خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز

اختتمت الأحد القمة الـ 29 التي رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مؤكدة في بيانها الختامي مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى العرب، فيما تقرر عقد القمة المقبلة في تونس بعد اعتذار مملكة البحرين عن استضافتها وفق ترتيب عقد القمة العربية.وأعاد الملك سلمان ترتيب اهتمامات القمة التي تميزت بحضور حاشد للقادة العرب، وقدم طرحًا مفاجئًا خلال رئاسته للقمة، ليجيرها بالكامل لمصلحة القضية الفلسطينية.

وأعلن الملك سلمان، في الجلسة الافتتاحية للقمة، قبل أن يعطي الكلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن إطلاق اسم القدس على القمة لتصبح "قمة القدس" وتقديم 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في المدينة وتقديم 50 مليون دولار لوكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا(.وشدد العاهل السعودي على أن القضية الفلسطينية هي "قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على كل حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية". وجدد الملك سلمان "استنكارنا ورفضنا لقرار الإدارة الأميركية المتعلق بالقدس"، مشيداً بـ"الاجماع الدولي الرافض له"، ومؤكدًا أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية".

وتناول الملك سلمان الأزمات التي يمر بها العالم العربي في الشأنين اليمني والليبي وأعرب عن تمسكه بدعم الشرعية، لافتاً إلى أهمية الحفاظ على الأمن القومي العربي. وأشار إلى المبادرة التي طرحتها المملكة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية بعنوان "تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة". وأكد أهمية تطوير جامعة الدول العربية ومنظومتها.

وكان الملك سلمان استلم رئاسة القمة من الملك عبدالله الثاني الذي استعرض جهود بلاده في التعاطي مع الملفات العربية طوال فترة رئاسة القمة السابقة.وأكد البيان الختامي للقمة وقوف القادة إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، والتعهد بالعمل لتقديم الدعم اللازم للقضية، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لحماية الفلسطينيين، وتفعيل شبكة أمان مالية لدعم فلسطين. وشدد على مساندة خطة السلام التي أعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعلى إدانة القرار الأميركي في شأن الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل" واعتباره باطلاً. كما أشار إلى أهمية اليقظة لوقف الأطماع الإقليمية التي تستهدف أراضي الدول العربية.

وشدد البيان الختامي للقمة على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن الدول العربية واستقرارها.وأقرت القمة مشاريع القرارات التي كانت مدرجة على جدول أعمالها وتتضمن 18 بندًا تتناول الملفات والقضايا العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما صدر عن القمة "إعلان الظهران" الذي يعكس وجهة نظر القادة العرب إزاء كل الملفات المتعلقة بقضايا المنطقة.

وأكد القادة والملوك والأمراء والرؤساء العرب رفضهم لتوغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالبين الحكومة التركية بسحب قواتها فورًا من دون قيد أو شرط باعتبار وجودها اعتداء على السيادة العراقية، وتهديدًا للأمن القومي العربي.وشدد القادة العرب، في قرار بشأن "الانتهاكات التركية للسيادة العراقية"، على دعوة الدول الأعضاء في الجامعة لمطالبة الجانب التركي بسحب قواته من الأراضي العراقية.

ودعوا الدول الأعضاء إلى مطالبة الحكومة التركية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، والكف عن هذه "الأعمال الاستفزازية التي من شأنها تقويض بناء الثقة وتهديد أمن المنطقة واستقرارها".وشدد "إعلان الظهران" على الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وعلى أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية. وأدان "إعلان الظهران" بأشد العبارات "ما تعرضت له المملكة العربية السعودية من استهدافٍ لأمنها عبر إطلاق ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران 106 صواريخ باليستية على مكة المكرمة والرياض وعدد من مدن المملكة". وأكد الزعماء العرب دعم المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها ومقدراتها.

الجبير

ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، القمة العربية بأنها ناجحة، لافتًا إلى أنها أدانت دعم إيران للميليشيات الحوثية وطلبت منها الانسحاب من اليمن والكف عن انتهاك القرارات الأممية. كما أدانت تدخلاتها في دول المنطقة وزرع "ميليشيات إرهابية" فيها، كما في لبنان والعراق واليمن، فضلاً عن إيواء قيادات من تنظيم "القاعدة" الإرهابي، ما يعد "عملاً عدوانياً ضد الأمة العربية". وطالبت القمة إيران بأن تبني علاقتها على احترام الشؤون الداخلية للدول العربية وليس دعم الإرهاب.

ولفت الجبير إلى اقتراح بعقد قمة ثقافية تستضيفها تونس، وقمة أخرى اقتصادية في بيروت العام المقبل. وشدد على موقف المملكة الثابت من دعم القضية الفلسطينية، لافتًا إلى أن الرياض أكدت للولايات المتحدة أن القدس عاصمة لفلسطين، وقال "العلاقات السعودية – الأميركية استراتيجية وقوية، ونسعى إلى سد أي فجوات فيها فدائمًا الصداقة تحتم أن ننصح بعضنا.

وعن الضربة العسكرية الغربية في سورية قال الجبير "سنرى إن كانت تلك الضربة حققت أثرها أم لا"، مضيفًا أن "النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية العام الماضي، وبعد سنة من إدانة هذا التصرف كرر استخدامها. ويبقى السؤال هل يتعلم هذا النظام الدرس؟". وأضاف: "نأمل أن تستمر العملية السياسية وأن تمضي قدمًا ونأمل بنهاية قريبة لمعاناة الشعب السوري".

وأوضح الجبير أن هناك أزمات في معظم الدول العربية، ولكن علينا ألا ننسى القضية الفلسطينية". وشدد على أن عقد القمة في الظهران ليس مرتبطًا بأي تهديدات وقال "لا يمكن أن تهدد أسلحة الحوثيين القمة لافتاً إلى أن قضية قطر لم تدرج على جدول الأعمال. وزاد "هي قضية محدودة وبسيطة تحل داخل المنظومة الخليجية وإذا غيروا مواقفهم وطوروا لغتهم المتطرفة سنتوصل الى حل أو ستستمر الدول الأربع على مواقفها". وتابع الجبير "حصلنا على تسجيلات تشير إلى تجنيد أعداد من المتطرفين لنسف الاستقرار في السعودية وتغيير النظم في عدد من الدول"، داعيًا إلى الخروج من دائرة النفي المتكررة". وقال "قضية قطر ليست قضية تعني بها الجامعة لأنها داخل مجلس التعاون الخليجي".

وذكر أبو الغيط أن قمة الظهران يمكن وصفها بأنها قمة فلسطين أو قمة القدس بمعنى الكلمة، لافتًا إلى أن وثيقة تعزيز العمل العربي المشترك وضعت إطارًا واضحًا له في المرحلة المقبلة من أجل الدخول في المشكلات التي تم تنحية العرب عنها. وأوضح أبو الغيط أن قرار القمة يشير إلى أن القادة العرب تابعوا ما قامت به القوى الغربية في سورية، ويشدد على إدانة استخدام السلاح الكيماوي ويطالب بتحقيق دولي".