئة و خطابات التحريض بشكل جعل منه يومًا عملاقًا وهميًا استطاع أن يخيف المواطن المصري للدرجة التي جعلت الدولة شبه خاوية من المدنيين خلال اليوم.

إضافة إلى أنَّ أعداد المشاركين من جماعة "الإخوان" وأنصارها كافة المتابعين صدمت؛ حيث تقارب أعداد الاحتجاجات وأحداث العنف التي قاموا بها مع أعداد احتجاجات وعنف أيام الجمع منذ أحداث "رابعة" و"النهضة"، ورغم كل تلك الدعوات والتهديدات التي مارستها الجماعة وجهازها الإعلامي إلا أنَّ الحشد في الشارع عكس إما فشل في التعبئة أو خوف من المواجهات الأمنية أو الانقياد وراء دعوات وهمية أو الرغبة في إنهاك الدولة المصرية من خلال دعوات مستمرة تبدأ من تشرين الثاني/ نوفمبر و حتى ذكرى الثورة في يناير.

كما كانت الاعتراضات الواسعة من قبل شباب الجماعة على قرار القيادة بعدم حمل المصاحف، بشكل رأته القطاعات الشبابية للجماعة خضوعًا للدعايا المضادة للدولة وتخليًا عن تقاليد وأعراف وقيم الجماعة، وهو ما يعكس الوهن التي أضحت فيه الجماعة والفرصة المستمرة التي تضيعها الإدارة الحالية للدولة في خلق مسارات لبناء حوار مع الفصائل الأكثر صدقًا في الجماعة من أجل بناء حالة من الحوار عوضًا عن الحرب السياسية التي تعيشها الدولة منذ 2011.

وعلى الجانب الآخر، بالغت الدولة المصرية في الحشد الأمني بشكل أحال كل ربوع الدولة لثكنات عسكرية معلنة حالة النفير العام والتأهب القصوى، بشكل لا يراه التقرير سوى أنها تحركات لا تهدف سوى لإرسال المزيد من رسائل الطمأنة للمؤيدين والترهيب للمعارضين وإظهار قوة الإدارة الحالية وقدرتها على السيطرة للمجتمع الدولي والإقليمي والمحلي، وربما تكون محاكمة مبارك هي الحدث الذي سيفسر العديد مما قبله والكثير فيما بعده.

والموقف المحير لتيارات الإسلام السياسي كحزب "النور" من مظاهرات أمس أثار الكثير من التساؤلات حول طبيعة الإستراتيجيات والتكتيكات السياسية التي ينتهجها هذه التيارات، التي تؤكد يوميًا أنَّ مثل هذه التيارات تخطو بثبات على خطى "الإخوان"، بتكرار مواقفهم المتحولة واللامنطقية واللامعقولة والتي تعكس عبثًا سياسيًا من كيان ديني لا ينتمي لا هو ولا غيره من الأحزاب الدينية لخريطة العمل الحزبي والسياسي ولكنها مجرد قنابل موقوتة وبذور لدكتاتوريات دينية أشد قمعًا من الجماعة أو الدولة البوليسية.

كما لاحظ التقرير قيام الأهالي بمحل قوات الأمن في القبض على عدد من المتظاهرين في محافظات القاهرة والجيزة والفيوم احتجاجًا على دعوتهم للتظاهر أو لحدوث اشتباكات معهم ثم تسليمهم لقوات الأمن، ربما رغبة منهم في نيل لقب المواطن الشريف الذي يساعد الدولة دائمًا ولو على حساب القانون؛ لكن استمرار تلك الممارسات هو مؤشر لخط الانحدار السريع نحو خلق المزيد من بلطجية المظاهرات وبلطجية الانتخابات و غيرها من الأورام الخبيثة التي يخلفها سوء الإدارة و العبث السياسي على حساب العقد الاجتماعي المنظم للدولة.