ارتكبّت جماعة "الإخوان" المسلمين "المحظورة" جرائم خطيرة

 القاهرة - محمد الدرس ارتكبّت جماعة "الإخوان" المسلمين "المحظورة" جرائم خطيرة ضد الإنسانية في عام 2013 و التي وصفها البعض بأنها جرائم تفوق جرائم الصهاينة منذ تأسيس الجماعة، حيث يعتبرون الوطنية والقومية "علائق نتنة" على حد تعبير حسن البنا في رسائله، وسيد قطب في كتابيه "في ظلال القرآن"، و"معالم في الطريق"، والتي زرعوها في عقول ونفوس تابعيهم على مدار العقود الماضية، فيما تشير نتائج اجتماعات التنظيم الدولي لـ"الإخوان" خلال الشهور الماضية في تركيا ثم في لاهور وماليزيا، إلى أن  جرائم "الإخوان" المسلمين في مصر لا تنفصل عن خيانتهم مع كل قاصٍ ودانٍ ومن جانبه وصف الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد علي بلال الجرائم التي ارتكبتها الجماعة المحظورة في العام الماضي بأنها "تفوق جرائم الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني"، مشيرا إلى ان تلك الجرائم ليست قاصرة على عام واحد فقط ولكنها تمتد لتصل إلى 85 عاما منذ نشأتها، من أعمال قتل وتخريب وتدمير وسرقة أموال بواسطة شركات توظيف الأموال، وحتي ابتلي بحكمها المصريون في أول تموز/ يوليو 2012.
وأوضح بلال انه لا يمكن أن نقارن بما اقترفته الجماعة من جرائم وآثام خلال عام الشؤم الذي حكمت فيه مصر وحتي بعد أن استأصل المصريون ورمها السرطاني من الجسد المصري بثورة 30 يونيو 2013، وحتي اللحظة، بل لقد فاقت جرائم "الإخوان" في بشاعتها ما ارتكبته اسرائيل ضد مصر في حروبها الماضية، فلقد كانت اسرائيل ولا تزال عدواً واضحاً محدد الهوية والمعالم والمكان والأهداف والخطط والنوايا، أما جماعة "الإخوان" فهي للأسف الشديد من بني جلدتنا يعيشون بيننا ويدينون بديننا الإسلام ويتحدثون لغتنا وينعمون بكل خيرات الوطن الذي يحملون هويته المصرية والذي للأسف لا يعترفون به.
وقال بلال  "إن "الإخوان" المسلمين لا يعترفون بالوطنية حيث يعتبرون الوطنية والقومية "علائق نتنة" على حد تعبير حسن البنا في رسائله وسيد قطب في كتابيه "في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق" والتي زرعوها في عقول ونفوس تابعيهم على مدار العقود، وكلها تقطر سماً زعافاً في حق مفهوم الوطنية والقومية، وأورثت هؤلاء الأتباع كل ما نراه ونلمسه من بغض وحقد وكراهية لكل من لا ينتمي للإخوان، بل حرق وتخريب وتدمير كل ما على أرض مصر بزعم تقويض المجتمع الجاهلي القائم ليقيم "الإخوان" على أنقاضه المجتمع المسلم الذي يحكم بالشريعة طبقاً لمفاهيمهم الباطلة".
وأضاف "إذا انتقلنا إلى اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان التي عقدت خلال الشهور الماضية في تركيا ثم في لاهور وماليزيا، سنجد ان جرائم "الإخوان" المسلمين في مصر لا تنفصل عن خيانتها مع كل قاصي وداني، فخياناتهم ضد مصر مجسمة في قرارات هذه الاجتماعات والتي تنوعت بين تكثيف الهجمات ضد الأهداف الاستراتيجية داخل مصر، وقطع الطرق والسكك الحديد، وتشتيت جهود الجيش والشرطة على كل الساحة المصرية، والسعي لاختراق صفوف الجيش والشرطة باستقطاب عناصر قيادية فيهما وبما يؤدى إلى إحداث انقسام يمكن من إنشاء ما يحلمون به تحت اسم "جيش مصر الحر"، وتنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادات سياسية وعسكرية وإعلامية في النظام الجديد في مصر".
و تابع بلال "و كان لتكثيف الهجمات في سيناء بحيث لا تقتصر فقط على شمال سيناء بل وتشمل جنوبها أيضا مع نقل الهجمات إلى منطقة القناة وضد السفن العابرة وبما يعطى الذريعة للتدخل الخارجي بدعوى حماية حركة الملاحة في القناة، هذا إلى جانب قرار خياني آخر يتمثل في استدعاء إسرائيل إلى المشهد السياسي في مصر من خلال شن هجمات بالصواريخ ضد مدينة إيلات، وعمليات هجومية ضد الحافلات الإسرائيلية المتحركة على الطريق بين بئر سبع وايلات وبما يعطى إسرائيل الذريعة لإعادة احتلال سيناء مرة أخرى، ويجبر الجيش المصري على الانسحاب من الداخل ليواجه إسرائيل في سيناء، وتم بالفعل تخصيص مليار دولار لتنفيذ هذه القرارات".
وواصل " وقد رصدت أجهزة المخابرات المصرية اجتماعات جرت في قطر ضمت عناصر قيادية في التنظيم الدولي لـ"الإخوان" أبرزها إبراهيم منير وعناصر من تنظيم "القاعدة" في العراق لنقل عمليات "إرهابية" من سورية إلى سيناء بواسطة إرهابي "القاعدة" الذين فروا أخيرا من السجون العراقية، ويقوم أيمن الظواهري بدور الوسيط بين "الإخوان" وإبراهيم السامرائي قائد تنظيم القاعدة بالعراق لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، وتتضمن الخطة عمليات انتحارية وتفجيرات عن بعد لعربات مفخخة تستهدف المنشآت العسكرية أساسا، وتشكيل ما يسمى بجيش "جند الله المجاهدين".
وأكد  بلال " أن أمين التنظيم الدولي للإخوان إبراهيم منير التقى أسامة الموصلي في الأردن لتشكيل مجموعات عسكرية من "القاعدة" تدخل مصر عبر الحدود السودانية ولقد كان حادث تفجير العربة المفخخة التي استهدفت مبنى المخابرات الحربية في الإسماعيلية 19 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري وتسبب في مقتل فرد وإصابة 4 آخرين انعكاسا لتنفيذ هذا المخطط الذي اشتهر به تنظيم "القاعدة" في العراق وسورية، وسبق تنفيذه ضد مبنى مديرية أمن جنوب سيناء مع بدء احتفالات ذكرى حرب أكتوبر".
وتجدر الإشارة إلى أهم   انتهاكات حقوق الإنسان التي تمت خلال العام الماضي من حكم محمد مرسي وجماعة "الإخوان" المسلمين، بداية من عملية صناعة الدستور التي احتكرتها جماعة "الإخوان" المسلمين، وغيرها من فصائل الإسلام السياسي اقترنت بشن أوسع هجوم على النظام القضائي واستقلال القضاء، لقطع الطريق على المحكمة الدستورية العليا وقضاء مجلس الدولة في ممارسة اختصاصاتهما القضائية للبت في مشروعية تشكيل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وبسببها تم حصار المحكمة الدستورية العليا ثالث اهم المحاكم العالمية مثلما حدث في النموذج الباكستاني.
كما أن مرسي استباح لنفسه في هذا السياق إصدار إعلان دستوري في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، شكل في جوهره إعلان حرب على السلطة القضائية وسيادة القانون ومقومات الدولة الحديثة، وغَل بموجبه الهيئات القضائية عن نظر أية دعاوى قضائية تطعن على قراراته السالفة أو حتى اللاحقة إلى حين الانتهاء من جريمة تمرير الدستور الجديد.
وتتويجًا لهذا الإعلان، حرضت الجماعة أنصارها على محاصرة المحكمة الدستورية لنحو ستة أسابيع، مما أدى إلى توقفها عن العمل، ولم تتمكن من استئناف عملها إلا بعد الاستفتاء على مشروع الدستور، ومن ثم جاءت أحكامها الأخيرة ببطلان الهيئة التأسيسية معدومة الأثر، بعدما صارت “الجريمة الدستورية” واقعًا محصنًا، عبر استفتاء قاطعته أعداد كبيرة من القضاة ورفضت الإشراف عليه.
كما أنه لم  يكن غريبا في ظل تلك الاحداث الاجرامية للجماعة أن يأتي الدستور الذي انفردت بصياغته جماعات الإسلام السياسي مؤسسا للاستبداد السياسي والديني في آن واحد، وممهدا الطريق لدولة دينية على نمط نظام ولاية الفقيه الإيراني، وإن كانت بمصطلحات سنية تسمح لهيئة دينية حتى لو كانت من كبار علماء الأزهر سلطة الوصاية على العملية التشريعية باسم الشريعة الإسلامية، ومطلقًا يد جماعات بعينها لفرض وصايتها على المجتمع بدعوى حماية الأخلاق والطابع الأصيل للأسرة المصرية.
واستبعدت من نصوص الدستور أية إشارات للمساواة بين النساء والرجال، وحصر حق ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للمنتمين فقط إلى الأديان السماوية التي يعترف بها الإسلام.
و أفرغت ضمانات الحقوق والحريات العامة من مضمونها عبر المادة 81 التي ربطت ممارسة الحقوق والحريات بشرط عدم التعارض مع المواد الدستورية وثيقة الصلة بهوية الدولة الدينية، وحماية القيم الأخلاقية والآداب والنظام العام والمقومات الثقافية والحضارية للمجتمع.
وتدخل واضعو الدستور في تشكيل المحكمة الدستورية العليا بشكل فج حيث فُصّلت النصوص التي تُمكّن من إقصاء قضاة بعينهم، وأُفسح المجال للتدخل في تشكيل الهيئة القضائية للمحكمة الدستورية، ولإدخال تعديلات على قانونها تحدد طبيعة الأثر التي ترتبه أحكامها.
وفي الوقت ذاته  فإن الحرب على السلطة القضائية والنزوع للهيمنة على مؤسساتها، يتم محاولة تتويجها عبر قانون جديد للسلطة القضائية يجري تفصيله حاليًا، ويمهد لمذبحة "تشريعية" للقضاة تؤول إلى إحالة آلاف منهم إلى التقاعد. وتأتي هذه الخطوة بعدما نجح "الإخوان" باسم القصاص لشهداء الثورة في عزل النائب العام المحسوب على نظام مبارك واستبداله بآخر اختاره رئيس الجمهورية بإرادة منفردة، ودون أدنى تشاور مع المجلس الأعلى للقضاء، وبات النائب العام الجديد محاصرًا بطعونات سياسية وقانونية، وبأحكام قضائية، لم يعتد بها تقضي ببطلان إجراءات تعيينه.
و تواصلت المحاكمات العسكرية للمدنيين، بل باتت هذه المحاكمات محصنة، وفقًا لنصوص الدستور، الذي انفرد بصياغته جماعة "الإخوان" المسلمين وفصائل الإسلام السياسي الأخرى، وشهد العام الأول من حكم "الإخوان" تقديم أعداد غير قليلة من النشطاء السياسيين ومن المنخرطين في احتجاجات اجتماعية، ومن الصيادين أيضًا إلى هذه المحاكمات الاستثنائية.
ويذكر أن الدستور الجديد رفض النص صراحةً على المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق، واستمرت الدولة في فشلها في تغيير سياسة التمييز ضد المرأة ورفض توليها المناصب العليا. بل تميز العام السابق بتواطؤ مؤسسات الدولة المختلفة وتخليها عن مسئوليتها القانونية في حماية الاحتجاجات السياسية والاجتماعية، والتواطؤ على جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء في المظاهرات، ومساهمة أعضاء مجلس الشورى الذي يسيطر على تشكيله حزب رئيس الدولة في تبرير هذه الجرائم المشينة علنًا، وذلك بتحميل النساء مسئولية الاعتداء عليهن لأنهن يمارسن حقهن في التظاهر.
و لوحظ في خلال العام المنصرم من حكم محمد مرسي وجماعة "الإخوان" المسلمين استخدام جريمة ازدراء الأديان كسلاح في مواجهة حرية الفكر والإبداع، حيث أصبح يتم استخدامها كوسيلة لاتهام كل من يحمل رؤية مختلفة للمجتمع أو يريد التعبير عن رأيه بطريقة مختلفة، ففي الأشهر القليلة الماضية زادت حالات الاتهام بازدراء الأديان وسب الذات الإلهية وغيرها من التهم التي تُلقى جزافًا ضد كل شخص يعبر عن رأيه، يستخدمها أنصار جماعة "الإخوان" المسلمين لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية، مستغلين ترسانة تشريعية لا تتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان أو المعايير الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير.
و اتسع نطاق الملاحقة اليومية للصحفيين والإعلاميين في الوقت نفسه الذي جرى فيه توظيف قوانين مبارك في تأمين هيمنة جماعة "الإخوان" المسلمين والمقربين منها على الصحف القومية والمجلس الأعلى للصحافة والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وأُخضعت وسائط الإعلام للترويع والترهيب عبر الحصار الذي فرضه أنصارها على مدينة الإنتاج الإعلامي وسايرتها فيها لاحقًا بعض الجماعات السلفية، وعبر أشكال التحرش والاعتداءات البدنية على الصحفيين والإعلاميين والمبدعين.
وامتد الأمر في آخر ايام مرسي إلى التحرش بالمثقفين المعتصمين أمام وزارة الثقافة، احتجاجا على المساعي المحمومة للهيمنة على مؤسساتها، وتسيد الميول المحافظة والمعادية للتنوع الثقافي ولحرية الفكر والإبداع.
فيما أُتيح لعناصر الجماعات "الجهادية" الاستفادة من قرارات العفو الرئاسي، وغض الطرف عن نشاطها الإرهابي في سيناء، فقد تواصلت الحملات العدائية للتشهير بمنظمات حقوق الإنسان، ولم تتوقف ملاحقتها قضائيًا في محاكمة تحركها دوافع سياسية وانتقامية استندت في تحقيقاتها على تحريات أجهزة أمن نظام مبارك، أدت لأول مرة إلى صدور أحكام بالجملة تقضي بعقوبة السجن من عام إلى خمسة أعوام بحق 43 من العاملين بهذه المنظمات، في الوقت ذاته الذي يجري فيه التهيئة لتمرير قانون جديد يحكم الخناق على مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان.
وبدلاً عن اعتماد تشريع يقر بالحرية النقابية، يجري توظيف نصوص قانون النقابات العمالية الحالية وتعديلاته لتأمين هيمنة "الإخوان" على التنظيم النقابي العمالي، ومحاصرة وملاحقة النقابات العمالية المستقلة، التي بدأت تعرف طريقها في مصر حتى من قبل الإطاحة بنظام مبارك.
وتعتبر  المطالب المشروعة التي أُطلقت بعد سقوط نظام مبارك، بشأن الإصلاح الأمني وتبني برامج ناجزة لتحقيق العدالة الانتقالية ومنع الإفلات من العقاب، معدومة في بلد بات من المؤكد أنه يسير في الاتجاه المعاكس للانتقال الديمقراطي، حيث يجري بناء مرتكزات النظام التسلطي الجديد، ويجري استدعاء المعالجات الأمنية القمعية وتطويرها في مواجهة الخصوم.
وتُختزل دعوات الإصلاح الأمني عمليًا في جهود حثيثة لتطويع الأجهزة الأمنية، يواكبه السعي لشن مزيدا من التشريعات التي تُجرم أشكال الاحتجاج والتظاهر، وتُطلق يد الشرطة في استخدام القوة في مواجهة المتظاهرين، وتُغلظ العقوبات على مقاومة السلطات والتعدي على عناصر الشرطة، ومع أن الرئيس محمد مرسي قد تعهد عند انتخابه بالقصاص العادل لشهداء الثورة ومصابيها، إلا أن الإجراءات التي اتخذها بدت نوعا من الاستثمار الفج لهذا الملف في تبرير العدوان على السلطة القضائية، واستصدار قوانين استثنائية باسم حماية الثورة وحقوق الشهداء، بالإضافة لاستخدامها من الناحية الفعلية كسلاح للعصف بالحريات العامة والتنكيل بخصومه السياسيين والسماح بإبقائهم رهينة الحبس الاحتياطي لمدد تصل إلى 6 أشهر.