القاهرة- مينا جرجس وعلي السيد وأحمد عبدالله
انتهى موسم أعياد الميلاد لدى الطوائف المسيحية في الغرب، أما بالنسبة بالنسبة للجماعات المصرية المسيحية، فإن الموسم الحالي يعتبر البداية فقط، حيث أن عيد الميلاد في التقويم القبطي
الأرثوذكسي يأتي في 7 يناير/ كانون الثاني. وفى يوم الجمعة الماضي تعرضت إحدى الكنائس المصرية لهجوم من قبل المتطرفين مما أدى إلى مقتل حوالى 12 شخصا.وبحسب ما ذكر موقع
"ذا ناشيونال" الإماراتي، فإن آفة العنف الطائفي لا تزال موجودة في مصر ويجب معالجتها.وقد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مسؤوليته عن الهجوم الخسيس الذي وقع على
المسيحيين في مكان الصلاة، وعلى مسؤولي الأمن المسلمين الذين ضحوا بأرواحهم نظير حماية مواطنيهم. وأوضح موقع "ذا ناشيونال"، أن طريقة العمل تحمل السمات المميزة لمسلحي تنظيم
الدولة الإسلامية في العراق والشام ، الذين استهدفوا المصريين المسيحيين في خطابهم وكذلك أعمالهم، إنها استراتيجية مشتركة لتنظيم داعش - محاولة تولد الصراع الأهلي من أجل إثارة
حرب داخلية بين المجتمعات في مصروفي ظل هذه الاضطرابات التي يأمل تنظيم الدولة الإسلامية وجماعاتها في تحقيق مكاسب من وراءها .، ومن ثم استهداف المسيحيين والمجتمعات
الإسلامية التي يرون أنها قد انحرفت عن الإسلام، حيث يعتبر الهجوم الوحشي على مسجد صوفي في شمال سيناء الشهر الماضي مثالا على هذا الأمر، على الرغم من أن تنظيم الدولة
الإسلامية في العراق والشام لم يتحمل المسؤولية عنه علنا. وأوضح الموقع الإماراتي أنه من الخطأ تحميل مسؤولية الخطاب الطائفي إلى تنظيم داعش وحده ، خاصة وأن الهجمات التي تقع
بدأت قبل ظهور هذا التنظيم، مشيرًا إلى أن التحريض الطائفي ضد المسيحيين هو أمر شائع جدا في مصر- فالمتطرفين الإسلاميين والجماعات المتشددة يقومون بذلك ، وهو خطاب غريب
يحرض على المسيحيين، فشخص من المحرضين، يعتبرهم حزب المضطهدين في مصر، وبعد وقوع الهجمات، ينكر الخطاب المسؤولية ، والواقع أنه يدّعي دائماً أن هذه الهجمات هي رايات
كاذبة، بما يعني أن العناصر الغامضة في جهاز الدولة هي المسؤولة.
وتابع: "لكن هناك المزيد للنظر فيها هنا. لا يمكن للدولة المصرية أن توقف جميع الأنشطة الإرهابية في مصر، أي أكثر من أي حكومة أخرى يمكن توقعها للقيام بذلك، فهذه الهجمات المتشددة
من المستحيل أن تمنع بشكل كامل، ولكن يمكن اتخاذ إجراءات، ومع ذلك، تتجاوز الاستجابة الأمنية، التي يتعين عليها أن تحترم أعلى المعايير، سواء في مصر أو أوروبا أو في أي مكان
آخر، وحيثما لا تكون هناك حاجة إلى ذلك، ينبغي تحليل أوجه القصور وتنفيذ الحلول.
أشار موقع "ذا ناشيونال" إلى أن الأفعال والخطابات الطائفية هي مسألة أخرى مرتبطة بالأمر؛ وقد اشتكت الجماعات المسيحية لسنوات من أن المساءلة لا تتم متابعتها بشكل كافٍ في أعقاب
النزاع الطائفي الذي لا تقوم به جماعات مسلحة كتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إذ تجري متابعة ما يسمى بأنشطة المصالحة الشائنة، التي لا تفتقر فقط إلى الشفافية، بل تتوقف عن
توفير الحماية الكافية للمصريين المسيحيين تحت التهديد، موضحاً أن هذا النهج المعيب يشجع على الإفلات من العقاب ويخلق جوا يشعر فيه المسيحيون بالضعف.
ومن الواضح أن هناك قضايا هيكلية تتعلق بالأمر رسميا، حتى أن الدولة المصرية نفسها تقول أنه يجب معالجتها. وفي مقابلة أجريت مؤخرا، اقترح مسؤول مصري كبير قانونا يجرم "التمييز
الديني وإنشاء لجنة وطنية لمكافحة التمييز". ومع ذلك، وجهت الشخصيات المصرية الأخرى في البرلمان توبيخا للكونغرس الأمريكي لرفع قضية المصريين المسيحيين.
ونوه الموقع إلى أنه كثيرا ما تثار قضية المصريين المسيحيين على الصعيد الدولي بطريقة منقسمة، بدلاً من الحديث عن تعزيز المواطنة والحقوق لجميع المصريين؛ مشيرًا إلى أن النهج الأول
لا يساعد على المنفعة طويلة الأجل للمسيحيين على وجه الخصوص والمصريين بشكل عام، ولكن الأخير أفضل بكثير.
ولفت إلى أنه يتم انتقاد المؤسسة الدينية الإسلامية في مصر لعدم القيام بما يكفي لمكافحة الطائفية، مما يعني ضمنا أن المؤسسة الدينية تدعم ضمنا الطائفية. وهذا النوع من الصياغة غير
صحيح، موضحاً أن المشكلة الرئيسية في مصر ليست أن المؤسسة الدينية تدعم الطائفية، ولكن أن المؤسسة غير مجهزة. فالقيادة العليا للأزهر، على سبيل المثال، متعاطفة جدا مع التصوف،
كعلم ديني سائد - ولكنها لم تتمكن من القضاء على فكرة أن الصوفية هي هرطقة، ومن ثم، فإن تمكين المؤسسة الدينية من طرح نهج شامل وشامل للجميع، أمر ضروري - ولكنه يعني تمكين
استقلالها أيضا، مما يعني أن السلطات ستصبح أكثر انتقادا أيضا. كل ذلك ضروري لضمان رفع المناهج الدراسية للمؤسسة الدينية من حيث الجودة والمعيار.
وتابع التقرير: "إن تنفيذ البديل الذي يطالب به البعض، من مجرد إملاء ما تقول المؤسسة الدينية، سيؤدي ببساطة إلى تدمير مصداقيتها إلى أبعد من ذلك، مما يترك مشاكل أكثر مما هي
موجودة في الوقت الحاضر."
واختتم التقرير قائلاً: "بعد هجمات مثل هذه التي تقع، فإن الغريزة هي التركيز فقط على الحلول الأمنية. إن الحلول الأمنية، بطبيعة الحال مهمة، فالمهاجمون متطرفون عنيفون، ولكن هناك
قضايا أوسع يجب معالجتها. ويتطلب الخطاب استجابة أوسع نطاقا من المجتمع المدني المخول. إن خطورة آفة الطائفية يجب أن تكون ذات أولوية قصوى، حيث لا يمكن المغالاة على
أهميتها."
وقال دبلوماسي في بعثة مصر بمجلس الأمن، إن بلاده سعت دائما خلال عضويتها في مجلس الأمن على أن تكون الأولويات المصرية التي يتعين السعي للدفع بها من خلال لجنة مكافحة
الارهاب موضوعات تشمل منع تمويل الارهاب، ومنع استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لأغراض الارهاب، منع توفير الملاذ الآمن للإرهابيين، التصدي لظاهرة المقاتلين
الإرهابيين الأجانب، منع حصول الإرهابيين على السلاح، ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الارهاب، وضرورة التصدي لرسائل وأيديولوجيات الارهاب، حيث تولي مصر
هذا الموضوع اهتماما كبير.
وأوضح الدبلوماسي الذي رفض ذكر اسمه لـ"مصر اليوم"، أن مصر منذ تسلمها رئاسة لجنة مكافحة الارهاب واتبعت اللجنة نهجاً عملياً عند تناولها لكل من تلك الأولويات، بما يعنى خلوص
اللجنة عند مناقشة كل موضوع لنتائج معينة يتم أخذها في الاعتبار وتطبيقها على الأرض بهدف تحقيق تقدم حقيقي وملموس في إطار جهود مكافحة الإرهاب، وإضافة إلى ذلك، حرصت
الرئاسة المصرية للجنة مكافحة الإرهاب على فتح معظم اجتماعات اللجنة لمشاركة كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة فضلاً عن المنظمات المعنية، وذلك تحقيقاً للشفافية وسعياً للوقوف
على رأى الجميع.
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري أسامة العبد أن هناك إدراكا كاملا لأن مسألة مقاومة التطرف تتطلب "منظومة كاملة" لا تعتمد على آلية واحدة فقط كالأداة الأمنية،
أو التدخلات التشريعية فقط، وإنما مجموعة من الحلول التي تتكامل فيما بينها، وقال إنه لأجل هذا الغرض خصيصا يجهز مجلس النواب حاليا طاولة نقاش تتسع لكل من: شيخ الأزهر، بابا
الأقباط، وزير التعليم، ورموز الإعلام والقيادات الأمنية.
وأكد العبد أن تطبيق ما ستسفر عنه هذه المناقشات يستغرق وقتا، وأنه لا أحد يملك عصا سحرية ليتمكن من إنزال مجهود منظومة كاملة إلى أرض الواقع، وتحقيق نتائج مبهرة بشكل آني
وسريع، لافتا إلى أن البلاد تعمد بشكل متواصل إلى تطوير المناهج الدراسية، وإشراك المواطنين في أعمال رصد وتقصي الإرهاب إعمالا لسياسة الحل الاستباقي، بحيث يكون هناك معاونة
لأجهزة الأمن قبل وقوع تلك الحوادث.
عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان إيهاب الخولي، قال إنه في أوقات الأزمات والتوترات الناتجة عن الإرهاب وغيره، لايمكن التساهل بشكل كبير في إطلاق سقف المعارضة أو التحرر
للمؤسسات بشكل كامل للنقد، وأن وجود ضوابط أمر لا مفر منه، مع العلم بأن ذلك يجب أن يوازي عدم الاعتماد حصرا على الأمن ومجهوداته، لأن الإرهابي قد مر باطوار كثيرة قبل أن
يصبح على ماهو عليه.
النائب قال إن المجتمع المدني بمعاونة الأجهزة التنفيذية عليهم أعباء تتمثل في: التواجد في القرى الأكثر فقرا، متابعة نسب التهرب من التعليم، تقديم محتوى ومضمون إعلامي تنويري، مشيرا
إلى أن البرلمان له دور في تلك المظومة، تتمثل في مراقبة تنفيذ كل هذه الخطوات، ولايجب التعويل دوما على تشديد العقوبات أو التدخلات التشريعية التي تغلظ العقوبات والتي تأتي بنتائج
عكسية أحيانا.