دمياط - مصر اليوم
يصنف العديد من الأشخاص دمياط بأنها محافظة ساحلية فقط، أو تجارية فقط اشتهرت بصناعة الأثاث وصناعات الحلوى، وهي تضيف إلى تاريخها يومًا بعد يوم، اهتمامات ومجالات جديدة للجذب السياحي إليها، ولعل آخرها، بل الأحرى أقدمها، أنها محافظة أثرية ضمت بين طياتها الكثير من الآثار، وأدرج الأمين الأسبق للمجلس الأعلى للآثار،العالم الراحل عبد الحيم نور الدين، دمياط في خطة تم وضعها فى عام 1995، ضمن مشروع الآثار المنسية، والتي بدأ العمل بها بمسح أثري للتلال الأثرية في دائرة دمياط، وكان ذلك بغرض إنشاء متحف كبير في دمياط، خصصت له الموارد، وحددت له الأماكن التي كان مزمع إقامته عليها، واقترحت لإقامة المتحف عدة أماكن، منها إقامته في دمياط الجديدة، أو دمياط القديمة، أو رأس البر.
و أصبح وجود متحف يضم الآثار المكتشفة في رأس البر، ضرورة ملحة، خاصة مع استمرار أعمال التنقيب عن الآثار، والتي ستنطلق في بداية جديدة خلال مارس القادم، طبقا للخطة الموضوعة منذ سنوات، والتي تتزامن الآن مع إنشاء المتحف الكبير في محافظة الجيزة، ونقل تمثال رمسيس الثاني إلى البهو الرئيس به منذ أيام.
وقال الباحث الأثري -أحد العاملين السابقين على مشروع متحف دمياط، رضا الباز، إنه كان من السائد بين علماء الآثار، أن دمياط تخلو من طبقات أو آثار مصرية قديمة، وأن ما بها من بقايا وشواهد، لا يتخطي العصر اليوناني الروماني على الأكثر، مما دفع مدير المنطقة، الأثرى عاطف أبو الذهب لعمل مسح لخرائط مساحية لتلال آثار دمياط، وكشف بحثه في تل آثار "البراشية"، الواقع في قرية كرم ورزوق، الواقعة بمركز فارسكور، عن وجود مدينة كان المصريون القدماء يحجون إليها، ويقيمون بها في رحلتهم المعروفة، بـ"الحج إلي الشمال"، حيث موطن الإله حورس، وعثر بها علي ما يفسر معناها "بر-شي" بمعنى معبد البحيرة، حيث وجدت مساكن ومعاصر للزيت والنبيذ، وحمام روماني.
ويضيف الباز، تتابعت الكشوف بجهود الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، ليضع خطة لعمل حفائر بتل "آثار الدير"، والواقع في نطاق غرب النيل، ضمن حيز دمياط الجديدة الحالية، وكلف بها الباحث الأثري سامي عيد صالح، مدير منطقة دمياط الحالي، والأثرى رضا صالح، مفتش آثار دمياط؛ ليكشفوا النقاب عن "جبانة" ضمت توابيت حجرية ترجع للأسرة الـ 26 الفرعونية، وهو موقع غني بمحتوياته، التي قد تكشف المزيد من تاريخ دمياط فى العصور المصرية القديمة، وتم إرسال عدد كبير من القطع الأثرية التي تم اكتشافها إلي القاهرة خلال العام الماضي، ومازال هناك الكثير منها، مما يدعم فكرة إنشاء متحف كبير في دمياط، يضعها على خريطة السياحة العالمية، ونوّه إلى أن دمياط تزخر بالعديد من التلال الأثرية، التي لم تدرج في خطة الكشف الأثرى، مطالبًا الأثريين من أبناء دمياط، بإدراج دمياط، ضمن مشروع الآثار الغارقة، خاصة وأنه قد عثر على تمثال نصفي للإله "زيوس- بوسيدون" حامي البحار، ضمن أعمال حماية الشواطئ عام 1995، أمام ساحل عزبة البرج بدمياط، كما هو الحال في الإسكندرية، وقد نال اهتماما دوليا، في حين أن سواحل دمياط قد تعرضت لما تعرضت له الإسكندرية، من هزات أرضية، أدت إلى انهيار الكثير من الآثار تحت البحر.
وأكد الباز، أن دمياط تضم العديد من التلال، مثل (الجصة - تل الذهب- تل الحجر- تل مراد- تل الدير- تل الغز - تل العرب- تل ابوان- وشطا)، وغيرها، وتضم هذه التلال آثار مصرية قديمة ويونانية رومانية، ولابد من تضافر الجهود لمنع التعديات عليها، أو التخريب، خاصة ما حدث في السنوات الأخيرة، من تعدى بالتنقيب غير الشرعي فيها، واختتم الباحث الأثري حديثه لـ"بوابة الأهرام"، بأنه نظرا لما تحويه دمياط من قطع أثرية هامة، يتوجب معه تسليط الضوء على تاريخه وحضارته، بإنشاء متحف يضم تلك الآثار وغيرها من العصور المختلفة؛ لنشر الوعي الآثري والثقافي لشعب دمياط، وتنشيطا للسياحة، اعتمادا على وجود وافدين، من أنحاء الجمهورية، لشراء احتياجاتهم من دمياط، وقربها من ميناء دمياط وميناء بورسعيد.