القاهرة - محمود حساني
تحتفل مصر وشعبها بالذكرى الـ35 لتحرير سيناء، الثلاثاء، تلك المنطقة المهمة والاستراتيجية من أرض مصر، التي استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي عقب هزيمة 1967، والتي دفعت مصر، في سبيل استردادها، كل ما هو غالٍ ونفيس، وفقدت الآلاف من أبنائها في الحروب التي خاضتها، والتي كان آخرها حرب أكتوبر / تشرين الأول 1973، عندما لقّنت العدو الإسرائيلي درسًا لن ينساه طوال حياته ، وبعد مُضي خمسة أعوام على تلك المعركة رفعّت مصر شعار السلام ، وأبرمت معاهدة "كامب ديفيد" مع الجانب الإسرائيلي، والتي كان من أهم نتائجها انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية عليها.
وبعد الحرب العسكرية التي خاضتها مصر، وشهد لها العالم أجمع، خاضت مصر حربًا أخرى، غير أن الحرب هذه المرة كانت دبلوماسية وليست عسكرية، حيث استطاع فريق قانوني مصري من طراز رفيع اللجوء إلى التحكيم الدولي، ونجح في استرداد آخر جزء من أرض مصر، مدينة طابا، في 15 مارس/ آذار 1989 .
وتختلف احتفالات مصر وشعبها هذا العام جذريًا عن الاحتفالات التي جرت طوال العقود الماضية، لأن الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد خلال الوقت الراهن تفرض نفسها، وفي مقدمتها الحرب التي تخوضها مصر في مواجهة قوى الشر والتطرف، من الطامعين في الاستيلاء على سيناء. كما تسعى مصر جاهدةً، بالتزامن مع حربها في مواجهة التطرف، إلى تنمية سيناء وتعميرها وتحقيق آمال وتطلعات أهلها.
ويرى عدد من الخبراء المعنيين بالشأن المصري أن سيناء عانت طوال العقود الثلاثة الماضية، وهي فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، من الإهمال والتقصير، على الرغم من العهود التي قطعتها الحكومات المتعاقبة على نفسها لتنمية سيناء . وأكدوا، في لقاءات مع "مصر اليوم"، أن سيناء في حاجةٍ ماسة خلال الظرف الراهن، أكثر من أي وقتٍ مضى، إلى التنمية والتعمير لمواجهة ما يُحاك ضدها من مخططات ومؤامرات.
واتفق الخبراء على أن إسرائيل ودول إقليمية أخرى لديها أطماع في سيناء، واصفين ذلك بأنه "أمر عزيز المنال"، في الوقت الذي تتمتع مصر فيه بقوة عسكرية ليس لها مثيل إقليميًا، قادرة على ردع كل من تسّول له نفسه انتهاك سيادتها .
وطالب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور جمال عبد الجواد، الحكومة المصرية باتخاذ خطوات جادة على أرض الواقع لتنمية وتعمير سيناء، وإنشاء عدد من المشاريع الحيوية لاستيعاب أبنائها، وقطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة لاستقطابهم، مبينًا أن تنمية سيناء هو الحل الأمثل للقضاء على التطرف وأطماع إسرائيل في الاستيلاء عليها .
وأشار أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في القاهرة، الدكتور أكمل تحسين، إلى أن الاهتمام بسيناء وأهلها أحد الحلول الواجب على الحكومة أن تأخذها في عين الاعتبار، للقضاء على التطرف، لافتاً إلى أن الحلول العسكرية وحدها لن تكفي لمواجهة التطرف .
ودعا مساعد وزير الداخلية السابق، اللواء أسامة عبد الحميد، المصريين الشرفاء إلى النزول في الميادين والأماكن العامة للاحتفال بذكرى تحرير سيناء، وقطع الطريق أمام أي محاولة لتعكير صفو هذه الاحتفالات. كما طالب الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية بالتعامل بحسم وقوة مع أي محاولات للخروج عن الشرعية، أو أي محاولة لتهديد أمن واستقرار الوطن.