مقتل عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي

عمّ غضب عارم لدى المواطنين في العاصمة صنعاء بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح من قبل جماعة الحوثي، وظهر المواطنون في العاصمة صنعاء وهم في حالة حزن شديد بعد مشاهدتهم للمقطع المصوّر الذي يُظهر مقتل صالح، عصر الاثنين، على طريق مديرية خولان أثناء خروج صالح من منزله، وأكّد مواطنون أن طريقة تصفية صالح من قبل خصومهم الحوثيين بعد أن سلم نفسه طريقة تدل على الحقد الدفين لليمن من قبل إيران التي أرسلت اتباعها الحوثيين لتدمير اليمن، وأكّد آخرون أنّ أوامر اغتيال صالح صدرت من طهران والتخلص منه بتلك الطريقة أغضب الجميع.

وسيطر الحزن على منشورات  أنصار ومحبي صالح على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين أبدوا حزنهم على رحيل صالح، واعتبروا أنّ مقتله كان في لحظة مفصلية من تاريخ اليمن، بعد تدشينه عملا وطنيا باشعال شرارة الانتفاضة الشعبية ضد مليشيا الحوثي، كما ساد الشارع اليمني حالة من الصدمة والذهول والغضب على رحيل صالح، واعتبروا أنّه اختار نهاية مشرفة ختم بها عمله السياسي الطويل .

وقال نجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، توفيق صالح، مساء الإثنين، أن جماعة الحوثي "فتحت على نفسها أبواب جهنم"، مضيفًا أنّ "الثورة مستمرة والحوثيين إلى زوال ولن تنطفئ الشرارة مهما عملوا"، وشدد على أن الشعب سيكون للحوثيين بـ "المرصاد" في كل محافظات اليمن.

ووصف وزير الإعلام السوداني، الناطق باسم الحكومة،  أحمد بلال عثمان، الإثنين، مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بأنه "مخطط إيراني لإشعال الفتنة في اليمن"، وأضاف أنّ "المنطقة مأزومة، ومقتل الرئيس صالح سيزيد الأزمة تعقيدًا، ويدخل اليمن في المربع القبلي، السيناريو الراهن لن يحل القضية اليمنية"، ويشارك السودان بقوات برية في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، لاستعادة الشرعية في اليمن، بمواجهة مسلحي حلف الحوثي وصالح، المتهمين بتلقي دعم عسكري إيراني، ويسيطرون على عده محافظات، بينها صنعاء منذ 21 سبتمبر/أيلول 2015.

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية أن قتل الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح على يد ميليشيات الحوثي تصعيد خطير للانقسام والتوتر، وتحدث قائد ميليشيات الحوثي الإيرانية عبد الملك الحوثي، بلهجة مليئة بالتشفي، وأظهر سعادته بمقتل الرئيس اليمني "المغدور" علي عبد الله صالح، الاثنين، وقال مهنئا أنصاره "نتوجه بالتهاني لكل أبناء شعبنا العزيز وبالشكر لله. اليوم هو يوم سقوط مؤامرة الغدر والخيانة"، وأضاف أن تغير موقف صالح من الميليشيات الإيرانية "كان أكبر تهديد يواجه اليمن لكن فشلت وسقطت هذه المؤامرة سقوطا مدويا بشكل وجيز جدا خلال 3 أيام".
وأكّد أمين عام حزب المؤتمر الشعبي، مساء الاثنين، أن قتل الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، أشعل غضب اليمنيين ضد الحوثيين، وذلك بعد تأكيد جماعة الحوثي قتل صالح بهجوم على سيارته بالرصاص والقذائف الصاروخية، وقالت مصادر يمنية إن مقتل صالح وقع في منطقة سنحان قرب العاصمة صنعاء، وذكرت مصادر في حزب المؤتمر أن صالح قُتل برصاص قناصة في الرأس.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا مصوّرًا يظهر جثمان الرئيس اليمني السابق بعد مقتله، وبقتل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، وضعت ميليشيات الحوثي نفسها في مواجهة مع قبائل حاشد التي ينتمي إليها الرئيس الراحل، وقبيلة حاشد إحدى قبائل همدان، وتعتبر من أكثر القبائل اليمنية نفوذاً سياسياً منذ سقوط الملكية في اليمن عام 1962، وتنتشر قبائل حاشد في عدة مناطق شمال اليمن، وتحديداً في محافظات عمران وصنعاء وحجة.
وتتكون قبيلة حاشد من 7 قبائل أصلية، هي قبيلة العصيمات، ومنها أسرة الأحمر التي تتزعم القبيلة، ثم قبيلة عُذَر، وقبيلة بني صريم، وخارف، وسنحان التي ينتمي إليها الرئيس الراحل، وهنالك أيضاً قبيلتا همدان وحجور، ويتراوح تعداد قبيلة حاشد بين مليونين و3 ملايين نسمة، وحسب مراقبين فإن عدد المسلحين التابعين لحاشد يبلغ 300 ألف مقاتل تقريباً، معظمهم منخرطون في الجيش والأمن.
وتشكل قبائل حاشد ثاني أهم تكتل قبلي في اليمن بعد تكتل قبائل بكيل، والقبيلة شاركت في مقاتلة حركة تمرد الحوثي مع الجيش خلال الحروب الست في عهد الرئيس الراحل، لكنها بعد إزاحة صالح من الحكم عقب انتفاضة 2011، انقسمت وذهب بعضها للتحالف مع الحوثي، ما أحدث تصدعا غير مسبوق في صفوفها، وجمعت الحوثيين بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح علاقة متأرجحة، فبعد 6 حروب فاجأ الطرفان اليمن والعالم بتحالف للانقلاب على الشرعية، ما أدخل اليمن في أزمة عسكرية وسياسية وإنسانية طاحنة.
وحاول صالح الذي حكم اليمن لـ 33 عاماً من خلال هذا التحالف البقاء في طليعة المشهد اليمني بعد خلاف مع حلفائه التاريخيين عليه، وأبرزهم التجمع اليمني للإصلاح، والقيادات القبلية الموالية له، والقوات العسكرية التي انشقت عنه وأيدت انتفاضة الشباب، وأبرزهم اللواء علي محسن الأحمر، فيما انخرط الحوثيون رغم استفادتهم من الثورة لخصومتهم مع صالح، في التحالف لتحقيق مصالحهم والثأر من خصوم الماضي.
وقدم صالح للحوثيين مختلف أنواع الدعم، ووفر لهم غطاء سياسيا، ومكنهم من التمدد من صعدة إلى صنعاء بسلسلة من المعارك التي انتهت باقتحام الحوثيين للعاصمة في 21 من سبتمبر/أيلول 2014، إلى أن كشفت ضغوط الحرب وانهيار مؤسسات الدولة واستحواذ الميليشيات على مختلف مفاصلها العسكرية والسياسية الخلافات بين الطرفين، وتفجرت الأوضاع وتصاعدت التهديدات بين صالح والحوثي إلى أن وصلت لاشتباكات مباشرة بين عناصر الطرفين في الأيام الأخيرة في صنعاء، وبالنهاية، تفكك التحالف وانهارت العلاقة التي بدأت بحلف لتنتهي اليوم بإعدام صالح ميدانيا والتمثيل بجثته.

وفي ثمانينات القرن الماضي، كانت العلاقات هشة بين الطرفين، نتيجة التقارب بين صالح والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، خلال فترة حرب الخليج الأولى ولم تربطهم أي مصالح مشتركة، وفي التسعينيات، تحولت العلاقات بين صنعاء وطهران 180 درجة بسبب الحصار المفروض على بغداد وتوقف التجارة بين اليمن والعراق، وكانت من ثمرة التقارب بين طهران وصالح في عهد خاتمي، دعم تأسيس "حركة الشباب المؤمن" في صعدة، وإيفاد مئات الطلبة إلى الحوزات الإيرانية ليشكل بذلك حركة تمرد الحوثي مع تحولها من حركة فكرية إلى حركة مسلحة، وتدخلت إيران في اليمن بحجة تمويل مشاريع في قطاعات الصحة والخدمات، ووجدت بعض العلاقات التجارية، كان معظم عائداتها المالية تذهب وفق مصادر أمنية إلى تمويل جماعة الحوثي، ولكن بعد الحرب الأولى مع الحوثيين ساءت العلاقة تدريجياً بين صالح وإيران، وبلغت أسوأ مراحلها مع الحرب الخامسة عام 2008 عندما تمكنت السلطات من وضع يدها على أسلحة مهربة من إيران إلى الحوثيين في صعدة، وعلى ضوء هذا، بقيت العلاقة بين صالح وطهران متذبذبة بحكم تقاربه مع دول الخليج والسعودية، لكن بعد إزاحته من الحكم عام 2011 وجد في الحوثيين حليف الضرورة ووسيلة للانتقام من خصومه، لكن تحالفه مع إيران وجماعة الحوثيين انتهى بمقتله.