القاهرة – علي السيد
تشهد العلاقات المصرية الأميركية حالة من عدم الاستقرار عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيرًا، بشأن نقل سفارة بلاده إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وقيام مصر بتحريك الملف داخل مجلس الأمن ومحاولة إلغاء هذا القرار، في الوقت التي هددت فيه إدارة ترامب بوقف المساعدات للدول التي دعمت مشروع القرار داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة حسب ما أعلنت مندوبة واشنطن نيكي هيلي.
وتزامن هذا التوتر مع إعلان زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى مصر وإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي تم تأجيلها وفقًا لظروف خاصة بمايك بنس، وسلطت صحيفة نيويورك تايمز وقتها الضوء على مسار العلاقات بين مصر وأميركا وكتب كل من أندرو ميللر وريتشارد سوكلوسكي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي تقريرا يعلقان فيه على زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بينس للمنطقة، وبدأ الكاتبان مقالهما تحت عنوان "في الحقيقة مصر حليف فظيع"، والذي تحدث عن مسار العلاقات بين البلدين الفترة المقبلة.
ودعا الكاتبان في تقرير النيويورك تايمز، الحكومة الأميركية لإعادة النظر في "الشراكة الاستراتيجية" مع مصر، والتي تغنى بها عدد لا يحصى من المسؤولين الأميركيين عند، وبدأ المقال الأميركي حديثه عن زيارة نائب الرئيس الأميركي " مايك بينس " إلى مصر و إسرائيل، والتي سرعان ما تم تأجيلها إلى منتصف يناير الجاري، حيث قالت " عندما يزور نائب الرئيس الأميركي مصر فإنه سيسير على خطى العديد من المسؤولين الأميركيين، الذين توقفوا في القاهرة ليثنوا على الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، هذا الحديث قد أصبح فارغاً وعفا عليه الزمن، ويجب على بينس خلال زيارته لمصر ألا يهتم بهذه الأمور الشكلية الآن".
و تابع المقال "مصالح الولايات المتحدة ومصر أصبحت متباينة بشكل كبير، ولم يعد هناك هدفاً مشتركاً في العلاقة بينهما كما كان، يجب على بينس أن يكون واضحاً في أن الدولتين بحاجة إلى إعادة تقييم للعلاقات، بدءاً من تخفيض مهول للدعم العسكري الأميركي إلى مصر، والذي من شأنه أن يرسل رسالة هامة إلى كل متلقي للدعم الأميركي بأن المساعدة الأميركية ليست " غير مشروطة " ، كما يعتقدون "، ومن هنا جاء رد سفير مصر في واشنطن ياسر رضا، على صحيفة نيويورك تايمز الأميركية والذي دعا فيه إلى عدم التقليل من دور بلاده في منطقة الشرق الأوسط، وقاا إن مصر عازمة في حربها ضد الإرهاب عسكريا وكذلك من خلال تحديث الخطاب الديني وزيادة التسامح، وأشار إلى أن مصر تنفذ أيضا برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي يتسم بالتحديات، وقد أشاد به المراقبون الدوليون ويعزز مؤسساتها الوطنية في منطقة تعاني من تآكل الدول القومية.
وأضاف سفير مصر في واشنطن أن الجهود المصري تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة طويلة الأجل في المنطقة، وينبغي دعم البلد الذي يعمل بجد لتحقيق هذه الغاية، حيث تحقق أميركا العديد من الفوائد من دعم مصر والنهوض بأولوياتنا المشتركة، وإن المساعدات ينبغي أن تظل أداة لدعم الحلفاء، وليس من أجل "تقديم التنازلات"، وشدد على أن رحلة مصر نحو دولة قومية حديثة كاملة لم تنتهي بعد، ولكن عزم الشعب المصري والحكومة المصرية لا يتزعزع، وآمل أن نتمكن من التفكير وأن نقول إن "الولايات المتحدة شريك لنا على طول الطريق".
ويشغل أندرو ميلر وظيفة نائب المدير للسياسة في منظمة " مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط" في واشنطن، والمدير السابق المختص بمصر في مجلس الأمن القومي الأميركي، والمحلل السابق المختص بمصر في وزارة الخارجية الأميركية، فيما يشغل ريتشار سوكولسكي الرئيس الخارجي الزميل لـ " مركز كارنيجي للسلام الدولي" في واشنطن، والعضو السابق بمكتب التخطيط السياسي لوزير الخارجية الأميركي، وبينما يظل تناول النيويورك تايمز للشأن المصري سلبيا يذهب محرر شؤون الدفاع والأمن القومي بالتليجراف في مقال نشرته صحيفة ذي ناشيونال الإماراتية في نظره اعمق لمشاكل المنطقة إلى القول بأن صانعي السياسة الغربيين يرتكبون خطأ فادحا، اذا تجاهلوا المخاوف المصرية ،الدولة الهامة والحيوية للمنطقة ، إنني ظللت لفترة طويلة انظر إلى مصر باعتبارها مفتاح الاستقرار السياسي في شمال أفريقيا.