طرابلس ـ فاطمة سعداوي
اتهم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أمس، القوات التابعة لحكومة فائز السراج بـ«استهداف المدنيين في معارك العاصمة طرابلس»، فيما نفى مجلس بلدية مصراتة في غرب البلاد تقارير عن سعيه للتفاوض بشكل سري مع حفتر، وفي وقت شدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة على ضرورة إعلان هدنة إنسانية حول طرابلس، أبلغ مسؤول في الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة حفتر والسراج إلى طاولة المفاوضات باعتبار أن الحل الوحيد للأزمة سياسي.
ونفى اللواء عبد السلام الحاسي قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما اعتبره «شائعات بشأن إقالته من منصبه». وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني إن ما وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية الموالية لحكومة الصخيرات غير الشرعية بزعامة السراج تسببت عبر قصفها بشكل عشوائي منطقة قصر بن غشير جنوب طرابلس في جرح وقتل الأطفال وأضرار مادية كبيرة»، لافتاً إلى «مسارعة أبواق تنظيم الإخوان الإرهابي، بفبركة الأخبار ليتبرؤوا من أفعالهم الإجرامية».
وشنت مقاتلات تابعة للجيش الوطني في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، وصباح أمس، سلسلة غارات جوية استهدفت «مستودعات ذخيرة لميليشيات السراج في منطقة صلاح الدين جنوب العاصمة طرابلس»، ونشرت وسائل إعلام محلية مقطعاً لفيديو التقطه بعض سكان طرابلس لهبوط طائرة تركية من دون طيار (درون) في مطار معيتيقة صباح الثلاثاء الماضي، علما بأن «الجيش الوطني» أعلن عن تدمير 3 طائرات من هذا النوع حتى الآن في معارك العاصمة.
إقرأ أيضًا:
"الجيش الليبي" يقصف مواقع لقوات "الوفاق الوطني" قرب مطار طرابلس
في المقابل، نقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر بحكومة السراج أن الطيران الحربي التابع للجيش الوطني قصف مساء أول من أمس، ورشة للحدادة، تقع في المدخل الشرقي لمدينة الزاوية على بعد 45 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس.
وقالت إدارة عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات السراج، في بيان، إن عناصرها «تصدت أول من أمس لهجوم معزز بقصف جوى في محور الرملة»، فيما وصفته بـ«ملحمة بطولية استمرت لأكثر من 10 ساعات متواصلة».
وبعدما أوضحت في بيانها أن قواتها تمكنت من رد من وصفتهم بـ«العصابات الغازية»، في إشارة إلى قوات الجيش الوطني، بعد «تكبيدهم خسائر في الأرواح والآليات المسلحة بينها دبابة وعربة مدرعة»، قالت إن قواتها «تواصل تعزيز مواقعها السابقة وتمشيط مناطق واسعة بمحيط مطار طرابلس».
بدوره أكد الفريق محمد الشريف رئيس الأركان العامة لقوات السراج لدى اجتماعه أمس مع السراج بطرابلس، أن «قواته والقوات المساعدة تخوض القتال وفقاً لمراحل تنفيذ الخطة المعتمدة، وتحقق تقدماً على مختلف المحاور». وقال مكتب السراج في بيان له إن «الاجتماع ناقش الوضع العسكري وسير العمليات في كل محاور القتال في نطاق طرابلس الكبرى والمنطقة الغربية بشكل عام».
وجاء استمرار المعارك بعد ساعات من تجديد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا دعوته للأطراف المتحاربة في طرابلس إلى «هدنة إنسانية» عاجلة لوقف المعارك جنوب العاصمة طرابلس. وهذه هي المرة الثالثة منذ بداية المعارك في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي التي توجه فيها الأمم المتحدة دعواتها لطرفي الصراع طلب «هدنة إنسانية» لتمكين العالقين في مواقع الاشتباكات ونقل الجرحى من مواقع المعارك، لكن دعواتها لم تجد طريقها للتنفيذ.
وقالت بعثة الأم المتحدة لدى ليبيا إن رئيسها ناقش أمس مع السفير الإيطالي في ليبيا جوزيبي بوتشينو آخر التطورات في ليبيا وعلى الساحة الدولية، مشيرة في بيان لها إلى أن «الطرفين شددا على ضرورة العودة إلى العملية السياسية».
وكان السفير الإيطالي قد زار أمس مدينة مصراتة بغرب ليبيا، حيث التقى بعميد وأعضاء مجلسها البلدي وبعض ممثلي المدينة بمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
وطبقاً لبيان لبلدية مصراتة، فإن اللقاء الذي ناقش آخر التطورات والوضع الراهن، أدان ما وصفه بـ«الهجوم على العاصمة، وما ترتب عليه من خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات»، كما تطرق الاجتماع إلى «إمكانية عودة الشركات الإيطالية المتعاقد معها سابقاً للعمل ببعض المشاريع بالبلدية».
وقبل ساعات فقط من هذا الاجتماع، نفى مجلس مصراتة البلدي ما سماه بالشائعات المتداولة حول قيام أي شخصية ذات صفة رسمية، أو مجتمعية، أو مكلفة من قبله أو من قِبَل مجلس أعيان بلدية مصراتة، بأي تواصل مع المشير حفتر القائد العام للجيش الوطني.
من جهة أخرى، قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن «أحمد معيتيق نائب السراج اجتمع خلال زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن، مع جوشوا هاريس مسؤول إدارة شؤون المغرب العربي بالإنابة في الوزارة».
وأكد المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم ذكر اسمه رداً على الأسئلة عبر البريد الإلكتروني، أن «السياسة الأميركية تجاه ليبيا تظل ثابتة، لافتا إلى أن السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا لن يأتيا إلا من خلال حل سياسي». وقال: «ندعو جميع الأطراف إلى العودة السريعة إلى الوساطة السياسية للأمم المتحدة، التي يعتمد نجاحها على وقف إطلاق النار في طرابلس وحولها».
وتابع: «تؤيد الولايات المتحدة الجهود المستمرة التي يبذلها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة للمساعدة في تجنب المزيد من التصعيد ورسم الطريق إلى الأمام الذي يوفر الأمن والرخاء لجميع الليبيين»، ونوه بأن المسؤولين الحكوميين الأميركيين «يتشاورون مع مجموعة واسعة من القادة الليبيين، فضلاً عن شركائنا الدوليين، للضغط من أجل تحقيق الاستقرار وإعادة السراج والمشير حفتر إلى طاولة المفاوضات».
وتتعارض هذه التصريحات مع إبلاغ نائب السراج أول من أمس الصحافيين في واشنطن بأنّ الإدارة الأميركية أكّدت له دعمها لحكومته المعترف بها دوليا، وأضاف: «أعود إلى دياري ومعي رسالة مختلفة، فالولايات المتحدة تدعمنا بصفتنا الحكومة الليبية الشرعية».
قد يهمك أيضًا:
قوات حكومة الوفاق الليبية تعلن إسقاط طائرة مُسيّرة إماراتية
"داعش" يتبنى تفجيرات درنة والسيول تُغرِق الأحياء السكنية في مدينة "غات"