القاهرة - إسلام محمود
جاءت التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الشهر الماضي ، بشأن التأخير في بناء سد النهضة الإثيوبي لمدة قد تقترب من عشر سنوات لأسباب تتعلق بالشركات الإثيوبية المنفذة وقله خبراتها في هذا المجال، بالإضافة لحادث الاغتيال الغامض لـ "سيميجليو بيكيلي مدير السد بمثابة اتاحه الفرصة لمصر وإثيوبي لبذل المزيد من الجهد للاتفاق بشأن سبل تحقيق الإستفادة من المشروع وتقليل آثاره السلبية على مصر.
ووجدت التصريحات صداها أيضًا، في مقال للباحث باراك بارفي نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط المعروف بعلاقاته الواسعة بالدوائر اليهودية الأميركية حول الدور الأميركي في التوسط لحل الجمود حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.
الشكوك المتزايدة
أشار الباحث باراك إلي أنَّه ربما يكون الجانب الإيجابي في الشكوك المتزايدة حول المشروع هو أنَّ هذه الشكوك تمنح مصر فسحةً هي بأمسّ الحاجة إليها لوضع استراتيجية أفضل لصيانة المياه، وتراود المصريين مخاوف جمّة من العواقب التي سيخلفها السد على إمداداتهم من المياه بسبب الانخفاض المؤقت في منسوب مياه نهر النيل ، وتسجل بلادهم المعدل الأدنى لهطول الأمطار على وجه الأرض.
ووفقًا لبعض التقارير تعتمد مصر على نهر النيل لتلبية أكثر من 75% من احتياجاتها من المياه، ولذلك يرى المصريون أنَّ أي انخفاض كبير قد يكون كارثيًا، وينبغي على واشنطن أن تعمل مع كلا البلدين لضمان توصّلهما إلى حل عادل لا يزيد من زعزعة استقرار مصر.
بداية المشروع
واستعرض الباحث باراك البداية للمشروع حيث وضعت إثيوبيا حجر الأساس في 2011 وتولت الحكومة التمويل بقيمه 4 مليارات دولار لتفادي الضغوط الدولية في التمويل بهدف توليد6000 ميغاواط من الكهرباء وتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه للري.
وأضاف الباحث رغم النمو الاقتصادي الذي شهدته إثيوبيا اعتبارًا من عام 2012 إلّا أنَّ ارتفاع الدين الخارجي إلى الضعف حيث وصل 26.2 مليار دولار عام 2018، وانخفض رصيد البلاد من العملة الأجنبية وزاد العجز في الميزانية الي 3.3% ، والقي بأعباء اقتصاديه على اقتصاد البلاد ومن ثم حال دون توفير الموارد اللازمة لتمويل السد.
وقال الباحث" إنَّ المشروع ربما قد يكون قد تضرر أيضًا بفعل مشاكل غير اقتصادية كان يمكن تجنبها مثل الفساد، وقد تفسر هذه العوامل تخفيف "أبي أحمد" للتوقعات، مشيرًا إلى أنَّ من المرجح استكمال السد خلال عشر سنوات وأنَّه لم يعد ضمن الاولويات المهمة لحكومته المهتمة مثل الاصلاحات السياسية الداخلية واستعاده السلام مع اريتريا.
وقال الباحث" إنَّ بإمكان مصر الاستفادة من التغير في أولويات أبي أحمد من خلال تحديد دقيق لكميه المياه إلى تحتاجها والتي قدرها جهاز التعبئة والاحصاء عام 2016 بنحو 76 مليار متر مكعب من كل المصادر بما فيها النيل، مما دفع مصر إلي الاتجاه لإقامه محطات التحلية وتكرير مياه الصرف وهو ما يمكن أن يوفر من خمسة الى سبعه مليارات متر مكعب".
وأشار خبراء إلي أن مصر تستخدم الحصه التي لا تستخدمها السودان من المياه ليصل ما تحصل عليه فعليًا من النهر إلى 67 مليار متر مكعب من المياه.
الدور الأميركي المطلوب
وأوضح الباحث أنَّه في حين تربط مصر وإثيوبيا علاقات جيدة وأنَّ الدولتين تحاولان التوصل إلى حل ودّي، إلّا أنَّهما لم تحرزا الكثير من التقدم، ولا تزال المشكلة الكبرى المتبقية في هذه المرحلة المتأخرة من بناء السد تكمن في فترة تعبئة الخزان، فمصر تودّ إطالة أمدها قدر الإمكان للتقليل من الانخفاض السنوي في مردود المياه من نهر النيل، حيث تطالب وسائل الإعلام المحلية بفترة تتراوح بين سبعة وعشرة أعوام، علمًا بأن بيكيلي، قبل وفاته كان يرتقب إتمامها خلال خمسة إلى ستة أعوام.
وللخروج من هذا الجمود، قال الخبراء "يجب على واشنطن أنَّ تحثّ الطرفين على القبول بفترة سبع سنوات لامتلاء الخزان، فتُوازن بذلك بين حاجة أثيوبيا إلى تحقيق عائدات سريعة على استثمارها وبين الأضرار التي قد يسببها جدول زمني معجل لمصر، كما يمكن للمسؤولين الأميركيين المساعدة في إعداد حزمة مساعدات دولية للمحاصيل التي تعتمد على المياه بشكل كبير على غرار البرسيم والثوم والحنّة، مما يتيح لمصر الحفاظ على مواردها القيّمة".