مستشفى "57357 لسرطان الأطفال"

لاحقت المواطن المصري سيول من الإعلانات الداعية لأعمال الخير طول فترة شهر رمضان الماضي، والتي تم الكشف عن استنزافها لأرقام فلكية قاربت حصيلتها حتى الآن 150 مليون جنيه، قابلة للزيادة والتضاعف، مع مواصلة الكشف عن موازنة جهات ومستشفيات كبرى، استعانت بوجوه مشهورة لفنانين بارزين في حملات إعلانية ضخمة.

تناقلت تقارير صحافية أن مستشفى "57357 لسرطان الأطفال" تنفق سنويا 135 مليون جنيه وحدها على الإعلانات، بما يوازي 13% من قيمة التبرعات الواردة إليها، أما جمعية "مصر الخير" فقد استعانت بمشاهير أمثال بيومي فؤاد وإيمي سمير غانم، ودفعت ما يزيد على مليون و250 ألف جنيه لإعلان لتتجاوز مدته 30 ثانية، كما أن مؤسسة "بهية" لعلاج سرطان الثدي دفعت أرقامًا فلكية وصلت إلى 2 مليون جنيه في ظهور لم يتجاوز دقيقتين ونصف الدقيقة على الشاشة، مؤسسة "بنك الطعام"، دفعت 100 ألف جنيه في إعلان مدته نصف دقيقة، وجمعية "رسالة" 45 ثانية بـ 150 ألف جنيه، ومستشفى "أهل مصر للحروق" 200 ألف جنيه، في 20 ثانية.

"مصر اليوم" تواصلت مع عدد من ذوي الصلة أصحاب الاختصاص الرقابي في مجلس النواب المصري، أو ممثلي تلك المؤسسات، و خبراء الدعاية والإعلان، لتحليل الظاهرة.

في البداية أكّد النائب حسين غيتة، أن تصاعد الحديث بشأن وجود مخالفات أو شبهات الإسراف الطائل في نفقات الجهات الخيرية، أمر يتطلب وقفة من نواب البرلمان، وأضاف أن البيانات الرسمية التي صدرت عن تلك الكيانات لتبرئة ساحتها، عليها الكثير من التحفظات، غاب عنها توضيح التفصيلات الخاصة بشفافية الإنفاق، وحجم الأموال التي تتلقها من تبرعات، أو التي تنفقها على إعلانات لجمع تلك التبرعات، محذرا من معالجة الأخطاء بأخرى، وخداع الرأي العام.

وأختتم النائب في تصريحات خاصة، بأنه سيضع الأمر في مساره الرسمي الصحيح، ويرفع طلب إحاطة إلى مكتب رئيس البرلمان المصري علي عبد العال، لاستيضاح الحقائق سواء لتفنيد الاتهامات لتلك المؤسسات لعدم المساس بسمعتها أو إعاقة تأدية دورها، أو لرصد أية مخالفات تستوجب التدخل الفوري والقضاء على أي فساد قبل انتشاره.

من جانبه، نفى الدكتور محمد عجاج نائب مدير مستشفى الأطفال 57357، تماما وجود أي مخالفات سواء في عدم الشفافية في إعلان أرقام التبرعات وموافاة الأجهزة الرقابية بها، أو أن يكون هناك تورطًا في عروض سعرية مرتفعة وباهظة من أجل الإعلانات التليفزيونية في رمضان، قائلا: مستشفى الأطفال كانت الأقل في ظهرها هذا العام مقارنة بنظرائها.

وتابع في تصريحات صحافية أن كافة الفنانين الذين ظهروا في إعلانات المستشفى وعلى رأسهم الفنان تامر حسني والفنان الجزائري الشاب خالد، لم يتلقوا جنيها واحدا نظير مشاركتهم، وإنما فريق العمل حصل على حقوقه البسيطة، كاشفا عن وحدة متكاملة لإنتاج الإعلانات في 75375، تتكفل بمتابعة جميع مراحل الحملات الإعلانية، والاتفاق مع الرعاة وأوجه الإنفاق، بشكل دقيق وموثق، ولا نخشى استعراض بنوده في أي وقت .

بدوره، أوضح أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة صفوت العالم، أن الفقرات الإعلانية لها تكلفة ضخمة، وأنها تبدأ من مدد زمنية محددة 10 ثواني، و20 و30 وصولا إلى 60 ثانية كحد أقصى، تحقق انتشارًا واسعًا في عموم البلاد وتدخل كل بيت مصري من خلال شاشة التليفزيون، ويترتب عليها عوائد مادية كبرى لا يُستهان بها.

وأضاف لـ"مصر اليوم": تكلفة تلك المدد لا تقل عن 50 ألف جنيه للعشرة ثواني، تزيد في رمضان لـ 100% من أسعار كل فئة، محذرا من وجود ما وصفه بـ"الإسراف الواضح" في كمية الإعلانات التي احتلت الشاشة التليفزونية الخاصة بأعمال الخير، مشيرا إلى وجود عدة طرق أخرى للدعاية والترويج تعرفها تلك الجهات، إلا أنها لجأت إلى التليفزيون لوجود استفادات أخرى تدر عليهم مزيد من الأرباح في وقت سريع.