القاهرة- مينا جرجس
كشفت وثائق الأرشيف الوطني البريطاني عن لجوء جهاز الاستخبارات الخارجي البريطاني "إم أي 6"، منذ خمسينيات القرن الماضي، إلى استخدام "الأموال القذرة" في تمويل أنشطة التجسس التي يقوم بها الجهاز في مناطق من العالم، في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية.
وأشارت الوثائق، التي تم رفع السرية عنها ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الماضي، إلى أن تمويل أنشطة التجسس الخارجي البريطانية تتم في سرية وتكتم شديدين، وأن المدراء المتتاليين على رأس الاستخبارات البريطانية لم يجدوا غضاضة في الاعتماد على التمويل القذر من حسابات سرية خارج موازنة الجهاز لأنشطة التجسس وجمع المعلومات والدفع للعملاء، وهو ما بيّنته الوثائق المُفرج عنها، والتي تعود ملكيتها إلى وزير سابق في الحكومة البريطانية، لم يتم الكشف عنه، كما أوضحت كذلك أن نشاط المخابرات الخارجية البريطاني كان يتم في بدايته في مطلع القرن الماضي تحت إشراف من البرلمان البريطاني ووزارة الخارجية البريطانية وأن التصويت عليها كان يتم سرًا.
وقام البروفيسير دورى كروماك، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتنجهام البريطانية، بتحقيق تلك الوثائق التي تضمنت إحداها اجتماعا سريا عُقد في العام 1952 بين مدير أم أي 6 آنذاك السير ستيوارت مانزيس، ومسؤولي وزارتي الخارجية والخزانة في الحكومة البريطانية تحضيرا لترك السير مانزيس لمنصبه وتسليمه إدارة الاستخبارات البريطانية إلى خلفه جون سانكلير اعتبارا من العام 1953.
وفي هذا الاجتماع كشف مينزيس عن حسابات مصرفية سرية غير رسمية بقيمة 39 مليون جنيه استرلينى تحصلت عليها الاستخبارات البريطانية خلال فترة الحرب العالمية الثانية نتيجة "عمليات سرية" أطلقت عليها مسميات كودية منها STRAGGLE- SCREAM- SCANT- SAWDUST واستخدمت في تمويل عمليات استهداف قذرة ضد أعداء بريطانيا في هذا الوقت وكان أخطرهم بحسب الوثائق الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي كانت الاستخبارات البريطانية تعتبره آنذاك أخطر تهديد لمصالحها على مستوى العالم.
واستخدمت الاستخبارات البريطانية هذه الأموال كذلك في شن الحملات الدعائية ضد "ناصر" وآخرين من قادة حركة التحرر العالمي من الاستعمار وتنفيذ عمليات اغتيال لهم إذا أمكن ذلك بما في ذلك استهداف قيادات مصرية وسورية وهو ما تصاعد في فترة ما بعد أزمة السويس عام 1956.