رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة

يتخوف سياسيون ليبيون من تجاهل ما ورد من «تجاوزات مالية وإدارية» في تقرير ديوان المحاسبة الأسبوع الماضي، والاكتفاء بحالة السخرية مما تضمنه من أرقام فقط تتعلق بتبديد المال العام، وسط تخوفهم من توظيفه سياسياً، محلياً ودولياً. بداية، استبعد رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» أسعد زهيو، تبني أي من الأجسام السياسية في البلاد المطالبة بفتح تحقيق في المخالفات المالية التي رصدها التقرير، وإثارة القضية بهدف العمل على استرداد الحقوق المنهوبة. وأضاف زهيو، في تصريح ، أن الأجسام السياسية «المتهالكة» ستكتفي بتوظيف التقرير في المناكفة السياسية لفترة ما، وبالتالي سيكون مصيره التجاهل، كسابقيه من تقارير، «رغم أنه يعد وثيقة قانونية تستوجب التحقيق بالتنسيق بين ديوان المحاسبة والنائب العام». ونوه بأن «عدم سقوط قضايا الفساد وسرقات المال العام بالتقادم سيمكن الشخصيات الوطنية من الاستفادة من تلك التقارير وإعادة فتحها مستقبلاً وتقديم الجناة للقضاء عندما تستقر الدولة».

من جانبه، حذّر وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة المؤقتة، حسن الصغير، من «التوظيف السياسي للتقرير من قبل الدول النافذة في الساحة الليبية». وتوقع الصغير، في تصريح ، أن «يتجه سفراء بعض هذه الدول في أول لقاء يجمعهم بالدبيبة، لإثارة شبهات الفساد المتضمنة بالتقرير، وتذكيره بضرورة وجود شفافية وعدالة في توزيع الثروة والحوكمة الرشيدة». واستبعد الصغير أن يكون لخصوم الدبيبة المحليين سواء مجلس النواب أو قيادات حكومة فتحي باشاغا، أي دور في تصعيد ردود الفعل الغاضبة حول التقرير بالوقت الراهن، وقال إن «سياسة هؤلاء خلال الفترة الماضية لم تظهر مهارة في توظيف الفرص».

ورأى الصغير أن رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، مسؤول بدوره عن هذا الأمر أيضاً، لا سيما أنه منافس سابق للدبيبة في سباق الانتخابات الرئاسية، قبل تأجيلها نهاية العام الماضي.
وقال: «شكشك لم يفعّل يوماً ما يتمتع به من صلاحيات الرقابة السابقة والمصاحبة واللاحقة»، متسائلاً: «لماذا ترك الجميع يمضون في تجاوزاتهم إلى النهاية وينفقون تلك الأموال؟ ولماذا لم يطالب ممن أشارت لهم التقارير السابقة بارتكاب التجاوزات برد الأموال؟». وينص القانون الخاص بتنظيم ديوان المحاسبة أن لرئيس الديوان إذا ما ثبت له أن هناك تصرفات ألحقت ضرراً بالمال العام أن يوقف التصرف في حسابات الجهات التي لحقها الضرر لدى المصارف. وتحدث الأكاديمي الليبي المبروك درباش عن عدم محاسبة متهمين معروفين أمام القضاء خلال الفترة الراهنة أو في السنوات الماضية، ورأى أن ذلك «يجهض الآمال بإمكانية وجود محاسبة لمن أشار التقرير لهم هذا العام بالمسؤولية عما تضمنه من شبهات فساد».

وأضاف درباش : «اتهام النخبة السياسية المناهضة لحكومة الدبيبة بالفساد بدرجة ما يعد السبب الحقيقي وراء عدم قدرتها على التعامل مع التقرير بشكل موضوعي وقانوني للمطالبة باستعادة الحقوق»، متابعاً: «لذا قد يتم الاكتفاء من قبلهم بالتلاسن الإعلامي أو محاولة ابتزاز حكومة الدبيبة للحصول على تنازلات منها بجولات التفاوض المستمرة، وربما محاولة الحصول أيضاً على منح دراسية وفرص دبلوماسية لأقاربهم». ويرى درباش أن وصف الدبيبة لبعض ملاحظات التقرير بكونها «مسيّسة» في إطار الدفاع عن حكومته، يحمل قدراً من «الصواب». وعارض عضو مجلس النواب صالح إفحيمة، الآراء السابقة، متوقعاً «اتخاذ مجلسه كسلطة تشريعية ورقابية، وقفة جادة مما ورد في التقرير بالتنسيق مع النائب العام، وذلك على الرغم من عدم إرسال الديوان نسخة من تقريره للمجلس كما يفترض كون الأول يتبع السلطة التشريعية».

وقال إفحيمة، في تصريح : «لا أتصور مع ضخامة الأرقام التي وردت في التقرير أن يتوانى البرلمان عن دوره الرقابي»، متوقعاً أن يلجأ المجلس أولاً لدراسة وتدقيق معلومات التقرير من قبل لجانه المختصة، ومراجعة ذلك مع ما يتم تقديمه حالياً من ردود أفعال وزراء ومسؤولي حكومة الدبيبة، قبل مباشرة إجراءاته الإدارية والقانونية بالتنسيق مع النائب العام». ورغم استبعاده ما طرح بشأن إمكانية توظيف قيادات البرلمان وأعضائه بشكل عام التقرير كسلاح ضد حكومة الدبيبة، فإن إفحيمة لم ينفِ أن «البعض داخل البرلمان قد يعمل على تهييج الرأي العام في الشارع، والتأثير على وجهات نظر بعض الأعضاء بالمجلس لتوجيه الدفة نحو اتخاذ قرارات تهدف لتعزيز مصالح خاصة به».

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

طعن أمام مجلس الدولة المصري ضد قرار حل مجلس مرتضى منصور

باشاغا يُحمل حكومة الدبيبة مسؤولية التصعيد العسكري ويؤكد سقوطها