غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
تعيش حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والتي تدير شؤون قطاع غزة منذ سيطرتها العسكرية على القطاع في العام 2007 واقعًا ماليًا صعبًا وصلت إلى "الأزمة" نتيجة ظروف كثيرة أبرزها تطورات الوضع الداخلي في دول الربيع العربي، وسقوط حكم جماعة "الإخوان" التي تعد امتدادًا لها، إضافة إلى تلميحها بوقف
الدعم الإيراني عنها، عوضًا عن تدمير معظم الأنفاق التي حفرتها على الحدود مع مصر لتهريب المواد الأساسية اللازمة لحياة المواطنين في القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي وعلى رأسها المحروقات و مواد البناء، والتي اعتمدت حكومة "حماس" على الضرائب التي تجنيها من خلال إدخالها طيلة السنوات الـ6 الماضية مما ساعدها في دفع جزء كبير من رواتب موظفيها الشهرية إضافة إلى الدعم الخارجي.
وكان رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" خالد مشعل أول من أعلن عن ذلك مشيراً إلى أن حركته تعاني من ضائقة مالية ورغم ذلك صامدة.
وقال مشعل "إن "حماس" كان لها مصادر مالية شعبية ورسمية وتأثرت بفعل تطورات المنطقة، متسائلاً "من للشهداء والجرحى، ومن يسعف المقاومين بالمال في ظل صراع دولي محموم لحرمانها من السلاح".
أما عضو المكتب السياسي لـ"حماس" خليل الحية فقد أكد لقناة "الأقصى" التابعة للحركة أن "حماس" تمر بأزمة مالية منذ عدة أشهر، مؤكدًا أنها ليست المرة الأولى التي تواجه الحركة أزمة مالية.
هذا وقالت صحيفة "التايمز" "إن حركة حماس، المسيطرة على قطاع غزة، تعانى أزمة مالية جراء إجراءات الجيش المصري التي تستهدف أنفاق التهريب أسفل الحدود".
وأوضحت الصحيفة أن الجيش المصري أغلق مئات الأنفاق التي تربط سيناء بغزة، وتستخدم لتهريب البضائع والأسلحة والمواد الخام التي يحتاج إليها 1.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة.
ويضيف أن إغلاق هذه الأنفاق وضع "حماس" في أزمة مالية كبيرة، وهى تواجه صعوبات في دفع رواتب عشرات الآلاف من موظفيها. وفى مقابلة مع أبو مالك المشرف على واحد من الأنفاق التى أغلقت مؤخراً، قال: "هذا هو أسوأ وقت منذ تأسيس هذا العمل"، مضيفاً "انخفضت نسبة تهريب البضائع بشكل كبير".
ووفق مقتطفات نقلها موقع "بى.بى.سى" عن الصحيفة فإن "حماس" أصبحت أكثر عزلة بعد الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسى، مما أدى إلى فقدانها للدعم المالي الذى كانت تحظى به من إيران، كما خسرت التمويل المادي من سورية بعد تأييدها للمعارضة السورية".
ويختم المراسل بقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزةمخيرمر أبوسعدة، "إن "حماس تواجه مشاكل مالية كبيرة"، مشيراً إلى أن تهريب النفط عبر الأنفاق انخفض بنسبة 62%، كما انخفضت نسبة تهريب الديزل إلى 23%، وذلك وفقا "لجيشا" وهى منظمة إسرائيلية غير حكومية مسئولة عن مراقبة الأنفاق على الحدود المصرية الغزاوية.
وفي غزة قال المتحدث الرسمي باسم "حماس" سامي أبو زهري "إن الضائقة المالية التي تتعرض لها الحركة في الآونة الأخيرة ناتجة عن تطورات الربيع العربي وانشغال الشعوب العربية بأوضاعها الداخلية".
وأوضح أبو زهري أن الأولويات نتيجة الظروف الداخلية في دول الربيع العربي تغيرت في المرحلة الراهنة، مما أدى لتركه أثراً على عملية الدعم المالي لـ"حماس".
وأكد أبو زهري أن حركته متمسكة بمواقفها السياسية وعدم السماح بالمراهنة عليها، مشدداً على أن ذلك أثر بلا شك على مستوى علاقاتها مع بعض الأطراف الداعمة لها وللمقاومة بشكل أساسي.
وأضاف أن التشديد وملاحقة مصادر تمويل الحركة في عدد من البلاد ترك أثراً بالغاً في توفير التمويل لأنشطة الحركة وذراعها العسكري المقاوم كتائب عز الدين القسام، نافياً أن تكون حركته قلقة من هذا الوضع.
وذكر أبو زهري أن الإعلان عن الضائقة المالية لحماس جاء لدعوة الأمة للوقوف عند مسؤولياتها لدعم المقاومة في فلسطين، مشيراً إلى أن الأمة مطالبة بدعم المقاومة مالياً في ظل الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل.
من جانبه قال رئيس قسم الصحافة في جامعة الأمة في غزة عدنان أبو عامر "إن الأزمة المالية لحماس ليست وليدة الأسابيع والأشهر الأخيرة وإنها لم تستطع أن تخفيها، متوقعاً أن تكون خانقة بعد الإعلان عنها من قبل مشعل".
وأوضح أبو عامر أن الواضح أن "حماس" كان لديها اعتماد شبه كلي على الدعم الإيراني الذي يبدو أن إيران أوقفته نتيجة موقف الحركة من الثورة السورية، مقدراً أن "حماس" لم تجد بديلاً مالياً حقيقياً يساندها في أزمتها.
ويرى أبو عامر أن الأزمة المالية لحماس ستلقي أعباءً إضافية على الحركة وسيدفعها للتقشف الحكومي وتقليص الأعمال الجماهيرية المكلفة، مستبعداً أن تكون هناك رغبة دولية لخنق "حماس" لأن ذلك سيدفعها للعمل العسكري الواسع.
وذكر الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني أن الأزمة تشجع "حماس" على البحث عن مصادر بديلة للمال الإيراني في حال وصلت القطيعة إلى ذروتها، متحدثاً عن إجراءات ستلجأ إليها الحكومة في غزة للتوفير وتقليص نفقاتها.
بدوره يستبعد الكاتب في صحيفة "الأيام" الفلسطينية هاني حبيب أن تكون إيران أوقفت الدعم المالي لحماس على الرغم من الأزمة بين الطرفين نتيجة الأوضاع في سورية، مشيرًا إلى تأثيرات الربيع العربي على عدم وصول المساعدات لـ"حماس".
وقال حبيب "إن "حماس" في غزة قد تلجأ لفرض مزيد من الضرائب لتعويض ما يقال عن أزمتها المالية، مستبعداً كذلك أن تكون الأزمة مقصودة لدفع "حماس" لتقديم تنازلات للمجتمع الدولي".
هذا ولم تر رواتب الموظفين التابعين لشهر آب/ أغسطس لحكومة غزة النور بعد، في مشهد متكرر للشهر الماضي يكشف عن حجم الأزمة المالية التي تعانيها حركة "حماس" ،في حين أعلن وزير ماليتها أن حكومته ستصرف نصف راتب خلال الأيام القادمة و على مدار أيام عديدة .
وقامت وزارة المال المقالة قبل أيام من عيد الفطر بصرف سلفة للموظفين أصحاب الدخل المنخفض وقدرها 1000 شيكل (ما يعادل 300 دولار أمريكي).
وغاب عن الموظفين التابعين للحكومة المقالة راتبا كاملا على عكس الموظفين المحسوبين على حكومة رام الله والذين تقاضوا راتبا كاملا مطلع الشهر الجاري، إذ ما زالت السلطة الفلسطينية تدفع مرتبات موظفيها في قطاع غزة والبالغ عددهم 55 ألف موظف.
ويتلقى 42 ألف موظف يعملون في دوائر ومؤسسات الحكومة المقالة، وأجهزتها الأمنية رواتبهم من حركة "حماس" منذ توليها الحكم في القطاع في صيف حزيران/ يونيو 2007 بعد الاقتتال الداخلي مع حركة "فتح".
وبحسب بيانات لوزارة المال في الحكومة المقالة، فإن فاتورة الرواتب الشهرية للموظفين التابعين لها تبلغ ما يقرب من 37 مليون دولار شهريا.