القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
تحتفل الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، الجمعة، بعيد الميلاد المجيد وسط جائحة كورونا ووفق التقيد بالبروتوكول الصحي، وسيغيب المحتفلون من أرجاء العالم بسبب الطفرة الجديدة "أوميكرون"، وسمح هذا العام لـ 468 مسيحياً من قطاع غزة المشاركة في الاحتفالات.وبدأ الفلسطينيون في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، احتفالاتهم الجمعة بعيد الميلاد المجيد، في ظل إجراءات صحية، وعمليات قمع من قوات الاحتلال الاسرائيلية "حولت المدينة إلى سجن كبير"، كما وصفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رسالته بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة.واستعدت المدينة التي أنهت البلدية فيها كل التجهيزات لاستقبال المحتفلين من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة ومن داخل أراضي عام 1948، بعد أن ألغيت جميع الحجوزات للوافدين الأجانب، بسبب الفيروس.وأصبحت ساحة المهد عنوانا للاحتفالات حيث تم استقبال رسمي وشعبي لموكب بطريرك القدس للاتين بيير باتيسا بيتسابالا، تتقدمه الفرق الكشفية، وصولا إلى كنيسة القديسة كاترينا للاتين، استعدادا لترؤسه قداس منتصف الليل. وتم الانتهاء من إعداد الخطة الأمنية لتأمين سلامة المحتفلين والمواكب، ونشرت منذ أمس أعداد كبيرة من أفراد الشرطة على مفترقات الطرق والشوارع الرئيسية، وفي ساحة المهد مع بعض التحويلات لسير المركبات.وكانت بيت لحم شهدت، خلال الأيام الماضية، تنظيم العديد من الفعاليات الاحتفالية بالميلاد المجيد، بدءا من إضاءة شجرة الميلاد، إلى الإعلان عن رسالة الميلاد، وسوق الميلاد، وقرية سانتا، ومسرحيات ومعارض فنية، وصولا إلى انطلاق قافلة الميلاد.
وأكدت وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، أنه "رغم جائحة كورونا إلا أنّ أعياد الميلاد ستحمل معها البهجة والفرحة، حيث أنّ الأمل والتفاؤل يتسلح بهما الشعب الفلسطيني لإحياء مناسباته الدينية والوطنية لأن هذا استحقاق وطني بامتياز، وبناء على توجيهات الحكومة الفلسطينية، لكن وفق التقيد بالبروتوكول الصحي".وقال رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان: "عيد ميلاد آخر يحل علينا والبشرية تعاني انتشار جائحة كورونا، ورغم ذلك ارتأينا أن نرتقي فوق كل الصعوبات ونتسلح بقيم الميلاد ونغلب الأمل على الألم لنحتفل بالعيد بفرح عظيم، ونعيد للميلاد بهجته وفرحته ومعانيه السامية".وفي هذه المناسبة وجّه الرئيس محمود عباس رسالة للشعب الفلسطيني والعربي، وجاء فيها أن الاحتلال الإسرائيلي حوّل مدينة بيت لحم إلى سجن كبير حيث حوطها بالمستوطنات وفصلها عن مدينة القدس بجدار عنصري.وأضاف أن الاحتلال حوّل "مدينة الميلاد بيت لحم إلى سجن كبير محاط بـ 18 مستوطنة استعمارية وأكثر من 100 ألف مستوطن، حيث أصبحت بيت لحم مفصولة عن القدس بسبب جدار الضم غير القانوني".وقال إن إحدى النتائج الرئيسة للاحتلال الإسرائيلي "أننا لم نتمكن من استقبال الحجاج والزائرين من المسيحيين والمسلمين، حيث لا سيطرة لنا على حدودنا"، مضيفا أن الشعب الفلسطيني اعتنى بالأماكن المقدسة على مدى قرون كجزء من مسؤوليته للحفاظ على هويته الوطنية.
وبيت لحم مدينة تاريخية تقع جنوبي الضفة، وتكتسب قدسيتها من وجود "كنيسة المهد" التي يعتقد المسيحيون أن المسيح عيسى بن مريم ولد في الموقع الذي قامت عليه.
وتكون ذروة أعياد الميلاد في بيت لحم ليلة 24 ديسمبر/كانون الأول حيث يقام قداس منتصف الليل، ويحضره عادة الرئيس الفلسطيني ووزراء ومسؤولون من دول عربية وأجنبية.
وتابع عباس: “بقاء الوضع القانوني والتاريخي لجميع الأماكن المقدسة، بما في ذلك المسجد الأقصى وكنيسة القيامة (في القدس)، والمسجد الإبراهيمي في الخليل (جنوب) وكذلك الأرض المحتلة عامة دون تغيير، هو جوهر نضالنا الوطني”.وأضاف أن الوضع الراهن والواقع التاريخي في القدس يتعرضان للتهديد، بإقامة اليهود للصلاة في الأقصى المبارك، أو محاولات تحويل باب الخليل – أحد بوابات القدس – إلى مستوطنة، والاعتداء على ممتلكات الكنيسة وفصل الحي الأرمني عن أحياء البلدة القديمة.وأردف: "نتابع بقلق آخر التطورات في الحي الأرمني وباب الجديد وباب الخليل والشيخ جراح وسلوان، ناهيك عن القيود والاستفزازات ومحاولات طرد الفلسطينيين من بيوتهم في الشيخ جراح وسلوان وغيرها".ودعا عباس، جميع الدول والكنائس، للتحرك في إطار مسؤولياتها من أجل الحفاظ على الوجود المسيحي الأصيل في فلسطين الأرض المقدسة، والوضع التاريخي القائم الذي ساد في فترة الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني والحكم الأردني، وصولا إلى بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. وتابع “مع احتفالنا بعيد الميلاد، لا ننسى حقيقة القهر الذي يعيشه شعبنا في فلسطين، ومنهم الأطفال الذين لم يعد لديهم منزل بسبب سياسة الهدم غير القانونية وغير الأخلاقية”. وختم عباس رسالته بالقول إن “عيد الميلاد هو رسالة أمل فلسطينية يواصل شعبنا احتضانها بمحبة لتحقيق العدالة والحرية والسلام في أرض القداسة”.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :