مكتبة الإسكندرية

ترجع شهرة مكتبة الإسكندرية القديمة إلى أنها أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم، ولإحتوائها على كل المخطوطات التاريخية والعلمية وقتها، وترجع عظمتها أيضًا إلى أنها حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية، وفيها حدث المزج العلمي والالتقاء الثقافي الفكري بين علوم الشرق وعلوم الغرب، فهي نموذج للعولمة الثقافية القديمة.  وكان القائمين عليها قد فرضوا على كل عالم يدرس فيها أن يدع بها نسخة من مؤلفاته، ولأنها أيضا كانت في معقل العلم، ومعقل البردي، وأدوات كتابة مصر، حيث جمع بها ما كان في مكتبات المعابد المصرية.

وعن هذا الصرح الثقافي الكبير، أوضح الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي أنه بعد حرق مكتبة الإسكندرية القديمة، على يد يوليوس قيصر، راود حلم تجديدها المصريين في كل العصور، مضيفًا أنها وُلدت من جديد في أكتوبر 2002، لتسترد مكانتها التي تبوأتها في قديم الزمان. وأوضح أن المكتبة أكثر من مجرد مبنى كبير ومبهر، فهي أيضًا مجمع ثقافي ضخم، تجتمع فيه الفنون مع التاريخ والفلسفة والعلوم. كما جعلت منها الأنشطة المتعددة التي تقدمها للجمهور مكانًا للنقاش المفتوح، والحوار، والتفاهم.

وتم تدشين مكتبة الإسكندرية الجديدة في احتفال كبير، حضره ملوك ورؤساء وملكات ووفود دولية رفيعة، لتكون منارة للثقافة، ونافذة لمصر على العالم، ونافذة للعالم على مصر، وهي أول مكتبة رقمية في القرن الـ21، وتضم التراث المصري الثقافي والإنساني، وتعد مركزًا للدراسة والحوار والتسامح. وأشار "الشافعي" إلى أنها مكتبة تتسع لأكثر من ثمانية ملايين كتاب، وتحوي ست مكتبات متخصصة، وثلاثة متاحف، وسبعة مراكز بحثية، ومعرضين دائمين، وست قاعات للمعارض الفنية المتنوعة، وقبة سماوية، وقاعة استكشاف، ومركزًا للمؤتمرات.

وقالت "مروة"، إحدى العاملات في المكتبة، إنها تحتوي على مجموعة من كتب الأطفال المتعددة، وتوفر مكتبة الطفل الموجودة في مكتبة الإسكندرية  المصادر التعليمية والثقافية والترفيهية للأطفال، من سن ٦ إلى ١١ سنة، وتضم مواد بعدة لغات، وتشمل موضوعات كثيرة، من الفنون إلى علم الحيوان. كما يوجد معمل للحاسب الآلي لاستكشاف العديد من المواقع الإلكترونية الشيقة، وتعلم كيفية البحث في المكتبة، مشيرة إلى أن مكتبة الطفل تهدف في المقام الأول إلى تنمية قدرات الأطفال على القراءة والبحث، وتشجيعهم على الإبداع، من خلال مختلف برامج المكتبة وأنشطتها؛ حيث يقدم العاملون في المكتبة العديد من الأنشطة للأطفال بشكل يومي، مثل رواية القصص، ودعوة كُتّاب أدب الطفل للقراءة للأطفال، وتشجيعهم على حب القراءة، باستخدام أساليب مختلفة، وعروض مسرح العرائس، وورش عمل الفنون والأشغال اليدوية، كما يوجد في مكتبة الطفل قسم خاص للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأكد إسلام حلمي، أحد الدارسين للغة المصرية القديمة، أن مكتبة الإسكندرية تحتوي على منبع العلم في كل المجالات، في السينما والفن والأدب والثقافة الإسلامية، إلى جانب دراسة اللغة المصرية القديمة، مبينًا أن هناك محاضرين يقومون بزيارتها دائمًا، موضحًا أنا "جامعة علمية" بكل المقاييس.

وتحدث الدكتور جميل جورج عن مركز الدراسات القبطية الموجود في المكتبة، حيث قال أن المركز في الأساس يتناول الجانب الحضاري والثقافي للتراث القبطي، وليس الجانب الديني واللاهوتي له، كسائر الجهات المعنية به، والتابعة في الأساس للكنائس المصرية، كما ترجع أهمية المركز إلى عدم وجود مركز آخر متخصص في هذا المجال على المستويين الإقليمي والمحلي.