الخرطوم ـ جمال إمام
وقّعت الحكومة والمتمردون في جنوب السودان الأحد، في الخرطوم اتفاقا نهائيا لتقاسم السلطة بهدف إنهاء حرب أهلية أوقعت عشرات آلاف القتلى وشرّدت الملايين في هذا البلد، ووقع رئيس جنوب السودان سيلفا كير وخصمه زعيم المعارضة رياك مشار وممثلو الفصائل السياسية والمسلحة، على الاتفاق الذي يتضمن تقاسم السلطة ونظام الحكم والترتيبات الأمنية، وذلك بحضور الرئيس السوداني عمر البشير ورؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيغاد).
وقال مصدر مقرب من المحادثات لـ"الشرق الأوسط" إن التوقيع تأجل 3 مرات منذ ظهر الأحد، بسبب خلافات بين فرقاء جنوب السودان بشأن عدد من القضايا العالقة بخصوص تقاسم السلطة ونظام الحكم، وأضاف أن مجموعة المعتقلين السابقين من أعضاء المكتب السياسي للحزب الحاكم وبعض من قوى تحالف المعارضة تمسكوا بمواقفهم بشأن ترتيبات الحكم خصوصا المشاركة في عدد الولايات ونسب المشاركة فيها، مشيرا إلى أن رؤساء "الإيغاد" تدخلوا على الخط.
موسيفيني قرّب وجهات النظر
وأضاف المصدر أن حضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، كان له دور في تقريب وجهات النظر، مضيفا أنه "تمت ممارسة ضغوط كثيفة على الأطراف بينها تهديدات مبطنة بوقف الدعم وإبعادها من الخرطوم"، ولعب الرئيس موسيفيني دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بعد وصوله إلى الخرطوم عصر الأحد، وكان أرسل في بادئ الأمر وزير دفاعه، وإضافة إلى الرئيسين البشير وموسيفيني، حضر مراسم التوقيع أيضا الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الذي ستستضيف بلاده المرحلة الثالثة من المفاوضات بشأن القضايا العالقة وآليات تنفيذ الاتفاقية، والرئيس الجيوبتي إسماعيل عمر قيلي ورئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري ونائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميك ميكونن.
ووقع زعماء ورؤساء حكومات "الإيغاد" شهودا على الاتفاق، وقدموا كلمات تشجيعية للأطراف وتعهدوا بالالتزام بدعم السلام في جنوب السودان. واحتضنت الخرطوم الجولة الحالية من المفاوضات تحت رعاية الرئيس البشير بناءً على تفويض من قمة "الإيغاد" الاستثنائية في 21 يونيو/ حزيران الماضي لقيادة مبادرة وجولة ثانية من التفاوض المباشر بين الرئيس سيلفا كير ومشار بشأن القضايا العالقة بشأن الحكم والترتيبات الأمنية. وكانت الأطراف المعنية من دولة الجنوب وقعت إعلان الخرطوم في 27 يونيو/ حزيران وأعقبه التوقيع على اتفاق الترتيبات الأمنية في 6 يوليو/ تموز الماضي، ثم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الحكم وتقاسم السلطة في 25 من الشهر ذاته.
تنازل تعبان دينق قاي عن منصبه لتحقيق السلام
كان تحالف معارضة جنوب السودان اتهم الأجهزة الأمنية السودانية بممارسة الترهيب ضد بعض ممثلي المعارضة في الخرطوم وأمرهم بالتوقيع على اتفاق الحكم نيابة عن مجموعاتهم، وقال التحالف في بيان صدر مساء الأحد: "لجأ أفراد جهاز الأمن السوداني إلى الترهيب الشديد والضغط على أعضاء تحالف المعارضة في جنوب السودان للتوقيع نيابة عن الأحزاب المكونة له".
ورفض تحالف المعارضة في 3 أغسطس/ آب الحالي التوقيع على الاتفاق، معربا عن تحفظات قوية بشأن قضايا تقاسم السلطة على مستوى الولاية وتنظيم استفتاء إذا فشلت الأطراف في التوصل إلى حل وسط بشأن هذا الأمر خلال الفترة الانتقالية.
وأضاف البيان أن "تحالف المعارضة في جنوب السودان يود أن يخطر وساطة الإيغاد والاتحاد الأفريقي والترويكا والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن مثل هذه الوساطة من جانب السودان لن تبشر بسلام مستدام حقيقي في جنوب السودان. ونود أيضا تسجيل شكوانا الرسمية ضد وساطة السودان وتدخل أفرادها الأمنيين لممارسة التخويف".
وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، في وقت سابق إن فريق الوساطة سيواصل المناقشات مع الجماعات غير الموقعة بشأن القضايا العالقة مع الوساطة الكينية التي ستستضيف المحادثات، إلى ذلك وافق النائب الأول لرئيس جنوب السودان تعبان دينق قاي على التنازل عن منصبه من أجل تحقيق السلام في بلاده، وقال المتحدث باسمه أغيل غبريال رينق إن قاي أعلن تنازله عن موقعه خلال اجتماع مشترك مع الرئيس سيلفا كير، وبحضور وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد عند زيارة الأخير إلى جوبا الجمعة الماضية