رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل

يعيش الشارع المصري حالة من الجدل، بسبب قانون تقدمّت به الحكومة يُبيح بيع الجنسية المصرية للأجانب، مقابل وديعة بنكية تُقدر بـ500 ألف دولار .

ودافعت الحكومة عن القانون، عبّر تصريحات صحافية أدلى بها رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، قائلاً: "هذا القانون مطبق في أكثر من 18 دولة في العالم، أبرزها أميركا وإنجلترا وفرنسا، وسيساهم إلى حد كبير في انتعاش الاقتصاد الوطني، من خلال الحصول على العملة الصعبة، وليست هناك أي مخاوف من بيع الجنسية المصرية للأجانب، في ظل الشروط الأمنية الواجب توافرها في من يرغب في الحصول على الجنسية المصرية ".

ووافقت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري، منذ أيام، بصورة نهائية على مشروع قانون الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 1960، بشأن دخول وإقامة الأجانب في مصر والخروج منها، والقانون رقم 26 لسنة 1975، بشأن الجنسية المصرية .

ونصت التعديلات الجديدة على منح إقامة مدتها خمس سنوات للأجنبي مقابل وديعة بنكية، والحصول على الجنسية المصرية مقابل التنازل عن الوديعة، التي تبدأ بـ500 ألف دولار". ودافع رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي البرلمانية، اللواء كمال عامر، عن التعديلات التشريعية قائلاً إن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في البنوك المصرية استثمار غير مباشر، ويشجع الاستثمار العربي والأجنبي للدخول في المشاريع الاقتصادية في مصر".

وأوضح وكيل اللجنة، اللواء يحيى كدواني، أن الشروط الحالية لمنح الجنسية المصرية سيتم تطبيقها على المستفيدين من مادة منح الجنسية للمستثمرين، مقابل التنازل عن قيمة الوديعة في البنوك. وأضاف، في تصريحات إلى "مصر اليوم"، أن التعديل اشترط الحصول على إقامة مدتها خمس سنوات، ووضع وديعة مالية في البنك يحدد قيمتها وعملتها وزير الداخلية، ويكون متوسطها 500 ألف دولار، مبينًا أن الحصيلة المتوقعة من أول تطبيق لذلك القانون قد تصل إلى 10 مليارات دولار، خاصة أن أعداد الأجانب المقيمين في مصر، من مختلف الجنسيات، يتراوح بين أربعة وخمسة ملايين شخص.

ورفضت أوساط سياسية وشعبية القانون، مُعلنة رفضها التام له، والمبررات التي قدمتها الحكومة بشأنه. وأكدوا، في لقاءات مع "مصر اليوم"، أن هذا القانون سيفيد الدول المُعادية لمصر، في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة، وما صاحبها من متغيرات إقليمية، وما يُحاك ضد مصر من مؤامرات ومخططات، فبهذا القانون نقدم مصر لهذه الدول وسياة لاختراق أمنها القومي بكل سهولة .

وهاجم عضو مجلس النواب، وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور عماد جاد القانون، قائلاً: "الحكومة أفلست ولم تجد ما تفعله للخروج من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، حتى بعد حصولها على قرض من صندوق النقد الدولي، ستدفع ثمنه الأجيال المقبلة، لتخرج علينا من جديد بمشروع قانون ترى أنه سيجلب ملايين الدولارات إلى خزانة الدولة، بدلاً من أن تبحث عن حلول مبتكرة ". وتساءل الفقية القانوني، الدكتور شوقي السيد: "من سيضمن ولاء من سيتم منحهم الجنسية المصرية؟، فلن يسعى أحد إلى الحصول على الجنسية مقابل تنازله عن وديعة بنكية إلا إذا كانت هناك دوافع خبيثة لديه، لاسيما أن اكتساب الجنسية المصرية لن يُضيف إليه إي إمتيازات جديدة".

وأوضح المحامي طارق العوضي أن مصر تُرحب بالجميع على أراضيها، وخير دليل على ذلك إنها تستضيف الآلاف من أبناء الدول الشقيقة، لكن هذا القانون سيفتح الباب أمام عناصر دول مُعادية لمصر لشراء الجنسية المصرية ، وبالتالي التمتع بالحقوق التي يتمتع بها المواطن في مصر، وقد يصل أحد أبناء هذه الدول، يومًا ما، إلى حكم مصر .

وحذّر النائب البرلماني خالد عبد العزيز من مخاطر القانون، مبينًا أن هذا القانون يُمثل وسيلة سهلة لاختراق مصر، في ظل التحديات الراهنة التي تواجّهها، سواء على مستوى الداخل أو الخارج، فالجميع يعلم تمامًا حجم المؤامرات التي تُحاك ضد مصر، وهذا القانون قد يسمح بدخول عناصر إلى مصر، بدعوى الاستثمار، وهي في الأساس لديها أهداف خبيثة، تُشكل خطرًا على الأمن القومي للبلاد.

وأشار المواطن هيثم سليم، 33 عامًا، مهندس، إلى أن هناك حلولاً كثيرة للحصول على العملة الصعبة، ةفي مقدمتها تنشيط القطاع السياحي، الذي يُعد مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، والعمل على توفير المناخ الملائم للاستثمار لجذب رؤوس الأموال، مضيفًا: "أما قانون بيع الجنسية المصرية للأجانب، مقابل وديعة بنكية، فلن يُحقق الأهداف المُرجوة منه كما ترى الحكومة، بل سيشّكل خطرًا على أمن البلاد في المستقبل، في حالة السماح بحصول عناصر أجنبية على الجنسية، تحت مبررات الاستثمار، وهي في الأساس جاءت للحصول على الجنسية من أجل تنفيذ أجندات خبيثة".