القاهرة - سهام أبوزينة
خلال فترتي الخمسينات والستينات من القرن الماضى، شيدت صروحًا وقلاعًا صناعية، كبيره في مجالات النسيج والحديد والصلب والأسمنت والسيارات ثم تهاوت ودخلت فى نفق من الخسائر، بسبب عدم التحديث والتجديد وضخ الاستثمارات الجديدة باستمرار.
ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئاسة الجمهورية، بدأ الرجل في العمل جاهداً على عودة الروح مرة أخرى لقطاع الأعمال، ووجه بسرعة دراسة وضع شركات قطاع الأعمال المتعثرة، واتخاذ القرارات الفورية الحاسمة بشأنها، خاصة فيما يتعلق بأسلوب وآليات الإدارة، ودعم الناجحة منها، وذلك في إطار المبدأ الراسخ بحسن إدارة أصول الدولة لتحقيق أقصى عائد بأعلى درجات الكفاءة.
ونتناول في هذا التقرير خطة الرئيس لإعادة الروح إلى هذا القطاع العريق، وكذلك أبرز المصانع التي لها تاريخ طويل، وتناقش مع الخبراء كيفية النهوض بالقطاع العام مرة أخرى.
خطة "السيسي" للنهوض بقطاع الأعمال
اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي، مع رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ووزير قطاع الأعمال العام خالد بدوي، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي أن وزير قطاع الأعمال العام تناول خلال الاجتماع موقف شركات قطاع الأعمال العام واستراتيجية الوزارة لتطويرعمل تلك الشركات وتحسين أدائها، موضحاً أنه جاري دراسة وضع كل شركة وما تملكه من إمكانيات وأصول، وذلك لدعم الشركات ذات الأداء الجيد التي تحقق أرباحاً، بينما الشركات التي تعاني من خسائر فسيتم إعادة النظر في طرق التعامل معها وتحديد الحلول التي يمكن من خلالها تطويرها وفقاً لما ستسفر عنه الدراسات، حيث أن الشركات التي تعاني من خسائر كبيرة تحتاج إلى حلول سريعة وجذرية، وبعضها بحاجة إلى توفير العمالة المؤهلة أو تغيير هيكلها الإداري أو نظم التشغيل بحيث تتمكن من تطوير أدائها لتواكب تطورات السوقين المحلي والعالمي بما يمكنها من تحقيق الأرباح.
وأشار الوزير خالد بدوي إلى الحرص على تحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانات التي تمتلكها تلك الشركات من أصول وعقارات وأراضي، مؤكداً أن كل الحلول مطروحة للتعامل مع هذه الأصول ومع الشركات الخاسرة من خلال دراسة حالة كل شركة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
وقال وزير قطاع الأعمال، خالد بدوي، إنه لديه فرصة حقيقية لاستغلال دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي في اتخاذ قرارات وصفها بـ«الجريئة» لإصلاح القطاع العام، مشيرًا إلى أن «السيسي» صادق وجريء ولديه رؤية حقيقية تجاه قطاع الأعمال.
ولفت السفير بسام راضي إلى أن الرئيس وجه بسرعة دراسة وضع شركات قطاع الأعمال المتعثرة، واتخاذ القرارات الفورية الحاسمة بشأنها، خاصة فيما يتعلق بأسلوب وآليات الإدارة، ودعم الناجحة منها، وذلك في إطار المبدأ الراسخ بحسن إدارة أصول الدولة لتحقيق أقصى عائد بأعلى درجات الكفاءة، مشيراً إلى أن عملية التنمية الشاملة التي تشهدها قطاعات الدولة حالياً يجب أن تنعكس على حجم أعمال تلك الشركات، خاصة العاملة منها في قطاع التشييد والبناء والبنية التحتية بكافة جوانبه. كما وجه الرئيس بالاستعانة بعناصر الشباب المؤهل من الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب في الجهات التابعة لوزارة قطاع الأعمال لدعم القدرات البشرية بتلك الشركات بكوادر شبابية مؤهلة علمياً وإدارياً وفق أعلى المعايير العالمية.
"القومية للأسمنت".. تواصل نزيف الخسائر
الشركة القومية للأسمنت ، هى إحدى شركات القابضة للصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام متوقفة عن العمل، وسط تكنهات بتصفية الشركة.
العديد من الأسباب ساهمت بشكل كبير في تفاقم أزمة "القومية للأسمنت"، أبرزها لجوء الشركة لإجراء عمرة غير مدروسة كلفتها 1.6 مليار جنيه، للتحول إلى العمل بالغاز بدلا من المازوت.
كذلك فإن طول فترة العمرة ووجود عيوب فنية فيها رفعت من كميات الغاز المستهلكة بدون فائدة، بالإضافة إلى وجود شركة تشغيل بجانب عمال الشركة مما رفع تكلفة الرواتب لأكثر من 360 مليون جنيه سنويا.
وساهم أيضًا حصول شركة التشغيل على 113 جنيها عن كل طن يتم انتاجه في تفاقم الأزمة، فضلاً عن اعتماد الشركة على البيع بنظام الصفقات وعدم قدرتها على المنافسة فى السوق، وزيادة الأسمنت المنتج رغم أن كل طن يتم انتاجه تخسر فيه الشركة نحو 350 جنيه.
ولعل تجاهل الشركة القابضة الكيماوية لأزمات الشركة المتلاحقة وعدم التدخل لتصحيح المسار، والتأخر الشديد فى تحويل الشركة من استخدام الغاز الى استخدام الفحم، أدى لرفع الخسائر والديون لنحو 4 مليارات جنيه.
ويرى عدد من الخبراء أن من أبرز أسباب الانهيار عدم تطوير مصانع الشركة وإنتاج مواد أخرى مثل الجير والطوب وإهمال استغلال الأصول، وإهمال تدريب العمال ليحلوا محل عمال شركة التشغيل مما زاد من حجم الخسائر
تسوية المديونية.. الأمل الأخير لانقاذ "القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس"
الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس هى إحدى الشركات التابعة لوزارة زارة قطاع الأعمال، وقد حلت محل هيئة القطاع العام للغزل والنسيج بموجب قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية.
ويبلغ رأسمال الشركة، 651 مليون جنيه، تتولى الشركة القابضة الإشراف على إدارة استثمار الأموال من خلال الشركات التابعة لها، كما يكون لها عند الاقتضاء أن تقوم بالاستثمار بنفسها، وللشركة فى سبيل تحقيق أغراضها القيام بالأعمال الآتية :تأسيس الشركات التابعة وغيرها من الشركات المساهمة وذلك بمفردها أو بالاشتراك مع شركات قابضة أخرى أو أشخاص اعتبارية عامة أو خاصة أو أفراد ، شراء أسهم شركات المساهمة أو بيعها أو المساهمة فى رأسمالها، وتكوين وإدارة محفظة الأوراق المالية للشركة القابضة بما تضمنه من أسهم وصكوك تمويل وسندات وأي أدوات أو أصول مالية أخرى، وإجراء جميع التصرفات التى من شأنها أن تساعد فى تحقيق كل أو بعض أغراضها.
الشركات التابعة، وعددها 32 شركة مملوكة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس ملكية كاملة، ويعمل بهذه الشركات عدد 61297 عاملا، حيث يبلغ متوسط أجر العامل السنوي 36023 جنيه سنويًا وفقا لآخر ميزانية في 30 يونيو 2014.
ويوجد بالشركة مقر مخصص لعرض منتجات الشركات التابعة على مساحة 1000 متر مربع ليستفيد العاملون وأسرهم من تلك المنتجات، كما يوجد جمعية تعاونية مساهمة من الأعضاء العاملين بالشركة وتوفير مستلزمات لهم من الشركات التابعة حسب الاحتياجات.
ووقعت الشركة في بؤرة المديونيات المتراكمة لصالح بنك الاستثمار القومي، حيث بلغت خسارتها نحو 2 مليار و700 مليون جنيه، في مراحلها الأخيرة بداية من النسيج ومروراً بالصباغة، بينما تتحسن في مراحلها الأولى وهي حليج الأقطان والغزل التي تمتلك ميزة تنافسية، تمكنها من تحقيق أرباح ضخمة بعد التعويم، حيث دخلت مجال المنافسة، وحققت أرباحاً ضخمة بسبب زيادة الطلب، الأمر الذي تطلب تطوير نحو 18 محلج بسرعة.
وعقد خالد بدوي، وزير قطاع الأعمال العام، لقاء مع محمود منتصر نائب رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي، وأحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، لمناقشة المديونية المتراكمة على الشركة القابضة، وبحث تسويتها.
وقدر بنك الاستثمار القومى مديونيته المستحقة على الشركة القابضة للغزل، خلال اللقاء، بنحو 10 مليارات جنيه وفقا للبيان الصادر عن وزارة قطاع الأعمال.
وقال "بدوى"، إن الشركة القابضة للغزل ستجرى حصراً للمديونية المستحقة عليها لبنك الاستثمار خلال أيام، نتيجة عدم وجود مصادقة نهائية لإجمالى مديونيات الشركة القابضة وشركاتها التابعة لصالح بنك الاستثمار القومى، والأيام المقبلة سيجرى مراجعة الأرقام النهائية.
وأشار وزير قطاع الأعمال، إلى ضرورة التوصل لحلول حاسمة ومرضية للطرفين، بما يضمن تحسين محفظة قروض البنك ويحقق مصلحة الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج.
وأكد على ضرورة الإسراع فى اتخاذ الخطوات اللازمة لتسوية هذه المديونية، والتى تعد الأكبر للبنك بين شركات قطاع الأعمال العام، من خلال تنازل الشركة القابضة عن بعض الأصول العقارية لصالح البنك، وتوقيع بروتوكول بين الجانبين حول الأسلوب المتفق عليه لتسوية المديونية والإجراءات التى ستتبع ذلك وفق جدول زمنى واضح.
"المصرية لتجارة الأدوية" تبحث عن طوق النجاة
هي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للأدوية، ومن أكبر شركات التوزيع للأدوية المحلية والمستوردة وألبان الأطفال والأدوية المدعومة، والتي تأسست في في يوليو 1965، برأس مال مليون جنيه ومبيعات قدرها 17.35 مليون جنيه، بإجمالي 1000 عميل، ومنذ ذلك التاريخ وهي تشهد تطويراً هائلاً في جميع الأنشطة إلى أن أصبح رأس مالها في 30 يونيو 2014 المرخص به 500 مليون جنيه والدفوع 300 مليون جنيه ورأس المال العامل 623 مليون جنيه بإجمالي مبيعات قدرها 5.2 مليار جنيه.
وتتعامل الشركة مع 6573 مستحضر دوائي لعدد 267 شركة أجنبية ومحلية واستثمارية، بإجمالي مبيعات 6673 مليون جنيه في يونيو 2016.
وتحولت الشركة المصرية لتجارة الأدوية، إلى الخسارة في العام المالي الماضي، مقابل أرباح خلال العام المالي السابق، وحققت خسائر بقيمة 601.864 مليون جنيه مقابل 136.709 مليون جنيه أرباح عام 2015 – 2016، فيما بلغت إيرادات نشاط بأكثر من 7 مليارات جنيه.
وأرجعت وزارة قطاع الأعمال العام، تحول الشركة التابعة للقابضة للأدوية، للخسارة إلى توريد الأدوية بالأسعار القديمة قبل تحرير سعر الصرف، مما أدى لتحقيق الشركة لخسائر تعدت نصف مليار جنيه.
"الحديد والصلب المصرية".. قلعة صناعية دمرتها المصالح
هي شركة مساهمة مصرية، تعد من أكبر شركة للحديد والصلب في مصر وأول شركة في الشرق الأوسط ، تأسست عام 1954 بقرار من الرئيس عبد الناصر ، وهي عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان. وهى تابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية.
بدأت فكرة إنشاء شركة للحديد والصلب في مصر عام 1932 بعد توليد الكهرباء من خزان أسوان، وظل في إطار الحلم المجرد حتى ظهر على أرض الواقع عندما أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مرسومًا بتأسيس شركة الحديد والصلب يوم 14 يونيو 1954 في منطقة التبين بحلوان كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في العالم العربي برأسمال 21 مليون جنيه.
تم الأكتتاب الشعبي وكانت قيمة السهم جنيهين مصريين يضاف إليهما خمسون مليمًا مصاريف إصدار، وفى يوم 23 يوليو 1955 قام عبدالناصر مع أعضاء مجلس قيادة الثورة بوضع حجر الأساس الأول للمشروع على مساحة تزيد على 2500 فدان شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد الملحق بها، بعد توقيع العقد مع شركة ديماج ديسبرج الألمانية لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.
وبالرغم من ظروف العدوان الثلاثى سار العمل بهمة ونشاط في بناء المصنع، ولقى المشروع الوليد معاونة صادقة من كل أجهزة الدولة مثل مصلحة الطرق، المرور وسلاح الحدود الذين تضافرت جهودهم لتيسير عمليات النقل.
ففى نفس التوقيت تم تشغيل ميناء الدخيلة لتوريد الفحم اللازم لتشغيل الأفران، وكذلك خط سكك حديدية من الميناء تصل إلى حلوان وخط سكك حديدية آخر لتوصيل خام الحديد من الواحات إلى حلوان. ولم يأت شهر نوفمبر من عام 1957 حتى كانت الأفران الكهربائية الخاصة بصهر الحديد قد بدأت أعمالها بالفعل، وفي 27 يوليو 1958 افتتح عبد الناصر الشركة الوليدة لتبدأ الإنتاج في نفس العام باستخدام فرنين عاليين صُنعا بألمانيا، وقد تمت زيادة السعة الإنتاجية للمجمع باستخدام فرن عالٍ ثالث صناعة روسية عام 1973، لحقه الفرن الرابع بغرض زيادة إنتاج الشركة من الصلب عام 1979، ليضم المجمع بذلك أربعة أفران عالية.
اعتمد المشروع في إنتاجه على خامات الحديد المتوافرة بكثرة في مناجم أسوان "والتى قدرت مساحتها بـ1250 كيلو مترًا مربعًا، فبالإضافة إلى جودة الخام المستخرج منها تعتبر أقرب مصادر الخامات المصرية إلى طرق المواصلات، كما اعتمد على خام الحديد المتوفر أيضا في الواحات البحرية والبحر الأحمر، وقد بلغ إنتاج المصنع - آنذاك - ما يقرب من 210 آلاف طن ليصل إلى 1.5 مليون طن في فترة السبعينيات من الصلب المشكل على هيئة ألواح مختلفة الأحجام والسمك وقضبان وفلنكات حديدية وبلنجات السكك الحديدية، بالإضافة إلى الزوايا والكمرات والستائر الحديدية وأنابيب ومستودعات البترول وغيرها من احتياجات الصناعة المختلفة والتى كنا نستوردها سنوياً، كذلك أنتج المصنع منتجات أخرى ذات قيمة اقتصادية كبيرة منها السماد الفسفوري، خبث الأفران العالية الذى يستخدم في صناعة الأسمنت وكذلك كميات هائلة من غاز الأفران الذى استخدم لتشغيل بعض الآلات في المصنع ذاته، كما استخدم في توليد الكهرباء.
يبلغ عدد أسهم الشركة الحالى 488,436,139 بقيمة إسمية جنيهان للسهم الواحد وتبلغ القيمة السوقية 5,460 جنيه مصري، رأس المال المصدر976,872,278 جنيه مصري، أظهرت نتائج أعمال الشركة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي تحقيق خسائر بلغت 311.6 مليون جنيه.
وواصلت الشركة نشاطها ونموها حتى بدأت بالتدهور تدريجياً في بداية من عام 2005 حتى بلغت خسائرها المرحلة نحو 5 مليارات جنيه منهم 750 مليون جنيه خسائر العام المالى 2016-2017.
وقالت أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سعاد رزق، إن أسباب تدهور الشركة وتراجع إنتاجها، يرجع في الأصل إلى تقادم المصانع وتوقف أكثر من فرن عن العمل فى الشركة مما خفض الانتاج لأكثر من 70% تزامنا مع ضعف القدرة التصديرية وزيادة العمالة التى تخطت وقتها 12 الف عامل ، اضافة الى مشكلات فى خام المناجم، بالإضافة إلى توقف ضخ الاستثمار فى الشركة وتوقفت عمليات التطوير مما فاقم من المشكلات .
وأوضحت "رزق" أن خسارة الشركة بلغت في العام الماضي نحو750 مليون جنيه مقابل خسارة 615 مليون جنيه بزيادة 135 مليون جنيه، فيما بلغت الأجور 752 مليون جنيه خلال العام المالى لـ8666 عاملا مقارنة بـ732 مليون العام السابق عليه لـ9260 عاملاً وهو رقم كبير.
وأشارت أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الحكومة مؤخراً طرحت مناقصة عالمية للتطوير وتبلغ تكلفة عملية تطوير المصنع القديم وبناء مصنع جديد لإنتاج 750 ألف طن حديد تسليح سنويًا تتراوح من 250 إلى 300 مليون دولار.
من جانبه قال رئيس شعبة مواد البناء، بالغرفة التجارية المهندس أحمد الزيني، إن شركة الحديد والصلب المصرية لم تدخل بعد مراحل الإنتاج أو التشغيل، مرجعًا توقف الإنتاج إلى خروج أفران صهر الحديد من العمل.
وتابع "الزيني" إن السوق المحلي في حاجة ماسة لعودة الإنتاج إلى شركة الحديد والصلب المصرية، مبينًا أن حجم الإنتاج المحلي يصل حتى 7 ملايين طن، بنسبة عجز تزيد عن 2 مليون طن، وأن القطاع الخاص ينتج نحو 90% من حصة السوق المحلي، وأن 10% المتبقية تتراوح مابين الإنتاج الحكومي والاستيراد.
وكشف رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، أن عودة مجمع الحديد والصلب المصرية إلى التشغيل، سيعوض وقف الاستيراد بعد رسوم الإغراق التي اتخذها المهندس طارق قابيل، لافتًا أن أسعار الحديد للمستهلك تتراوح ما بين 12.200إلى 12.400 جنيه للطن الواحد، متوقعًا حدوث ارتفاعات قد تكون طفيفة خلال الأسابيع القادمة بعد فرض رسوم الإغراق، وانعدام المنافسة لصالح القطاع الخاص.
"النصر لصناعة السيارات"..
وهي شركة مصرية لصناعة سيارات الركوب، تقع في وادي حوف بحلوان جنوب القاهرة، وهي شركة تصنع الشاحنات والنقل الثقيل، وتعد أول شركه لصناعة السيارات في مصر والشرق الأوسط، وأسست ضمن مشروع القيادة المصرية في ذلك الوقت والمسمى "من الإبرة إلى الصاروخ" بهدف إنشاء مشروع قومي بنهضة صناعية كبرى في مصر.
وتأسست شركة النصر للسيارات سنة 1959، وكانت الحكومة المصرية قد أسستها لتجميع السيارات في البداية ومن ثم صناعة أول سيارة مصرية خالصة، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
يعود تاريخ إنشاء شركة النصر لصناعة السيارات إلى صدور قرار وزاري عام 1957 بتشكيل لجنة تضم وزارة الحربية ووزارة الصناعة، لإنشاء صناعة سيارات اللوري والأتوبيسات في مصر، وتم دعوة شركات عالمية لإتمام ذلك، وبالفعل أسند هذا المشروع إلى شركة "كلوكنر-همبولدت-دوتيز الألمانية، والمعروفة حالياً باسم "دويتز آ.جي"، وتم التوقيع على ذلك عام 1959، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 913 في 23 مايو 1960 بتأميم شركة النصر لصناعة السيارات، لتصبح ملكا للحكومة المصرية.
وافتتحت خطوط التجميع في وادي حوف عام 1960، وتوالت عقود مشروعات تصنيع سيارات الركوب مع شركة "أن سي يو" الألمانية، وشركة فيات الإيطالية، والجرارات الزراعية مع شركة امر اليوغسلافية والمقطورات مع شركة بلاهيورد الألمانية، وبلغت توسعات الشركة 1,660,000 م².
وتعتبر شركة النصر للسيارات من الشركات القليلة في الشرق الأوسط في إنتاج اللوري والأتوبيسات والجرارات الزراعية وسيارات الركوب، وتطور إنتاج الشركة تطورًا كبيرًا بفضل العمالة الماهرة والمدربة عن طريق أكبر مراكز التدريب الألمانية.
وكان هدف إنشاء الشركة بمثابة مشروع قومي بنهضة صناعية كبرى تقوم على التبادل التجاري والصناعي والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والأيدي العاملة، استغلالًا لكل الطاقات وتدريبها لخدمة الوطن، وبدأت الشركة بـ290 عاملًا حتى وصلت لأكثر من 12 ألف عامل من العمالة الفنية المدربة، بالإضافة إلى العمالة في مصانع الصناعات المغذية للشركة.
مع بداية التسعينات، شجعت الحكومة المصرية على إنشاء مصانع خاصة لإنتاج وتجميع السيارات، وبدأت عدة شركات عالمية بإنشاء مصانع لها في مصر وقدمت عدة موديلات حديثة تلبي احتياجات المستهلك مقارنة بما كانت تقدمه "نصر" من موديلات أوقف إنتاجها في مصانع فيات منذ سنوات، حيث ظهرت ماركات أخرى مثل سوزوكي وهيونداي وبيجو، بالإضافة إلى أوبل التابعة لمصنع جنرال موتورز مصر، العامل في مصر منذ نهاية السبعينات.
وفي ظل هذا التنوع الكبير والمنافسة الشرسة، تدنت مبيعات "نصر" بشدة مما أدى إلى زيادة الديون المتراكمة أساساً، وبدأت إجراءات التصفية بسبب تراكم مديونياتها إلى 2 مليار جنيه، وتم تقليص عدد العمالة من 10 آلاف إلي 300 عامل حيث قدمت الشركة ميزانياتها محققة خسائر 165 مليون جنيه.
وجاء تراكم مديونيات شركة النصر لصناعة السيارات لسببين، الأول بسبب عدم توافر عملات أجنبية لإبرام اتفاقيات السيارات المراد تجميعها، حيث كان المتبع حينها أن يتم فتح اعتماد مستندي بالعملة الأجنبية لدى أحد البنوك الوطنية، وكان لا بد من سداد الاعتماد المستندي بالعملة الأجنبية، ولم تتوفر العملة الأجنبية للشركة للسداد نظرا لأن مبيعاتها كانت داخل السوق المصرية، كما أن سعر الدولار الأمريكي حينها كان أقل من الجنيه المصري، ثم جاءت السياسات الاقتصادية لتحرير سعر الصرف مما أدى إلى عجز الشركة عن سداد مديونياتها نظرا للارتفاع السريع جدا لسعر الدولار،
أما السبب الثاني فقد كانت السياسات الخاطئة من الدولة بالتسعير الجبري للسيارة خلال فترة السبعينات وأوائل الثمانينات، حيث كانت الدولة تتبع السياسات الاشتراكية لتيسير حصول المواطنين على سيارة بما يتناسب ومتوسط الدخل للفرد في مصر، وعلى سبيل المثال، فقد بيعت سيارة نصر 133 في أوائل الثمانينات بمبلغ 3000جنيه مصري، في حين كانت تكلفة تصنيعها حوالي 5000 جنيه مصري.
وحققت الشركة أرباحاً كثيرة، حتى فتح باب الاستيراد على مصراعيه، دون آليات وضوابط واضحة أو مراعاة للمنتج المحلي، فتم التوجه لخصخصة الشركة وبيعها، فأجبر أمهر العمال على الخروج بنظام المعاش المبكر.
وتضمن بيان المعاش المبكر الاختياري، خروح 721 عاملا عام 1996، 721 عاملًا، وفي 1997، 213، وزاد العدد عام 1998 ليخرج 596 عاملًا وفي عام 2000 خرج 503 عمال، وفي 2003 خرج 585 عاملًا وفي عام 2004 خرج 5 عمال فقط، ومن عام 2005: 2010 خرج 3153 عاملًا وإجمالي عدد العاملين الذين خرجوا المعاش منذ بدء هذا النظام بشركة النصر للسيارات فقط 5776 عاملًا.
وفي مارس 2013 أقر مجلس الشورى عودة الشركة للعمل تحت إشراف وزارة الإنتاج الحربي والتي وافقت على إعادة المصنع للعمل تحت إشرافها في شهر إبريل 2013 ، ولكنها لازالت متوقفة حتى الآن.
وفي منتصف العام الماضي، قررت وزارة قطاع الأعمال، إعادة النظر في رفع واستخدام الاحتياطى الرأسمالى للشركة القابضة المعدنية، بقيمة 1.2 مليار جنيه في إعادة هيكلة وتسوية مديونية شركة النصر للسيارات.
خبراء: الاستيراد والركود سبب تدهور القطاع العام
وبحسب خبراء ومراقبون، فإن تدهور القطاع العام، يرجع إلى الاتجاه نحو الاستيراد خلال السنوات الماضية، دون النظرلإعداد منظومة إصلاحية متكاملة لإعادة الإنتاج المحلي للعمل، وتطوير الشركات والبحث في أزماتها المالية والقضائية القائمة لتصفيتها.
وقال رئيس الجمعية المصرية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطةخالد نجاتي، إن من أولى خطوات الإصلاح الاقتصادي في الفترة الحالية النظر إلي المصانع المتوقفة التي تعمل بقدرة إنتاجية ضعيفة.
وأوضح "نجاتي" أن ارتفاع عدد المصانع والشركات المتوقفة سواء التابعة للقطاع العام أو الخاص، يرجع إلى الركود الاقتصادي في السنوات الماضية، وارتفاع أسعار الخامات والعملة.
وأشار إلى ضرورة إعادة تشغيل هذه المصانع لما سيكون لها أثر بالغ الأهمية في رواج الاقتصاد المصري، وتقديم تسهيلات من البنوك لأصحاب هذه المصانع، ويقدر العائد المادي من هذه المصانع بحسب الطاقة الإنتاجية.
في السياق ذاته، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق ورئيس اتحاد المستثمرين العربالسفير جمال بيومي، إنه لابد من النظر بجدية في شأن شركات قطاع الأعمال المتوقفة عن الإنتاج، والمصانع المغلقة منذ ثورة يناير2011 خاصة في الفترة الحالية.
وأوضح "بيومي"، أن أولى الخطوات تجاه الإصلاح الاقتصادي أن تتضافر جهود الحكومة مع اتحاد الصناعات ورجال الأعمال وتقديم التسهيلات المتاحة أمام المستثمرين للنهوض بالوضع الاقتصادي، محذراً من الفشل في إحداث نهضة اقتصادية وإلا ستقع كارثة.
وأشار رئيس اتحاد المستثمرين العرب، إلى أنه يمكن تحقيق النهضة الاقتصادية من خلال التوسع في تشغيل المصانع المتوقفة واستحداث جديد لزيادة الإنتاج المحلي الذي يزيد بدوره من الصادرات وجلب العملة الصعبة، لافتا إلى أن هذه الخطوة تمثل حلا أساسيا لمواجهة ارتفاع أسعار الدولار وسداد قيمة قرض صندوق النقد الدولي المتفق عليه حالياً.
وشدد الدكتور مجدى مرشد، عضو مجلس النواب، على ضرورة تقديم الدعم الصريح لشركات قطاع الأعمال لإنقاذ هيئة صناعة الدواء فى مصر، مؤكداً أن الشركات تخسر بفعل فاعل، ولن تربح إلا بتجديد مجالس إداراتها وتجديد خطوط الإنتاج.
وأضاف "مرشد"، أن الأزمة ستنتهى بعد تشكيل هيئة مستقلة لصناعة الدواء، وأن الريادة الدوائية ستعود مرة أخرى، بعد ضبط السوق الدوائية، مشيراً إلى أن المنظومة تمر حاليًا بأسوأ مراحلها على الإطلاق، من حيث التدهور فى المستشفيات والخدمة الطبية المقدمة للمواطنين، بالإضافة لتدنى أجور الأطباء ما أدى إلى سوء العناية الطبية التى تقدم للمرضى، وأيضًا ارتفاع أسعار الدواء المستمر جعل المنظومة أشبه بالعمل التجارى الذى يهدف إلى الربح دون النظر لمعاناة الشعب.
وتابع: "تنتهى أزمات القطاعى الدوائى فى مصر عقب تشكيل هيئة مستقلة لصناعة الدواء، على غرار جميع دول العالم، وهناك اهتمام بتشكيلها داخل لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، لضبط السوق الدوائية وإعادة الريادة لنا مرة أخرى فى صناعة الدواء مثلما كانت فى السابق، وستكون تلك الهيئة تابعة لمجلس الوزراء، وتشكيلها يصدر من رئيس مجلس النواب، وستضم أعضاء من نقابتى الصيادلة والأطباء، ومن غرفة صناعة الدواء، وعدد من الخبراء فى المجال التسويقى ومجال صناعة الدواء، وستكون لها الاستقلالية التامة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع وتنظيمه".
وأكد عضو مجلس النواب، أنه يتعين على الدولة دعم القطاع الدوائى بصورة أكبر حتى تستطيع أداء الغرض المنشود، لافتاً إلى أن تحقق شركات الأدوية لن تحقق أرباحاً إلا بتجديد مجالس إداراتها وتجديد خطوط الإنتاج، ووضع تسعيرة جديدة للأدوية، والتي لم تتغير منذ عام ١٩٩٥.
وقال: "لدينا ٥٢ مصنعًا أغلقت تمامًا، وأكثر من ٢٠ على نفس النهج، والسياسة الدوائية فى مصر معتلة، واذا لم نعمل على إنقاذ تلك الصناعة ستنهار نهائيًا وسنفقد ريادتنا لها إلى الأبد. بعد أن أنشأ طلعت حرب فى ١٩٣٦ أول مصنع للدواء فى القارة، لكن أصبحنا الآن نستورد معظم الأدوية من الخارج، ولذلك يجب الاهتمام بقطاع الأعمال فى صناعة الدواء"، وقال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن هناك أسبابا كثيرة ومختلفة تقف أمام المصانع المتوقفة منذ ثورة يناير 2011.
واقترح "عبده" ضرورة تصنيف الأسباب المختلفة لإيجاد حلول مناسبة لكل مشكلة على حدة دون أن يتم وضع حلول المشكلة كلها في قالب واحد، مشيداً بدور الحكومة في التصدي بفاعلية لعلاج هذه الأزمة.
وأشار إلى أهمية إعاده هذه المصانع إلى العمل لما ستسهم به في النهوض بالاقتصاد المصري ومواجهة أزمة الدولار بضخ إنتاجية كبيرة للأسواق المصرية، وبالتالي ستؤثر سريعا في خفض الأسعار وزيادة فرص للعمالة المصرية وزيادة الصادرات والتقليل من استيراد المواد الخام بالعملة الصعبة.
وأكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن غياب الرؤية الحقيقية للإدارات العاملة بقطاع الأعمال العام خلال السنوات الماضية، هي السبب وراء تراجع وخسارة هذه الشركات، مشيراً إلى أنه يتطلع إلى سرعة تنفيذ توجيهات وزير قطاع الأعمال الجديد، الذي وعد بإعادة العمل في القطاع العام مرة آخرى ومعالجة كافة تلك الأمور التي أودت به إلى منطقة الهلاك.
وطالب "الشافعي" باستغلال الطاقات الشبابية الاستغلال الأمثل، مع إضافة طابع الخبرة لها، بشكل يحقق العائد الاقتصادي المعتمد على الكفاءات اللازمة والفاعلة لتشغيل مثل هذه الشركات، باتجاه نحو إعادة رسم خطوط عريضة للقطاع العام في الطاقة الإنتاجية، بما يحقق التقدم في الاقتصاد المصري.
وعن مشكلات شركة النصر، قال اللواء مهندس عبدالمنعم القاضي، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن الشركة استمرت في الإنتاج حتى توقفت الاستثمارات بعد حرب ١٩٦٧ ، وشاركت في إنتاجات حربية ضخمة، ومازالت منتجاتها من سيارات الشاهين وغيرها تحظى بثقة واسعة لدى الناس حتى الآن.
وأشار القاضي، إلى أن كثرة الديون وفوائدها الثقيلة على الشركة، كان سببا في امتناع البنوك عن إعطائها تمويلات جديدة، ولم تتمكن الإدارات المتتابعة من مواجهة هذه الإشكالية.
وشدد نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية على ضرورة إيجاد فرص تعاون بين قطاع الأعمال والقطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لإنتاج سلع وطنية بصورة كمية، بحيث تفرض الشروط انتاج نحو ١٠٠ ألف سيارة، تكون فيه نسبة الحكومة ٥٠ ألف تعمل على تسهيل بيعهم في مصر وذلك للمساهمة في عودة الشركة لمكانتها مرة أخرى.