القاهرة - أحمد عبدالله
"تجديدًا للود وحفاظًا على العهد"، هكذا عبرّت موريتانيا في بيان رسمي عن ترحيبها بالإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، في ثاني محطاته الخارجية السبت، بعد البرتغال، والتي كان لها مردود قوي في الصحافة البرتغالية، بعد خطبته في العيد الخمسيني للجمعية الإسلامية في البرتغال، ليؤكّد مراقبون أن الأزهر يضطلع بدور "ممثل القوى الناعمة المصرية"، والساعي لتصحيح صورة الإسلام في أوروبا بعد تأثرها سلبًا بموجات العنف والإرهاب.
"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" كان عنوانا لخطبة ألقاها محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر المرافق للطيب، وذلك في المسجد الرئيسي في لشبونة، والذي كان شاهدًا على حفاوة بالغة في استقبال الطيب، والذي ألقى بعدها الكلمة الرئيسية في الجلسة الافتتاحية للاحتفال بالذكرى الـ 50 لتأسيس الجمعية الإسلامية فى لشبونة، بحضور رئيس البرتغال مارشيلو دى سوزا، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وإدوارد روديغيس رئيس البرلمان البرتغالي، وأنطونيو كوشتا رئيس الوزراء، وأوغيستو سانتوس سيلفا وزير الخارجية، وعبد الكريم وكيل رئيس الجمعية الإسلامية البرتغالية.
الرئيس مارشيلو دي سوزا، رئيس جمهورية البرتغال، قال خلال كلمته باحتفالية مرور 50 عامًا على تأسيس الجمعية الإسلامية في لشبونة، إنه "لشرف لنا زيارة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إلة البرتغال، حيث أوصَلَ رسالةً سلام وانفتاح على الآخر"، وأضاف رئيس البرتغال "الطيب قائد ديني عظيم يدعو دائمًا للتسامح والسلام، ويخفف كثيرًا من الضغط على الساحة العالمية".
وذكرت مشيخة الأزهر، في بيان لها الجمعة، أن الرئيس البرتغالي لفت إلى أن الدور الخاص بالاندماج الإيجابي داخل المجتمع البرتغالي أمر مهم للغاية، مستشهدًا بقول شيخ الأزهر إن واجب المسلمين في المجتمعات الأوروبية وغيرها الاندماج والتعايش في المجتمعات التي يعيشون بها، لافتًا إلى أنه إذا كان هناك أوسمة يجب أن تُعطى فهي للجالية الإسلامية التي تمثل السلام في البرتغال لأنها نموذج للتسامح، كما أضاف الإمام الأكبر أن العاصمة البرتغالية لشبونة كان لها شأنٌ وأيُّ شأنٍ في تاريخ المسلمين العلمي والأدبي والتشريعي والثقافي، وقد كان هناك سيل جرَّار من علماء الإسلام من الذين ولدوا ونشأوا بالبرتغال إلى جانب عطائهم الفكري، مؤكدًا أن هذه الزيارة أيقظت عندنا عزما قويا على افتتاح قسم للغة البرتغالية وآدابها بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر.
وأشار الطيب إلى أن مصطلح “المواطنة” مصطلح أصيل في ثقافتنا الإسلامية، وقد شعت أنواره الأولى في دستور المدينة المنورة وما تلاه من كتب وعهود لنبي الله صلى الله عليه وسلم يحدد فيها علاقة المسلمين بغير المسلمين، على أسس واضحة المعالم، بينة القسمات، تؤكد على أن “المواطنة” ليست حلا مستوردا، وإنما هو استدعاء لأول ممارسة إسلامية لنظام الحكم الذي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم في أول مجتمع إسلامي أسسه وهو دولة المدينة. وهذه الممارسة لا تتضمن أيَّ قدر من التفرقة أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع آنذاك. مشيرا إلى أن ترسيخ “فقه المواطنة” بين المسلمين هنا في أوروبا وغيرها من المجتمعات المتعددة الهويات والثقافات خطوة ضرورية على طريق “الاندماج الإيجابي” .