القاهرة- مينا جرجس
ينتظر الوسطان الصحافي والإعلامي في مصر، بل والحقوقي أيضًا، خروج مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام للنور بعد أن أصبح ضرورة ملحة لضبط منظومة العمل الإعلامى في تخصصاته كافة ، في ظل حالة الانفلات والانحراف الإعلامي في بعض القنوات التليفزيونية والإذاعية والصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، إلا أن مناقشة المشروع داخل البرلمان المصري تنبأ ببوادر خلاف مع الحكومة قد يعطّل صدوره بعد أن وصفه أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان بـ"المعقد"، مؤكدًا أنه ركّز بصورة أكبر على مهنة الصحافة من العمل في الإذاعة والتليفزيون.
وانتهت لجنة الثقافة والإعلام داخل البرلمان المصري برئاسة أسامة هيكل، من مناقشة 100 مادة من مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، فيما أعلن أسامة هيكل، رئيس اللجنة، أن المشروع المقدم من الحكومة جاء معقدًا للغاية وأكثر تركيزًا على مهنة الصحافة من العمل في الإذاعة والتليفزيون، وهو ما يقتضى مناقشات مكثفة داخل اللجنة.
وقال، إن بعض المواد تستغرق مناقشات تزيد عن الساعتين لكل منها، وقد توقفت المناقشات أكثر من شهر للاستفسار من الحكومة على بعض النقاط، موضحًا أن اللجنة سوف تعيد قراءة المشروع متكاملًا مرة أخرى عقب انتهاء المناقشات لمراجعه الضمانات لإحداث التوازن بين حق المجتمع فى إعلام نزيه وموضوعي دون المساس بحرية الرأى والتعبير من .
ويعتبر قانون الصحافة والإعلام، الذي يناقشه البرلمان المصري حاليًا، هو الجزء الثاني المُكمّل لقانون التنظيم المؤسسي الذي صدر خلال دور الانعقاد الأول للبرلمان، وعلى إثره تم تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث المتمثلة في المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.
وتسبب تقسيم القانون لمشروعين يُناقش كلاً منهما على حدة، في أزمة داخل الوسط الصحافي والإعلامي في مصر، بعدما تقدّم قيادات صحافية وإعلامية – عبر لجنة تم تشكيلها بقرار من رئيس الوزراء آنذاك إبراهيم محلب- بمشروع قانون يدعى "القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام"، يترجم كل ما تضمنه دستور 2014 من مواد تخص الصحافة والإعلام، ولم يتم الأخذ به، بل عزمت الحكومة المصرية على إعداد مشروعي قانونين آخرين، تقدمت بهما إلى البرلمان لإقرارهما.
وتوقفت لجنة الثقافة والإعلام عن مناقشة 5 مواد بقانون الصحافة والإعلام، والتي تنظم ملكية الصحف والقنوات التليفزيونية، وهي: "50، 51، 52، 53، 36"، حيث اعتبرتها اللجنة غير دستورية، وتحتاج إعادة صياغة لضبط وتقنين ملكية الصحف ووسائل الإعلام في مشروع القانون الجديد، وهو ما ردّ عليه وزير شؤون مجلس النواب، المستشار عمر مروان بقوله: "إنه سيتم إعادة صياغة المواد الخمس لوضع ضوابط لا تخل بأحكام الدستور، وفي نفس الوقت لا نترك الساحة متاحة لأي شخص يعبث فيها"، موضحًا أنه سيراجع مع وزارة العدل الضوابط التي يمكن النص عليها في القانون.
ويرى مراقبون أن إعلان البرلمان عن وجود تعقيد بمشروع قانون الحكومة الخاص بالصحافة والإعلام، بجانب شبهة عدة دستورية بعض المواد، سيتسبب في تأجيل إقرار القانون الذي ينتظره الوسطان الصحافي والإعلامي، فضلاً عن أنه سيؤدي بدوره إلى خلاف مستقبلي بسبب القيود المتوقع وضعها على ملكية الصحف ووسائل الإعلام.
وقال "مروان"، إن المواد الخمس المحكوم بعدم دستوريتها في قانون تنظيم الصحافة الصادر سنة 1996، تحتاج إعادة صياغة لضبط وتقنين ملكية الصحف ووسائل الإعلام في مشروع القانون الجديد، مضيفاً: "المشكلة في الضوابط التي توضع، حتى لا تكون الأمور مفتوحة ويكون من حق أي أحد عمل صحيفة أو قناة أو شركة بلا ضوابط".
وتقدمت نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتان الوطنيتان للصحافة والإعلام، بملاحظاتهم على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والتي تمثلت أبرزها في مدّ سن المعاش للصحافيين لما بعد 60 عامًا، وتصحيح أوضاع الصحف القومية وحلّ أزمات مديونياتها، وإصلاح مبنى ماسبيرو وإعادة هيكلته.
وعلى ما يبدو، فإن التعجل في محاولة إصدار القانون قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي في البرلمان، دون الأخذ بملاحظات كافة الأطراف التي يُطبق عليها، سيتسبب في تجدد الخلافات بشأنه، لاسيما وأنه كان محل خلافات في السابق، وأخذ مناقشات عديدة بشأن مسودات مختلفة منذ صدور الدستور الحالي في 2014.