القاهرة – أحمد عبدالله
لا يُوصف تسريب بيانات كاملة لـ 50 مليون شخص بسبب "فيسبوك" بأقل من "فضيحة" هزت العالم خلال الساعات الماضية، ولايضاهيها سوى إعلان شركة أميركية شهيره للملابس الرياضية عن أن قرصنة طالت بيانات 150 مليون مستخدم لديها، الأمر الذي أدى لتسليط الضوء على مخاطر "أمية رقمية" لدى الشعوب العربية، ووسائل التدخل السريع المطلوبة لحماية البيانات الشخصية.
من ناحيته، قال رئيس لجنة الاتصالات في البرلمان المصري، نضال السعيد، إن مجلس النواب فطن إلى المخاطر المحدقة بحماية البيانات الشخصية على "فيسبوك" منذ أعوام، وأن خطوات متقدمة اتخذها نواب لجان الاتصالات والدفاع والأمن القومي من أجل صياغة تشريع محكم ومتماسك يوفر حماية لمرتادي مواقع التواصل في مصر.
وأوضح نضال السعيد "ننص صراحة في قانون جاري مناقشته حاليًا بشأن اعتبار البيانات الشخصية للأفراد من الحقوق الأساسية الواجب حمايتها، هناك حزمة عقوبات ضد أي شركة أو جهة أو فرد يثبت محاولته استخراج او معالجة البيانات والتوجهات الشخصية، تصل العقوبات إلى السجن والغرامة الكبرى، سيتم بموجب القانون إنشاء جهات متطورة للإشراف على الأمر".
فيما أشار عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، اللواء تامر الشهاوي، إلى أنه في بداية طرح النواب لقوانين حماية البيانات الشخصية، ساد اعتقاد بأن تضييق محتمل على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن الصدفة وحدها أدت للكشف عن أزمة تسريب "فيسبوك" بيانات خمسين مليون مستخدم، بعد طرح البرلمان قانون حماية البيانات بأيام قليلة، مؤكدًا "نسعى لوقف نزيف تسريب بيانات الأشخاص دون أي تضييق".
وأردف الشهاوي أنه بادر شخصيًا بإعداد قانون متكامل في هذ الصدد، واحتوى على عقوبات رادعة لكل من يقوم باعمال القرصنه على حسابات الأفراد أو الدولة، مشيرًا إلى دور محتمل لنواب لجان البرلمان المعنية من أجل نشر الوعي بشأن كيفية التعامل مع التطبيقات الذكية، وتوضيح آليات تصعب مسألة سرقة المعطيات الشخصية للأفراد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تثبت يوميًا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها.
وذكر خبير أمن المعلومات، وليد حجاج، أن الاتحاد الأوروبي ضرب أروع الأمثال في استباق مواجهة أخطار السطوة على المعلومات الشخصية، وأن الحاجة أصبحت ماسة إلى تشريعات شاملة تواكب وتجاري التطورات الجديدة الخاصة بالتعامل مع التبادل المعلوماتي والسوشيال ميديا، وأوضح أن الأمر أصبح غير قاصر على هجمات عابرة أو قرصنة لأشخاص عاديين، وإنما بات صراعًا قويًا بين دول كبرى، تسخر إمكانيات هائلة من أجل تسريب بيانات مواطنين دول أخرى، وبالتالي يجب مواجهة الأمر على نفس قدر خطورته، التشريعات والقوانين والنظم مطلوبة وبشكل عاجل، ولكنها لن تكفي وحدها لو لم يكن هناك وعي حقيقي بخطورة الموقف، يجب التحرك لمحو "الأمية الرقمية" في بعض الشعوب العربية.
وكان مقال منشور في جريدة الغارديان بتاريخ 30 مارس/ آذار 2018، يتحدث عن اكتشاف خبير التقنيات ديلان كوران أن منصات التواصل الاجتماعي تحتفظ بكم هائل من بيانات الأشخاص حتى بعد مسحها، وأن ملفات الصور ورسائل البريد وحتى مسارات سير صاحب الهاتف، وضغطات الإعجاب والمشاركة والتهتمامات، كلها محفوظة في ملفات وصل حجمها إلى 6 غيغا لبيانات الشخص الواحد.
ويشار إلى أن أوّل قانون عربي خاص بالتعامل مع مسألة حماية البيانات الشخصية صدر عام 2004، وكان ذلك في تونس، بينما يعود أوّل قانون عالمي إلى مقاطعة هيسن في ألمانيا التي أصدرته عام 1970، وأصدرت دول عربية لاحقًا قوانين مماثلة، كما عليه الحال بالإمارات بدءًا من عام 2007، والمغرب عام 2009، وقطر عام 2016، ومن المرتقب أن تصدر مصر قانونًا مشابهًا هذا العام.