واشنطن ـ يوسف مكي
يزداد الوضع سوءًا في اليمن، يومًا بعد يوم، فالصراعات والحروب الأهلية التي اندلعت في اليمن في الآونة الأخيرة شرَّدت فئة كبيرة من الشعب اليمني، ووضعت البلاد في خطر المجاعات التي بدأت بالفعل تنتشر في بعض المدن.
ويقول صالح سعيد، في مقال له نشرته "الغارديان" إنه من المؤسف رؤية اليمن، التي ولدت فيها، في هذا الوضع الذي لم يحدث طيلة العقود الماضية، فاليمن كانت تشهد تقدمًا ملحوظًا قبل بداية ثورات "الربيع العربي"، ورغم أن الدولة تعد واحدة من أفقر البلاد في الشرق الأوسط، إلا أن مظاهر التطور كانت السمة التي تميز البلاد.
فالسياحة كانت قد بدأت بالازدهار بفضل الشواطئ الذهبية، والبحار الفيروزية، والجبال الرائعة، ومواقع التراث اليمني العريق، كما أن الأراضي الزراعية كانت ممهدة لزراعة المحاصيل المتنوعة، كما أن الساحل اليمني كان يمد البلاد بالثروة السمكية. ولكن الصراعات اليمنية في الآونة الأخيرة أفسدت الحالة التي كان يعيش عليها اليمنيون، وأفقدتهم القدرة على الإنتاج، كما أدت إلى فقدان الكثير منهم لوظائفهم، الأمر الذي أدى إلى انعدام الأموال، وأصبحت مجموعة كبيرة من الشعب اليمني تعاني من نقص حاد في الطعام، الأمر الذي يجعل إعلان اليمن عن المجاعة أمرًا وشيكًا.
وأدَّت الحروب الأهلية في اليمن إلى تخلف البلاد قرنين أو ثلاثة، فدمرت المصانع والفنادق والمنازل والطرق والكباري، بل أن تدمير المصانع لم يحدث فقط نقصا في الوظائف، بل أحدث أيضا نقصا في الإنتاج.
وتُعدُّ اليمن حاليًا من أخطر المواقع التي يعمل فيها الصحفيون، فقليل من المراسلين يتم السماح لهم بالعمل هناك. ويضيف صالح أنه عندما زار مدينة الحديدة فوجئ بالعدد المهول من المرضى الذين يتواجدون بالمستشفى الرئيسي، وتابع "تعيش اليمن حالة من الرعب والاضطراب، فأصوات الرصاص والقنابل منتشرة في كل مكان، ولا يعلم أحد أين تهبط القنبلة".
وتشير الإحصائيات إلى أن 19 مليون يمني، أي ما يقرب من 70% من الشعب اليمني، في حاجة إلى مساعدات إنسانية، وينتشر الأطفال في الشوارع بحثا عن المأوى والطعام. ومن المعروف في اليمن، أن كبار السن يعاملون باحترام ووقار، ولكن الأزمة الحالية اضطرت النساء فوق سن الـ80 للخروج إلى الشوارع والبحث عن الطعام لأحفادهم، فلقد دمرت البنية التحتية لليمن وأصبح النجاة منها صعب المنال.
والحل الوحيد لهذه الأزمة أن تتوقف الجهات المتنازعة عن القتال، وأن تمنح أبناء اليمن فرصة إعادة بناء الدولة، فوضع الأطفال المأساوي في اليمن حاليا صار أمرا لا يمكن السكوت عليه. وللمملكة المتحدة (بريطانيا) دور مشهود في إرسال المساعدات لأهل اليمن، كما حذرت الولايات المتحدة سابقا من خطورة المجاعات الوشيكة في اليمن والصومال وجنوب السودان وشمال نيجريا، لذلك يجب أن يكون للجمعيات العالمية، خاصة الدول الغربية الثرية، دور في إرسال المساعدات لليمن، وأن تحد من انتشار المجاعة هناك، فالعالم لديه طعام يكفي الجميع، لكن يجب التأكد من وصولها إلى الأيدي التي تحتاجه.