واشنطن ـ يوسف مكي
أجبر منحنى التعلم الحاد وقلة الخبرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، على التراجع عن الكثير من وعوده الانتخابية، خصوصًا بعد فشله في إلغاء قانون الرعاية الصحية وغيره من القرارات. فبالنسبة للرئيس الأميركي، فقد تركز طريق تغيير رأيه في ما يتعلق بالصين على مناقشة مع المديرين التنفيذيين للشركات في غرفة الطعام في البيت الأبيض في فبراير / شباط الماضي، عندما تحولت المحادثة إلى تناول الحديث عن العملة الصينية، وقد ارسل المديرون التنفيذيون رسالة بسيطة للرئيس، مفادها "أنت مخطئ".
وكان الرئيس ترامب يصر لفترة طويلة على أن الصين تقوم بخفض قيمة عملتها وينبغي معاقبتها، ولكن المسؤولين التنفيذيين عادوا إلى الوراء، وأخبروه بأن بكين قد توقفت بالفعل عن ذلك. وبينما قاوم ترامب في البداية - في وقت متأخر من هذا الشهر دعا "بطل العالم" الصيني للتلاعب بالعملة - بعد العديد من المحادثات مثل تلك التي جرت في شباط / فبراير، تراجع في قراره، معلنا هذا الأسبوع أنهم "لا يتلاعبون بالعملات" بعد كل ذلك.
وبالنسبة لأي شاغل جديد للبيت الأبيض، فإن الأشهر الأولى تشبه ندوة للدراسات العليا في السياسة المكدسة في كل اجتماع مدته نصف ساعة. وما كان له تأثير كبير خلال الحملة الانتخابية قد يكون له تأثير ضئيل في الواقع في المكتب البيضاوي، وتعلم الرئيس يمكن أن يكون صعبا حتى بالنسبة للحكام السابقين أو أعضاء مجلس الشيوخ.
وبالنسبة للرئيس ترامب، أول رئيس في التاريخ الأميركي لم يخدم قط في الحكومة أو الجيش، فإن منحنى التعلم شديد الانحدار عليه، وكان ذلك واضحا تماما خلال الأسبوع الماضي. فقد اكتشف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد لا يكون "أفضل صديق" الذى تخيله، وأن قرار البقاء بعيدا عن الحرب الأهلية في سورية كان أصعب مما هو عليه في الواقع.
وقد اعترف بأن 10 دقائق من الاستماع الى الرئيس الصيني جعلته يدرك انه لا يفهم تماما تعقيدات الموقف مع كوريا الشمالية. كما قال انه لم يعد يعتقد أن الناتو "عفا عليه الزمن".
وقبل أسابيع قليلة، وفي خضم الجهود الفاشلة لإلغاء برنامج الرعاية الصحية للرئيس باراك أوباما، اعترف بأن القضية كانت اكبر من مجرد شعار لإلغاء وإحلال القانون خلال الحملة الانتخابية. وقال "لا أحد يعرف أن الرعاية الصحية يمكن ان تكون معقدة جدا". لا أحد باستثناء أي شخص قضى معظم وقته في صنع السياسة في واشنطن.
ومما لا شك فيه أن ترامب لا يزال رئيسا تاريخيا لا يمكن التنبؤ به، نظرا للدفعة الخاصة به، ولا يزال يميل إلى مؤسسة واشنطن، ويدعم التدابير الأيديولوجية التي تحظى بشعبية مع قاعدته المحافظة، بما في ذلك التشريعات التي وقعها يوم الخميس. وفي البداية، رفض ترامب أهمية تلقي إحاطته الاستخبارية كل يوم، بحجة أنه لم يتعلم الكثير. ورأى انه سيكون من السهل منع المسافرين من عدة دول ذات اغلبيه إسلامية وبناء جدار حدودي حيث يجبر المكسيك على دفع ثمنه. ولم يسمع أبدا عن إجراءات الكونغرس التي أجبرته على الغاء قانون الرعاية الصحية قبل إصلاح قانون الضرائب.
ولكن مع وصول شخصيات محنكة للعمل معه، تراجع عن بعض وعوده الاستفزازية. وأرجأ عزمه نقل السفارة الأميركية في إسرائيل الى القدس بعد أن هرع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن لتحذيره من رد فعل عنيف بين العرب. وتخلى عن عزمه على استعادة التعذيب بالغرق فى تحقيقات الإرهاب بعد ان قال له وزير الدفاع، جيم ماتيس، انه غير فعال. ولم يعيّن مدعيًا خاصا للتحقيق مع منافسته هيلاري كلينتون، أو قام بتفكيك أو إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أو عكس سياسة السيد أوباما في كوبا أو أنهى برنامج سلفه.