لندن - كاتيا حداد
فازت الفنانة الشابة هيلين مارتن (31 عامًا) جائزة ترنر لعام 2016 لتصبح الفنانة الحاصلة على جائزتين كبرتين في غضون شهر واحد، وتم تقديم هيلين التي ولدت في ماكليسفيلد وجائزتها المقدرة ب 25 ألف إسترليني بواسطة الكاتب بن أوكري في حفلة نظمت في معرض تيت في لندن، ويأتي ذلك بعد أسابيع من فوزها بجائزة هيبورث للنحت بقيمة 30 ألف إسترليني، وحينها أعلنت مارتن أنها ستتقاسم الأرباح مع زملائها الفنانين، وأوضحت أيضًا أنها ستفعل نفس الشيء في جائزة ترنر.
وأوضحت الفنانة: "لست في حاجة إلى تسييس هذه البادرة أستطيع أن أفعل ذلك بهدوء"، وقدمت مارتن عمل نحتي محير لرواد المعرض، حيث قدمت منحوتات معقدة من مجموعة من المواد ودعت الناس إلى اكتشافها كما لو كانوا في تنقيب أثري، وأشارت هيلين إلى أنها تشعر وكأنها "مُخدرة" بعد فوزها في الجائزة لكنه شرف عظيم لها.
واعترفت مارتن أن جزء منها لم يرغب في الفوز مشيرًة إلى أنها لا تستمتع بوسائل الإعلام والدعايا، قائلة: "ربما يكون غير صحي وصعب بالنسبة إلى الأشخاص المعنيين"، إلا أن الأشخاص الذين رأوا عملها أثبتوا أنها مثير للاهتمام وذات طابع تعليمي، وأضافت مارتن "يجعلني الأمر أدرك أن الفن ككل يعمل في فقاعة محكمة من لغة الإشارة وهي ليست سخية للجمهور الأوسع الذين لا يعرفون هذه اللغة أو المعلومات البصرية، ويعتبر وضع شيء هنا ورؤية تصور الناس له أمرًا متواضعًا وتعليميًا، وربما يجعلك ذلك تعتقد أن عملي ليس عالمي أو أن الموضوعات التي أوظفها ربما تكون غير مفهومة على الفور".
وذكر رئيس المحكمين لجائزة ترنر أليكس فاراكوهارسون أن مارتن التي نشأت في لندن قدمت أعمالًا تحظى بعمر طويل حقيقي واستخدمت عناصر وصور طرق مشابه لاستخدام الشاعر للغة، مضيفًا: "أعجب المحكمين بمدى تعقيد العمل وصفاته الشكلية المذهلة والمواد والتقنيات المختلفة المستخدمة فيه، وكذلك مدى ارتباطه بالعالم والمعني الذي يشير إليه لكنها معاني متغيرة بشكل مستمر، ويعتبر عمل مارتن بمثابة تجربة للعالم في وقت حقيقي، حيث تعكس العالم المعقد الذي لا يمكن تلخيصه فقط في تصريحات فردية أو تعبيرات طنانة، ويعكس عملها العالم المرئي المتسارع دائمًا في ظل وجود شبكة الإنترنت".
وتعد أعمال الفائزين السابقين في جائزة ترنر أبسط في شرحها مثل مارك ويلينغر الذي سلط الضوء على الاحتجاجات في ساحة البرلمان، وكذلك لوحات كريس أوفيلي المصنوعة من روث الفيل، وأضاف فاراكوهارسون: "فائز العام أكثر صعوبة، إنه عمل بعيدًا عن الأعمال الفنية أحادية الجانب"، واستخدمت مارتن في عملها الفني مواد مختلفة مثل القطن وسلاسل الدراجات والأصداف والرخام والطباشير وجلود الأسماك والبيض وغيرها، وكانت مارتن المفضلة لدى الكثير من الناس للفوز بالجائزة بعد فوزها بجائزة هيبوروث للنحت الشهر الماضي".
وذكرت مارتن إلى صحيفة الغارديان عن فوزها بجائزة هيبوروث: "أشعر بالحرج وأكره مثل هذه الأشياء"، وتبعت مارتن تقليد أخر فنانة فائزة بجائزة آرتس موندي "ثيستر غيتس" والتي أعلنت أنها ستتقاسم المال مع الفنانين زملائها المختارين ضمن القائمة القصيرة للجائزة.
وكان المحكمين على اختبار أنيثا هاميلتون للفوز بالجائزة والتي قدمت عملًا لافتًا للنظر عبارة عن مؤخرة عارية في وداع مناسب لعام 2016، كما خسرت الفنانة جوزفين برايد التي عرضت صور فوتوغرافية ليدين فوق مطبخ إيكيا وتركها في الشمس، وفي منتصف رواق المعرض كان هناك نموذج لقطار أتيح للناس في معارض أخرى ركوبه لكنه لما يقدم تلك الخدمة في معرض لندن، وكان الفنانون الأربعة ضمن القائمة المختصرة ماكيل دين والذي جسد الصعوبات المادية التي تعاني منها العائلات البريطانية اليوم، حيث تعتقد الحكومة أن مبلغ 20.436 إسترليني يعد الحد الأدنى لحياة شخصين بالغين وطفلين لمدة عام في بريطانيا، وأزال دين في عمله قرشًا واحدًا ليوضح أن شخصيته كانت تحت خط الفقر.
وانتقدت القائمة القصيرة لجائزة ترنر هذا العام بسبب عدم وجود ما يكفي من الأعمال السياسية المحيرة أو ذات المعاني الجنونية، فيما تعتبر جماعة ستكسيتس"Stuckists" الفنية المضادة للمفاهيم والتي تظاهرت ضد الجائزة منذ عام 2000 أنها مملة بشكل لا يغتفر، وأفاد تشارلز طومسون المؤسس المشارك للمجموعة: " من المروع أن الضحايا الأبرياء الذين يتوقعون رؤية فنًا متحديًا ينتهي بهم الحال إلى الملل حتى الموت، لقد فقدت العديد من الأصدقاء في الأسابيع القليلة الماضية، ويجب أن يكون هناك إجراءات قانونية، ويجب إغلاق جائزة ترنر قبل أن يلاقي المزيد من الناس حتفهم من الملل المحض".
وتنظم مؤسسة "تيت"جائزة ترنر منذ 1984 ولا تمانع التعليقات السلبية لكنها تعتقد أن توليد النقاش حول الفن المعاصر هو المفتاح لأهميته، وذهب منظمو الجائزة إلى ما هو أبعد في محاولة لإثارة النقاش، حيث تواجدت الأرائك للناس خارج المعرض للدردشة والتقاط الصور ولقطات الفيديو وهو ما كان ممنوعًا مسبقًا.
وعادت الجائزة مرة أخرى إلى لندن بعد زيارة العام الماضي إلى غلاسكو حيث فاز مجموعة من المعماريين الشباب بالجائزة، وستكون الجائزة العام المقبل في معرض فيرنس في هال كجزء من الاحتفالات الثقافية في المدرينة البريطانية، وترأس لجنة التحكيم هذا العام فاراكوهارسون واستغرقت لجنة التحكيم نحو ساعتين ونصف للاتفاق على الفائز، وتكونت اللجنة من ميشيل كوتون مدير بونير كونستفيرين "Bonner Kunstverein" في بون الألمانية وتمسين ديلون مدير متحف ستيدليجك "Stedelijk" في أمستردام وسيمون واليز مدير هيبورث ووكفيلد"Hepworth Wakefield".