باحث أثري يؤكد أن التضحية بقرابين بشرية

كيف شكل النيل والشمس والنبات فكرة البعث بعد الموت عن المصريين القدماء   يحتفل القدماء المصريين من كل عام، بعيد وفاء النيل، والذي يوافق 15 آب/أغسطس، وهو الشهر الذي يأتي الفيضان محملاً بالطمي والماء فيه، وكانوا يلقون عروسة من الخشب في النيل خلال حفل عظيم يتقدمه الملك وكبار رجال الدولة، وذلك عرفانًا بالجميل لهذا النيل العظيم.   وفِي هذا السياق يقول الباحث الأثري "علي أبو دشيش"، إن من أهم الأساطير المرتبطة بعيد وفاء النيل، هي أن المصريين القدماء كانوا يقدمون للنيل "الإله حعبي" في عيده فتاة جميلة، وكان يتم تزيينها وإلقاؤها فى النيل كقربان له، وتتزوج الفتاة بالإله "حعبي" في العالم الآخر.   وتابع: "إلا أنه في إحدى السنين لم يبق من الفتيات سوى بنت الملك الجميلة، فحزن الملك حزنًا شديدًا على ابنته، ولكن خادمتها أخفتها وصنعت عروسة من الخشب تشبهها، وفي الحفل ألقتها في النيل دون أن يتحقق أحد من الأمر، وبعد ذلك أعادتها إلى الملك الذي أصابه الحزن الشديد والمرض على فراق ابنته".   واستكمل: "ووفقا للأسطورة، جرت العادة على إلقاء عروسة خشبية إلى إله الفيضان كل عام، في عيد وفاء النيل"، مؤكدا: "لا يوجد نص صريح في التاريخ يروي أن المصري القديم كان يقدم قربانًا بشريًا احتفالًا بوفاء النيل، ويعتقد أنها أسطورة نسجها الخيال المبدع للمصري القديم تقديرًا منه لمكانة النيل، ورغم ذلك عاشت تلك الأسطورة في خيال ووجدان المصريين وتناولها الأدباء والكتاب والسينما، وما زالت تتردد حتى الآن كواقع".   وأضاف: "وكان نهر النيل السبب في استقرار المصري القديم على ضفافه وعمله في الزراعة، حيث أصبح قادرًا على إنتاج قوته، ثم انطلق إلى ميادين العلم والمعرفة والتقدم الهائل، ولذلك كان نهر النيل سببًا مهمًا في هذه الحضارة العظيمة وبناء الأهرامات الشامخة وبقائها حتى الآن"، موضحًا "لولا النيل لكانت مصر صحراء بلا نبات ولا ماء ولا استقرار، فالنيل جعل لمصر دورة زراعية كاملة وحول الأرض السوداء إلى أرض خضراء مثمرة".   وأردف: "وقدر القدماء المصريين نهر النيل، وأدركوا أهميته، ولذلك قدسوا فيضانه وجعلوا له إله، وتخيلوه على هيئة رجل جسمه قوى وله صدر بارز وبطن ضخمه كرمز لإخصابه"، منوها بأنه لذلك سميت مصر "تاوي" لأن النيل قسمها إلى أرض الشمال وأرض الجنوب، ومن أهم ألقاب الملك المصري "نب تاوي" وتعني سيد الأرضين الشمال والجنوب.   وأشار إلى ذكر نهر النيل في الحضارة المصرية القديمة كثيرا، وهناك العديد من النقوش والرسوم المصورة والقطع الأثرية التي تقدسه وموجودة في المتحف المصري منها "أوستراكا مصور عليها المعبود حعبي، وتمثال الملك خفرع الشهير الموجود عليه صورة "سما تاوي" ومعناه موحد الأرضين ويقصد به النيل، إلى جانب المراكب التي كانت تستخدم للصيد والحرب والسفر ونقل الحجارة وغيرها، حيث كان النيل عاملا مهما في الدبلوماسية السياسية المصرية كوسيلة للنقل والترحال والتبادل الثقافي والحضاري بين مصر والدول الأخرى.   وأضاف: "ويرجع الفضل للنيل والشمس والنبات، في عقيدة البعث بعد الموت لدى المصري القديم، حيث شاهد النيل يفيض ويغيض، ثم يفيض من جديد، والنبات ينمو ويموت، ثم ينمو من جديد، والشمس تشرق وتغرب، ثم تشرق من جديد، فأدرك المصري القديم بالبعث ما بعد الموت، فكان سببا مهما فى تشكيل وترسيخ العقيدة لديه".   وتابع: "واعتمد المصريين القدماء على النيل في حساب السنة الشمسية وبدأوها مع توافق شروق نجم الشعري اليمنية مع ظهور الفيضان، والشروق هنا يعني ظهور ذلك النجم في الأفق الشرقي مع الشمس، حيث قسموا السنة إلى 3 فصول وقسموا الفصل 4 أشهر، وسموا الفصول (الفيضان، والبذر، والإنماء، وفصل الحصاد)، وكان شهرهم 30 يوما، وسنتهم 360 يومًا، مضاف إليها 5 أيام هي أيام النسئ، وهي التي فيها الأعياد الإلهية الرئيسية".   واستكمل: "وبالرغم من اعتماد المصريين في جميع نواحي البلاد على النيل، إلا أنهم جهلوا منابع النيل فرددوا أنه آت من السماء، كما اعتقدوا أنه نتيجة سقوط دموع إيزيس فيه عندما بكت على فقدان زوجها أوزوريس".   لافتا إلى أنهم وقت الجفاف كانوا يقدمون القرابين للإله حعبي، حتى يعود عليهم بالفيضان مثلما جاء في لوحة المجاعة في جزيرة سهيل بأسوان، وهي لوحة سجلت في العصر البطلمي وتتحدث على القحط الذي حل بمصر، ولذلك قدم المصري القديم للإله "حعبي" القرابين، حتى ينعم عليه بالاستقرار والخير والنماء.

قد يهمك أيضًا:

فوائد مهمة تدفعك إلى تناول لب البطيخ المحمص يوميًا

"البطيخ" يخفض الضغط ويقي من أمراض القلب