القاهرة - محمود حساني
تختلف العادات والتقاليد من شعب إلى شعب وفقاً لتقاليد وحضارة كل بلد، وتتناقل من جيل إلى جيل ، وتتّبع هذه العادات في الأفراح والأحزان وفي الأعياد والاحتفالات والمناسبات, ومن بين هذه العادات ، حرص المصريين ، خلال أول أيام عيد الأضحى المبارك ، على زيارة القبور إذ يتجهون إلى المقابر مباشرةً عقب الانتهاء من صلاة العيد لزيارة موتاهم في تقليد أصبح الكثير يعتقدونه نوعا من الطقوس الدينية أو العبادة، وهناك من لم ينقطع عن هذه العادة في أي عيد منذ أن توفى قريبه معتبرًا ذلك شيئًا واجبًا.
وتقضي العديد من الأسرة المصرية، ساعات طويلة في المدافن، يتلون آيات من القرآن على روح ذويهم، ويوزعون الحلوى والمخبوزات وبعض المال على الفقراء الذين يسكنون بجوار المقابر ، وينتظرون الأعياد من عام لآخر لجمع القليل من الأموال، من الذين يرتدون على المقابر خلال أيام العيد.
وتقول الحاجة رحيمة ،60 عاماً، "إنها تعودت على زيارة قبر زوجها المتوفي منذ 20 سنة أول أيام عيد الأضحى المبارك، وتقوم بصناعة الحلوى، ثم تقوم بتوزيعها على المتواجدين في المقبرة", وأوضحت الحاجة أم سيد أنها تذهب إلى المقبرة مع صباح أول أيام عيد الأضحى ،لتزور بعضًا من أقاربها وأهلها وبينت أنها لا تأخذ أنواع الأكل من المنزل بل تقوم بشراء ما تريد التصدق به من المحلات وتوزعه على المتواجدين في المقبرة, وأشارت هدى إلى أنها سمعت في بعض الأحيان أن الذهاب إلى المقابر صباح العيد مكروه, موضحة أنها لا تستطيع أن تبدأ العيد بدون زيارة قبر والدتها.
وأوضحت دار الإفتاء المصرية، إن زيارة القبور سُنَّةٌ في أصلها، مُستحبةٌ للرجال باتفاق جميع العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلا إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاثٍ ثُمَّ بَدَا لِي فِيهِنَّ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهَا تُرِقُّ الْقَلْبَ وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ فَزُورُوهَا ولا تَقُولُوا هُجْرا »؛ ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ).
وأضافت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال "ما حكم زيارة المقابر في العيد؟"، أن الزيارة مشروعة لانتفاع الميت بثواب القراءة والدعاء والصدقة، وأُنْسِه بالزائر؛ لأن روح الميت لها ارتباطٌ بقبره لا تفارقه أبدًا؛ ولذلك يعرف من يزوره، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ"، كما رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة القبور بالوعد بالمغفرة والثواب فقال: "مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ غُفِرَ لَهُ وَكُتِبَ بَرًّا").
وأشارت إلى أن زيارة القبور مستحبةٌ للنساء عند الأحناف، وجائزةٌ عند الجمهور، ولكن مع الكراهة في زيارة, غير قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذلك لِرِقَّةِ قلوبهنَّ وعدمِ قُدرَتهنَّ على الصبر, وأفادت: "ليس للزيارة وقتٌ مُعَيَّن، والأمر في ذلك واسع، إلا أن الله تعالى جعل الأعياد للمسلمين بهجة وفرحة؛ فلا يُستَحبُّ تجديد الأحزان في مثل هذه الأيام، فإن لم يكن في ذلك تجديدٌ للأحزان فلا بَأْسَ بزيارة الأموات في الأعياد، كما كانوا يُزارُون في حياتهم في الأعياد"