جنازة ضحايا حادث مدينة نصر

أعرب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن خالص تعازيه لأسر ضحايا حادث استهداف كمين أمني في مدينة نصر، الذي وقع مساء الإثنين، وراح ضحيته ثلاثة من رجال الشرطة المصرية ، إضافة إلى إصابة خمسة آخرين، كما أمر الأجهزة الأمنية بتوقيف الجناة في أسرع وقت ممكن، ومواصلة التحلي بأعلى درجات اليقظة والاستعداد.

وجاء ذلك خلال اجتماع عقده الرئيس السيسي، الأربعاء، بحضور رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، ومحافظ البنك المركزي، طارق عامر، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والداخلية، والعدل، والموارد المائية والري، والتموين والتجارة الداخلية، بالإضافة إلى رئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية.

وقدّم وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، خلال الاجتماع، تقريرًا عن ملابسات الحادث المتطرف، مبينًا أنه أمرّ بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى، يضم ضباطًا من الأمن العام والأمن الوطني، وعناصر من القوات الخاصة والأمن المركزي، لملاحقة المتورطين في استهداف كمين أمني في مدينة نصر، والذي وقع مساء الإثنين، وراح ضحيته ثلاثة من رجال الشرطة، فضلاً عن إصابة خمسة آخرين ، وذلك تحت إشراف مدير الأمن العام، اللواء جمال عبد الباري .

وأغلقت الأجهزة الأمنية مداخل ومخارج القاهرة، للتضييق الخناق على العناصر المُنفذّة ومنعها من الهروب، ووسّعت دائرة الاشتباه الجنائي وفحص المترددين على الشقق السكنية، في نطاق قسم أول مدينة مصر . وأوضح مصدر أمني مسؤول أن التحريات، التي تُجريها الأجهزة الأمنية، أكدت أنّ المتورطين في الحادث من عناصر ما يسمى ب"الحرّاك المسلح "، المنبثق عن حركة "حسم"، التي تُحرض على استهداف رجال الجيش والشرطة، ونشر الفوضى والعنف.

وأضاف المصدر أن حادث استهداف كمين مدينة نصر يأتي ردًا على الضربات الموّجعة التي وجّهتها الأجهزة الأمنية إلى عناصر التنظيم، خلال الفترة الأخيرة، لافتًا إلى وصول قوات الأمن إلى عدد من الأوكار والبؤر التنظيمة، التي قد تكون العناصر المتورطّة في الحادث استخدمتها في التخطيط والاختباء .

 وحرص رئيس مجلس الوزراء المصري، المهندس شريف إسماعيل، على متابعة آخر تطورات الحادث لحظة بالحظة، بالتنسيق مع وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار.

 وأجرى إسماعيل اتصالًا بوزير الداخلية للوقوف على تطورات الحادث وملابساته، وطالبه بسرعة ملاحقة المتطرفين، وإنهاء الإجراءات لتشييع جثامين الضحايا في جنازات عسكرية، الثلاثاء.

وتواصل نيابة حوادث شرق القاهرة الكلية، برئاسة المستشار إبراهيم صالح، تحقيقاتها، حيث انتقل فريق من النيابة إلى مستشفى الشرطة لسماع أقوال المصابين، للوقوف على تفاصيل الحادث وملابساته . وكشفت المعاينة الأولية، التي أجرها فريق من النيابة، عن العثور على أكثر من 90 طلقة في مكان الحادث، وتهشم زجاج السيارات، ووجود متعلقات الضحايا وأسلحتهم، إضافة إلى اختراق الطلقات السيارات والمقاعد، كما أكدت غزارة إطلاق النار خلال الهجوم. وأجرى فريق النيابة مناظرة جثة الضابطين وأمين الشرطة، الذين قتلوا أثناء تبادلهم إطلاق النيران مع العناصر المتطرفة، أعلى الطريق الدائري.

وتحفظت النيابة على فوارغ الطلقات التي اُطلقت، لمعاينتها وفحصها من جانب المعمل الجنائي، وطلبت تحريات الأجهزة الأمنية عن الحادث، كما أمرت بسرعة ملاحقة الجناة وتوقيفهم .وقرر وزير الداخلية تشييع جثامين الضحايا في جنازة عسكرية، في أكاديمية الشرطة، في حضور الوزير وكبار قيادات الوزارة، وأهالي وأصدقاء الضحايا.

كما أمر الوزير بتقديم يد العون إلى أسر ضحايا، ورعاية المصابين حتى اكتمال شفائهم، مقدمًا التعازي إلى أهالي الضحايا.
ومن جانبها، رصدت وزارة الأوقاف المصرية ردود فعل المواقع المنتمية إلى التيارات المتطرفة على الحادث، خلال الساعات الأخيرة، حيث نشرت تلك المواقع المتطرفة فتاوى تبيح هذه الممارسات الدموية واستهداف رجال الشرطة وجنود الجيش، وتبرر قتل رجال الجيش والشرطة بدعوى أنهم يناصرون السلطة، التي يرى أصحاب الفتوى أنهم بمثابة "الطواغيت".

وردَّت وزارة الأوقاف على هذه الفتاوى، حيث قالت في ردها: "يتضح من ممارسة هذه الجماعات للأعمال الإجرامية، من القتل وغيره، تحريفهم للمَوَاطِن التي يتم فيها تطبيق النصوص القرآنية المرتبطة بأحكام القتال، واتخاذ ذلك وسيلةً لاستحلال دم الأبرياء من المسلمين وغيرهم، ويتضح مما تحمله كلمات وعبارات هذه الجماعات أنهم يكرهون الأمة الإسلامية عامة كرهًا شديدًا، وذلك بمحاولاتهم الدائمة قلب الحقائق بتغيير المواضع التي ذُكر فيها الجهاد في سبيل الله تعالى، وبما يصدر عنهم من أفعال يندى لها جبين الإنسانية".

وأوضحت الوزارة أن هؤلاء يقومون بحرق البشر أحياء، وذبح آخرين أمام كاميرات التصوير ويفتخرون بذلك، ولا تُوجد رسالة سماوية على وجه الأرض تأمر بذلك، كما لم يرد عن أحد من الأنبياء (عليهم السلام) أنه فعل ذلك أو أجازه، لا في السلم ولا الحرب، حتى يتجرأ هؤلاء المجرمون ويفترون على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه أمر بذلك أو فعله أو أشار به أو أومأ إليه، أو أن هذا ما وجدوه في سُنَّته المُطهَّرة، مبينين أن هذا افتراء عليه وعلى سنته، وهو أبرأ الخلق من ذلك، لافتة إلى إجازتهم قتل النساء والأطفال والشيوخ، وحتى أصحاب الإعاقة منهم، كالضرير، واستباحتهم استخدام الدروع البشرية كوسيلة تُبلِّغهم هدفهم بإسقاط الدولة وهدم الدين.

وأضافت الوزارة: "وفي خضم تنفيذ هؤلاء لمخططاتهم الهدَّامة، يبيحون حرمة دماء الأبرياء الذين يمكن أن يُقتلوا بغير ذنب ولا وجه حق، ولا لجُرم ارتكبوه، وليس ذلك من الشرع الشريف، وباستباحتهم دم المسلم تظهر حقيقة عقيدتهم بأنهم ماداموا قد استحلوا دمه المحرَّم، فمعنى ذلك أنهم كفَّروه ونَفوا عنه صفة الإسلام، وما ذلك من حق أحد ما دام أن المسلم على إسلامه، ولم يظهر منه ما يخالفه، وبلغ من ضلالهم وجحدهم بأحكام الشرع أنهم أسقطوا الدية عن من يقتلونه عن طريق الخطأ، فلا حرمة للدم عندهم أيًّا كان صاحبه، حتى ولو كانت امرأة أو طفلًا أو شيخًا هرمًا".

وأشارت الوزارة إلى أن عبد الله بْنِ عُمَرَ (رضي الله تعالى عنهما) رُوي عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَجَد فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وقال الفقهاء: "لا ينبغي أن يُقتل في شيء من المغازي امرأة ولا شيخ فانٍ، إلا أن يشتركا في القتال، ومن هنا يتضح أن الشرع الحنيف نهى عن القتل إلا بالحق الذي يثبت عند وليِّ الأمر، وليس لآحاد الناس، أما استباحة دماء العباد بهذه الطريقة إنما هو فتح لباب القتل، الذي حذَّر منه رسول الله لما فيه من خطر عظيم على المجتمع وأمن العباد، وضياع الدين بضياع شعائره، لأنه لا عبادة لله تعالى بصدق ولا تدين في ظل الرعب والخوف والقهر.

وتأكيدًا على حرمة الدماء، لفتت الوزارة إلى قول الله تعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ"، وقوله تعالى "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ"، وكما يقول سبحانه: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، وقوله سبحانه: "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا".

ومن جانبها، أعلنت سلطات مطار القاهرة، الثلاثاء، حالة الطوارىء القصوى لتأمين محاور وطرق وصالات المطار، بعد الحادث المتطرف الذي استهدف الكمين الأمني في مدينة نصر. وكشفت مصادر في المطار عن رفع حالة الاستنفار الأمني، خاصة في الأكمنة الموجودة على مداخل ومنافذ المطار، مع تشديد المتابعة الأمنية في كل ساحات وصالات المطار، وزيادة حالات الاشتباه الأمني لكل المترددين عليه، وفحص السيارات بواسطة الكلاب المدربة، للكشف عن المفرقعات.

ويذكر أن مركز الإعلام الأمني، التابع لوزارة الداخلية، أصدر بيانًا أكد فيه أنه في الساعة 11:45 من مساء الإثنين اقتربت عناصر مسلحة، تستقل سيارتين، من الكمين الأمني المتحرك أثناء مروره في ميدان محمد زكي، على طريق الواحة في تقاطعه مع الطريق الدائري، في مدينة نصر، وأطلقت النيران على القوات التي بادلتها إطلاق الأعيرة النارية.

وأسفر الحادث عن مقتل النقيب محمد عادل وهبة السيد، من قوة إدارة تأمين الطرق في مديرية أمن القاهرة، والنقيب أيمن حاتم عبد الحميد رفعت، من قوة مباحث قسم شرطة عين شمس، وأمين الشرطة شعبان محمد عبد الحميد، من قوة إدارة تأمين الطرق في مديرية أمن القاهرة، إضافة إلى إصابة خمسة من رجال الشرطة.