القاهرة - محمود حساني- أكرم علي- وفاء لطفي
أثارت واقعة توقيف شبكة دولية، للإتجار في الأعضاء البشرية، من جانب ضباط هيئة الرقابة الإدارية، فجر الثلاثاء، ردود فعل غاضبة في الشارع المصري ولدى المعنيين من الخبراء والمحللين. ومما زاد من حدة الغضب، أن من يتزعّم هذه الشبكة مصريين وعرب وأجانب وأساتذة جامعات وعدد من أصحاب المستشفيات الخاصة، اتحدوا جميعاً مع "الشيطان"، لتحقيق أهدافهم ومصالحهم القذرة، واستغلوا الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، لشراء الأعضاء البشرية، من أبناء وطنهم، من البسطاء والفقراء، مقابل مبالغ زهيدة، في حين حققوا من وراء ذلك مبالغ مالية ضخمة تجاوزت الملايين .
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة خالد مجاهد إن بعض المتورطين ضمن قضية الإتجار في أعضاء البشر أساتذة جامعيين في جامعتي القاهرة وعين شمس، والبعض الآخر من مستشفيات أحمد ماهر ومعهد الكلى، وأخرى تابعة إلى وزارة الصحة، مشيرًا إلى إيقاف الأطباء التابعين إلى وزارة الصحة من قبل الوزير أحمد عماد لحين الانتهاء من التحقيقات في النيابة، أما الأطباء الجامعيين فالتصرف معهم من قبل الجامعة التي يتبعوها.
وأثنى الدكتور خالد مجاهد خلال تصريحات تلفزيونية، على حملة الرقابة الإدارية التي شنتها فجر اليوم الثلاثاء، وتمكّنت خلالها من ضبط أكبر شبكة للإتجار في الأعضاء البشرية، مشيرًا إلى مداهمة الحملة لبعض المستشفيات الخاصة، حيث تبيّن وجود عدد منها مرخّص وآخر غير مرخّص. وأكد مجاهد أن حملة الرقابة الإدارية أسفرت عن القبض على أكثر من 40 شخصًا منهم أطباء وتمريض وسماسرة ومرضى مشتركين في الإتجار بالأعضاء البشرية، مشيرًا إلى تشميع كافة المنشآت التي تم مداهمتها بالشمع الأحمر، وإيقاف الأطباء عن العمل لحين انتهاء التحقيقات بالنيابة.
وتّوقع خبراء، أن التحقيقات التي تُجريها النيابة العامة، في هذه القضية، ستكشف خلال الأيام القليلة المقبلة، العديد من المفاجآت المُثيرة، نظراً لحجم القضية، وحجم المتهمين فيها، فهم ليسوا من أصحاب السوابق الإجرامية، بل هم أطباء وأساتذة جامعات وأصحاب مستشفيات خاصة، الذين يفترض فيهم أن يكونوا على قدر كبير من الأمانة والإخلاص والمسؤولية تتناسب مع حجم عملهم .
وأكدوا في تصريحات لـ " مصر اليوم "، أن هناك أكثر من عصابة تعمل في نشاط تجارة الأعضاء البشرية، لم يأتي بعد وقت توقيفها من جانب الأجهزة الأمنية، داعيين الأجهزة الأمنية إلى تكثيف الرقابة على المستشفيات الخاصة والمناطق التي يُكثر فيها " سماسرة" (وسطاء) تجارة الأعضاء البشرية، لاسيما في وسط القاهرة وفي محطات المترو .
واتفق الخبراء، على أن هناك أسباب رئيسية وراء رواج ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية، يأتي على رأس هذه الأسباب، الظروف الاقتصادية التي تُعاني منها البلاد، وأتت بالسلب على المواطنين، خلال السنوات الخمسة الماضية، وثاني هذه الأسباب، غياب الرقابة الأمنية، مما ساعد على زيادة النشاط خلال الفترة الأخيرة، وثالث هذه الأسباب، الجهل وغياب الوعي عند قطاع عريض من المواطنين الذيت يقعون فريسة لأمثال هؤلاء.
ويشير عميد كلية الحقوق في جامعة أسيوط، الدكتور ثروت عبدالعال، إلى دراسة حديثة صادرة مؤخراً عن منظمة الصحة العالمية، تكشف عن أن مصر تحتل المركز الثالث عالميًا، والأول في منطقة الشرق الأوسط، في مجال تجارة وزراعة الأعضاء البشرية غير المشروعة، مبيناً أن هذا الأمر يُمثّل خطورة كبيرة على الأمن المجتمعي، حيث أصبحت حياة المواطنين، لاسيما البسطاء منهم، مُهددة من جانب هؤلاء المجرمين، الذين يستغلون الظروف الاقتصادية، للسيطرة عليهم وإغرائهم، مقابل بيع أعضائهم البشرية .
ويضيف عميد كلية الحقوق، :" أن تفشي هذه الظاهرة لا سيما خلال السنوات الثلاثة الأخيرة تعود إلى ضعف التشريعات التي تجرّم هذه الظاهرة، مطالباً مجلس النواب، بعقد جلسة طارئة لبحث هذا الأمر، واتخاذ قرارات فورية، من بينها تعديل العقوبات المُقررة على هذه الجريمة، لتصل إلى حد الإعدام، حتى يمكن القضاء على هذه الظاهرة.
وطالب أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة، الدكتور خيري عبداللطيف، مؤسسات الدولة، بالعمل سوياً لمواجهة هذه الظاهرة التي تُؤثر على أمنها المجتمعي، من خلال إعداد خطة تتضمن أسباب هذه الظاهرة، وسبُل مواجهتها، على أن يكون هناك تشريع يُصدر من مجلس النواب، يتضمن عقوبات رادعة على العاملين في تجارة الأعضاء البشرية.
وقد وصل، الثلاثاء، 25 متهمًا ومتهمة ضمن "الشبكة الدولية لتجارة الأعضاء البشرية"، إلى مقر نيابة الأموال العامة العليا، لبدء التحقيق معهم، وبحوزتهم جميع الأحراز والتسجيلات المتعلقة بجريمتهم، حيث تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من الكشف عن أكبر شبكة لتجارة الأعضاء البشرية، واستغلال حاجة وفقر البعض، لشراء أعضائهم، وخاصة "الكلى"، بمبالغ زهيدة، وبيعها إلى مرضى مصريين وأجانب بملايين الجنيهات. وقالت الهيئة، في بيان لها، إنه، في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ألقى ضباط الهيئة، فجر الثلاثاء، القبض على أكبر شبكة دولية للإتجار في الأعضاء البشرية، وهي شبكة تتكوّن من مصريين وعرب، يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض المواطنين المصريين، لشراء أعضائهم البشرية، وبيعها بمبالغ مالية كبيرة، وضمت 41 متهمًا، بينهم 12 طبيبًا، و ثمانية ممرضين، بالإضافة إلى عدد من أساتذة الجامعات، والوسطاء، وتمكنوا من تحقيق ثروات طائلة، من خلال تلك العمليات غير المشروعة.