القاهرة - مينا جرجس
كشف السفير المصري في أديس أبابا، أبو بكر حفني محمود، أن هناك تنسيقًا بين مصر وأثيوبيا على أعلى مستوى في المحافل الدولية، بصفتهما أعضاء في مجلس الأمن في مختلف القضايا الأفريقية التي يتم عرضها على المجلس، فضلاً عن اللقاءات المستمرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا، سواء كانت لقاءات ثُنائية أو لقاءات على هامش المؤتمرات الرسمية، وآخر لقاء بينهما كان على هامش قمة "عنتيبي" في يونيو/ حزيران الماضي، لافتا إلى أن "التعاون الحالي بين البلدين ليس تقليدياً على الإطلاق، فمصر وإثيوبيا ترتبان الآن لعقد اللجنة المشتركة بين البلدين قبيل نهاية العام الجاري، بجانب أن العلاقات جيدة للغاية بين البلدين في الوقت الحالي".
وأضاف محمود أن إعلان مبادئ الخرطوم الذي تم توقيعه بين "مصر وإثيوبيا والسودان" تم الاتفاق فيه على أن هناك مكتبين استشاريين فرنسيين، هما المسؤولان عن إجراء عدد من الدراسات والأبحاث، لبحث الآثار البيئية للسد، وتصميمه وأضراره على دول المصب، والفقرة الخامسة منه نصت على "وجوب الأخذ بنتائج هذه الدراسات عند ملئه وتشغيله"، وأشار إلى أن سد النهضة ليس هو المشكلة في الوقت الحالي، فبناؤه والانتهاء من تشييده أصبح واقعا، والتفاوض الآن على كيفية تشغيله وكيفية ملئه، والهدف هو عدم وقوع أضرار من دول المنبع على دول المصب، مؤكدًا أن هذا حق شرعي ومقنن.
وأشار محمود إلى أن العلاقات المصرية الإثيوبية مرت بأكثر من مرحلة، المرحلة الأولى كانت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكانت بين منحنى الصعود والهبوط، والمرحلة الثانية في عهد الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، وكانت العلاقات متوترة إلى حد كبير، نتيجة عدة أسباب منها تقارب النظام المصري في ذلك الوقت مع الولايات المتحدة الأميركية، والنظام الإثيوبي كان متحالفا استراتيجياً مع الاتحاد السوفيتي، بالإضافة لعدد من الأسباب التاريخية والسياسية والدبلوماسية آنذاك، وأضاف "لكن في عهد رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق، ميليس زيناوى، كانت هناك عدة لقاءات مثمرة في بداية حقبة التسعينيات بينه وبين الرئيس الأسبق مبارك، أسفرت عن توقيع اتفاقية تعاون في مجال المياه عام 1993، ولكن مع الأسف لم تستفد الدولتان منها، لأنه لم يتم توثيقها رسمياً، المرحلة الثالثة في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، والذي حدث في عهده مؤتمر القوى الوطنية لمناقشة أزمة سد النهضة، وتمت إذاعته على الهواء مباشرة، وتسبب في حدوث عدد كبير من الأزمات الدبلوماسية بين مصر وإثيوبيا وعدد من الدول الأفريقية، لأنه كان بمثابة إعلان حرب على دولة شقيقة بدون داع، وعمل على تخريب علاقتنا بها."
واستطرد السفير المصري في أثيوبيا "لكن صفحة جديدة من العلاقات مع إثيوبيا تم فتحها في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي في عام 2014، حيث تم الاتفاق على عدد من الأمور أهمها إنشاء لجنة ثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، وتم تفعيل هذه اللجنة حتى تم الاتفاق على إعلان المبادئ بالخرطوم في عام 2015، ثم الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس السيسي في البرلمان الإثيوبي، والذي أكد فيه على طي صفحات الماضي، وتطوير العلاقات بين البلدين، ومنذ ذلك التوقيت اتخذت العلاقات الدبلوماسية شكلا أكثر هدوءا وتعاوناً، ولكن مع الأسف تأثرت العلاقات قليلاً في عام 2016، بسبب اتهامات وجهتها الحكومة الإثيوبية لمصر، بأن عددا من الأجهزة المصرية دعمت المعارضة في أديس أبابا، وهذا ما تم نفيه من الرئاسة ووزارة الخارجية المصرية، وأكدنا أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة وخاصة "إثيوبيا"، وتم تجاوز تلك الأزمة وعادت العلاقات بين البلدين إلى الأفضل".