وزير الخارجية المصري السابق الدكتور نبيل فهمي

أكد وزير الخارجية المصري السابق، الدكتور نبيل فهمي، أن القرار الأميركي الأخير بخصوص استقطاع المعونة المصرية مرفوض شكلًا وموضوعًا، ويعكس غرورًا و"جليطة سياسية"، موضحًا أن المجتمع المصري فوجئ بتكرار الأزمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتيجة المناخ الإيجابي والكيمياء بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي، لافتًا إلى أن القراءة الدقيقة للساحة الأمريكية والوضع الدولي تقول إن الأمر ليس مفاجئًا.

وأضاف أن "ترامب" لا يُستثار من التقارب المصري الروسي، وأن الأمر يثير دوائر أخرى في الإدارة الأميركية على رأسها البنتاغون، موضحًا أن حل الأزمة يعتمد بالأساس على التعاون مع الغير والاستفادة منه بتوازنات ونسب معقولة، فضلًا عن الحل الذاتي الوطني، بالاعتماد أكثر على الذات وليس الانعزال، مشيرًا إلى أنه يؤيد المصالحة العربية مع قطر، لكن بعد المحاسبة دون أن "نقلب الصفحة وننسى ما فات"- بحسب وصفه.

وعن مسارعة الرئيس ترامب بالاتصال بالسيسي عقب القرار، قال فهمي إن المبلغ المستقطع حوالي 90 مليون دولار أميركي، فضلًا عن مبلغ تم حجبه حوالي 195 مليون دولار، تم تجميده مرحليًا، وهذا المبلغ ضئيل في حد ذاته ولن يؤثر في السياسة الخارجية المصرية أو الداخلية، لكن الإجراء سلبي للغاية من الناحية السياسية، وترامب رئيس غير تقليدي، وعليه في النهاية أن يحسب حسابات معاركه الداخلية مقابل معاركه الخارجية، وماذا تضيف له أو تخصم منه، وفي اعتقادي أن ترامب وجد أن هذا المبلغ المستقطع ضئيل، وفضَّل عدم الدخول في معارك جانبية مع أعضاء الكونغرس، وفي مقابل ذلك اتصل بالرئيس، وأعتقد ليؤكد له أنه قلق بشأن ما حدث، وهذا جزء من المعادلة السياسية الأميركية التي تضم أطرافًا كثيرة، والجميع يوازن بعضه، وليس الرئيس وحده، ويجب عدم الوقوع في خطأ التعامل مع ترامب باعتباره أميركا، أو أن أميركا هي ترامب فقط.

وكشف فهمي أن ما تم حجبه من المعونة العسكرية وليس المعونة الاقتصادية، وهذا أمر خطير جدًا، فالعلاقات العسكرية المصرية - الأميركية يجب أن يكون لها طابع استراتيجي، والجانب الاقتصادي في المعونة تم تخفيضه بدرجة كبيرة للغاية ولم يعد له أي تأثير حقيقي، فبعد أن كانت قد تحددت بعد اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بـ850 مليون دولار حتى عام 1996 تم الاتفاق على تخفيضها 40 مليون دولار سنويًا لمدة 10 سنوات، وفي آخر عهد جورج بوش الابن خُفِّضت مرة أخرى، والأمر المهم هنا أكثر من التخفيض، وهو أن الجانب الأميركي أصبح وحده من يتحكم في توزيع المعونة، والمسألة إذن ليست المعونة الاقتصادية لكن ضرورة عدم المساس بالمعونة العسكرية.

وأوضح أن مجلس التعاون الخليجي عنصر إيجابي يجب البناء عليه وليس تفكيكه، متسائلًا: " هل سيكون هناك تحالف عربي تركي إيراني ضد أطراف عربية أخرى؟ كموائمات ومناورات ممكن، إنما كتحالف طويل الأجل لا أعتقد ذلك، لتعارض المصالح، فهناك تعارض للمصالح التركية الإيرانية على الأرض حتى وإن كان هناك توافق في الرغبة في إبراز العنصر غير العربي في العالم العربي".

وواصل: "وحجم قطر في حد ذاتها عربيا أو حتى إسلاميا مع كامل الاحترام للشعب القطري، لا يسمح لها القيام بدور حاكم إيجابي في التوازن الإقليمي خارج إطار المناورة في منطقة الخليج، ونحن في مرحلة التفكك والهزة العنيفة في العالم، لكن لم نصل بعد إلى قيام التحالفات"، مشيرًا إلى أن التوافق المصري السعودي الإماراتي البحريني كان قائما منذ مدة طويلة في قضايا أخرى، بمعنى أنه ليس توافقًا جديدًا، وبكل صراحة هذا ليس ضد قطر، ولكن توافقًا ضد ممارسات محددة شاهدناها في الفترة الأخيرة من قطر.