سقوط 607 مدني و8 شرطي في رابعة

كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث ما بعد 30 حزيران/يونيو عن سقوط 607 قتيل من المواطنين، و8 قتلى و156 مصابًا من قبل قوات الشرطة في فض اعتصام رابعة العدوية.

وأكدت اللجنة أن مصلحة الطب الشرعي رصدت تكرار في بعض الأسماء للمتوفين في منطقة رابعة وجرى حذف المتكرر، وهذا يفسر سبب انخفاض أعداد القتلى عما ذكر من قبل، أما عدد المصابين فبلغ 1492 مصابًا بخلاف الذين آثروا العلاج خارج المستشفيات الحكومية.

وأوضحت أن ما تم تشريحه من جثث بمعرفة مصلحة الطب الشرعي 363 حالة ، وباقي العدد صمم المتجمعون على دفنهم بتصاريح دفن من غير تشريح ، وصدرت تصاريح الدفن  لم يثبت في أي منها أنها حالة انتحار حسبما سبق الادعاء بذلك، و يترتب على إصدار تصريح الدفن آثار قانونية كاتخاذ إجراءات تحديد الورثة وصرف المستحقات المالية...، ومن ثم كان هناك عقاب جنائي على الدفن بدون تصريح.

وكان اتجاه الطلقات تجاه القتلى 29 حالة من أعلى إلى أسفل، 87 حالة من الأمام إلى الخلف، و89 حالة من الخلف إلى الأمام ، و145 حالة من اليمين لليسار ، و95 حالة من اليسار لليمين، ومن بين الحالات السالفة 82 حالة بها أكثر من إصابة من اتجاهات مختلفة .

وتم ضبط 51 سلاحًا ناريًا مختلف العيارات، وعـدد من الطلقـات التي تستخدم عليها بالإضافة إلى نبال وكريات حديدية وغيرها من الأدوات والمواد التي استخدمت في الاشتباكات، وثبت من تقرير المعمل الجنائي أن الحرائق اشتعلت في مختلف الأماكن و الخيام داخل التجمع في وقت متزامن، ولم تمتد من واحدة إلى أخرى مما يشير إلى تعدد الفاعلين .

وأوضحت اللجنة في تقريرها إلى أن التجمع بدأ في مظهر سلمي إلا أنه لم يكن سلميًا قبل أو أثناء الفض، وتوافرت المسوغات القانونية للشرطة لفض التجمع بالقوة بعد أن فشلت مساعي إخلائه إراديًا، وتم الإعلان عن عزم الحكومة فض التجمع من خلال البيانات التي كانت تلقى على المتجمعين وفي وسائل الاعلام قبل تحديد موعد الفض، وجرى تسريب موعد الفض بعد ذلك لوسائل الاعلام التي أرسلت مراسليها لتغطيته، بالإضافة إلى الإنذار الصادر قبيل الفض، وتحديد الممر الآمن، ودعوة المتجمعين للخروج الآمن منه، و لكن كثيرا منهم رفضوا الخروج أو أجبروا على ذلك، وثبت أن هدف قوات الشرطة منذ البداية إخلاء الميدان وليس قتل المتجمعين غير أنها اضطرت الى الرد على مصادر النيران التي أطلقها عليها المسلحون من بين المتجمعين.

وبيّنت اللجنة أن الشرطة أخطرت وسائل الإعلام بموعد الفض، وناشدت المتجمعين الخروج قبل وأثناء الفض.

وتدرجت الشرطة في استخدام القوة، و لم تستدع المجموعات القتالية الا بعد وقوع قتلى وإصابات في صفوفها، وعند توقيف المتهمين بإطلاق النار على الشرطة من " عمارة المنايفة " لم تتم تصفيتهم بل جرى اعتقالهم وتسليمهم إلى المختصين، وكانت خطة الفض واحدة في تجمعي رابعة و النهضة ، وعندما أعلن المتجمعون في كلية الهندسة جامعة القاهرة رغبتهم في الخروج الآمن، وطلبوا وساطة محافظ الجيزة، وافقت الشرطة على ذلك ، ولو كانت الشرطة تنفذ خطة للقتل لاستمرت في حصارهم وقتالهم داخل الكلية.

وترى اللجنة أن المسؤولية عن أعداد الضحايا في فض ميدان رابعة تقع على التجمع وقادته ومسلحوه وقوات الشرطة، قائلة "إن قادة التجمع الذين سلحوا بعضًا من أفراده، ولم يقبلوا مناشدة أجهزة الدولة والمساعي الداخلية والخارجية لفض التجمع سلميًا، مع عدم الاكتراث بنتائج الصدام، ويشاركهم المسلحون الذين بدأوا إطلاق النار على الشرطة من بين المتجمعين ، فتسببوا في وقوع الضحايا من القتلى والمصابين من جميع الأطراف بل وقتلوا غيرهم من المواطنين غير المتجمعين، وقوات الشرطة وإن كانت اضطرت إلى الرد على اطلاق النار، إلا أنها أخفقت في التركيز على مصادر إطلاق النار المتحركة بين المتجمعين مما زاد من أعداد الضحايا".

وأشارت إلى أن بعض المتجمعين يتحملون نصيباً من المسؤولية لإصرارهم على التواجد مع المسلحين واستخدامهم دروعا بشرية أثناء إطلاق النار على الشرطة، ولم يمتثلوا لدعوات الخروج الآمن قبل و أثناء الفض، كما أن الإدارة المصرية جانبها أيضاً الصواب بالسماح بزيادة التجمع عددا ومساحة، ونقل مجموعات الأفراد والمعدات و المواد اليه التي تدعم تحصينه واستمراره بشكل واضح دون اتخاذ موقف حاسم لمنع ذلك.

وتردد الحكومة بين فض التجمع في وقت قصير مع ما يرتبه من تداعيات ، وبين فضه بكلفة أقل ومدة أطول غير معلوم مداها، وانحازت الحكومة للخيار الأول حفاظا على وجود الدولة، وكان أمامها بدائل لتجفيف مصادر العنصر البشري في التجمع، وشن حملة إعلامية واسعة لإعلان عزمها على الفض، وإشراك المواطنين معها لإرجاع أبنائهم عن الانخراط في هذا التجمع غير السلمي.

وأوصى التقرير بتعديل قانون "التظاهر" ليكون لإدارة الجامعة دور في الموافقة عليها داخل الحرم الجامعي، وتأمين الشرطة للأسوار الخارجية للجامعة ، ووجوب دخولها إلى الحرم الجامعي بعد موافقة رئيس الجامعة لضبط الجرائم التي تخرج عن قدرة الأمن الإداري .

وطالبت أيضا بعقد اللقاءات مع الطلاب وذويهم والتحاور معهم لتوضيح الحقائق فيما يعن لهم لتوعيتهم وتعميق الانتماء الوطني لديهم وعدم تركهم لأصحاب الأهواء المتطرفة، محاسبة مقترفي العنف ضد النساء وإجراء التحقيقات والمحاكمات الناجزة، تطبيق المواثيق الدولية لاتفاقيات الخاصة بالمرأة التي صدقت عليها من الدولة، سرعة التحقيق في أسباب حالات اختفاء النساء، الالتزام بتطبيق قانون الطفل والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التعامل مع الأطفال المقبوض عليهم في المظاهرات على أنهم ضحايا قبل أن يكونوا جناة، تشديد رقابة وزارة التضامن الاجتماعي على دور رعاية الأيتام وأطفال الشوارع، فصل المحبوسين احتياطياً عن المسجونين من الأطفال، سرعة الانتهاء من التحقيقات والمحاكمات في القضايا المتهم بها أطفال، إعادة التأهيل النفسي للطفل بعد انحراف سلوكه، زيادة الاهتمام بظاهرة أطفال الشوارع خاصة بعد أن تبينت خطورتهم في استغلال البعض لهم وتوظيفهم في أعمال العنف التي شهدتها البلاد.

وخلصت اللجنة في سياق تقصيها للحقائق إلى أن كيانات التيار السياسي الإسلامي أخطأت في حق المجتمع المصري عندما حاولت أن تختزله بتراثه الفكري، وتنوعه الاجتماعي، وطموحاته السياسية والاجتماعية في أيديولوجيتها الجامدة المختلف عليها حتى بين تيار الفكر السياسي الإسلامي ذاته.

كذلك أخطأت الجماعات عندما عصفت بسيادة حكم القانون وحراسه من قضاء دستوري وعادي وإداري على نحو غير مسبوق. فحاصرت المحكمة الدستورية لإعاقة قضاتها عن النظر في دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى، وتعدت على أحكامها بحل مجلس الشعب، بسبب عدم دستورية قانون انتخابه، وأطاحت بالنائب العام، وسعت إلى إقرار قانون للسلطة القضائية يفضى إلى إنهاء خدمة حوالي ثلاثة آلاف قاض. وعصفت بأحكام قضائية باتت ملزمة بإطلاق سراح سجناء مدانين في جرائم متطرفة.

وناصبت جماعة الإخوان العداء لكل من القوات المسلحة والشرطة والإعلام والأزهر والكنيسة والمؤسسات الثقافية والأحزاب السياسية المدنية.

ثم جاء الخطأ الأكبر الذى وقعت فيه عندما اختارت المواجهة بدلًا من الحوار برفض الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الدعوة للمشاركة فى وضع خارطة المستقبل مع غيره من القوى السياسية والاجتماعية يوم 3 تموز/يوليو 2013، وبدلا من ذلك حشدت قواها وحلفاءها، وانتهجت سياسية "الأرض المحروقة" في الداخل والاستقواء بالخارج، فخسرت في الأولى عطف المترددين، وسلكت فى الثانية مسلكاً خاطئاً، حتى أوشكت البلاد أن تنجرف إلى حرب أهلية