الجزائر ـ سميرة عوام
لم تتخلَّ العائلات الجزائريّة عن عاداتها الموروثة في حفلات الزواج، التي تتميّز بالأكلات الشعبية، والمشغولات الذهبيّة، و"قندورة الفرقاني"، ولواحق أخرى، على الرغم من تكاليفها الباهضة.
وما يميّز الأعراس الجزائريّة في الآونة الأخيرة هو إدخال بعض التجديدات، بغية إضفاء
روح العصرنة على العرس، الذي أصبح يقتصر على أمسية فقط، بعد أن كان يمتد على مدار أسبوع كامل، بسبع ليال، يجتمع فيها الأحباب والأهل والجيران، مع تقديم أشهى الأكلات الشعبية، التي لم تتغيّر مكوّناتها، وتختلف بين المالح والحلو، متبوعة بخبز الدار، وهو النمط التقليدي، الذي يزين الأعراس العصرية، على الرغم من أنها باتت تقام في القاعات.
وتبدأ تحضيرات العرس شهر قبل الموعد المحدد لـ"سهرة العمر"، كما يطلقون عليها، تصنع فيه الحلويات، مثل "المقروض العنابي"، و"البقلاوة"، حيث قد تصل الأصناف إلى 6، فضلاً عن تحديد مصفّفة الشعر، والتصديرة، وغيرها، من التحضيرات التي تتم قبل الحفل بيومين.
ويعتبر "حمام العروس" أكثر من ضرورة، حيث تقصد العروس الحمامات الشعبية، التي تتوفر على صالونات التجميل، وتمارس فيه العروس وصديقاتها مختلف الطقوس، التي لها صلة بالجمال على الطريقة التقليدية.
وفي يوم العرس تبدأ خلوة العروس في الحمام رفقة أمّها، وبعض المقربات لها، و"الماشطة" التي تعتني بتزيين العروس، وتهيئتها قبل التصديرة، أي قبل أن ترتدي قندورة الفتلة والشامسة.
وتعدُّ "اللّيفة" (قطع القماش الخشن) من أهم الأدوات المستعملة في الحمام، حيث يدلك بها جسد الفتاة المقبلة على الزواج، فيما يمنح جلد قديها النعومة باستخدام الحجر الأبيض.
وتبدأ مرحلة العلاج في الزاوية المقابلة للحمام، والذي ينقسم إلى أربع مراحل، وهي حمام البخار، باستخدام الصابون الأسود، ثمّ التقشير والترطيب، يطلى بعدها جسد العروس بماء الورد، وعبق الياسمين، بغية إكسابه النعومة.
وبعد انتهاء العروس من الخلوة، تخرج من الحمام مرفوقة بالزغاريد، والدعوات بطول العمر، والذرّية الصالحة، لتعود إلى بيت أهلها، بغية ارتداء الفستان الوردي، لوضع "اللوش" فوق المعصم، المتكون من البيض وماء الورد والحنة، ثم ترسم أشكال هندسية رائعة، لجلب الناظرين إليها.
وتأتي السهرة، التي تمتد على مدار يومين، الأولى يطلق عليها حنّة بيت العروس، وتخصّص للأقارب وأهل العروس من النساء فقط، في أمسية تحييها الفقيرات، ممزوجة بإيقاع البندير والدفة، ويتخلل العقدة التبراح والتشياد على العروس، التي ترتدي في تلك اللّيلة وشاحًا ورديًا، بغية وضع الحنة المعجونة بماء الزهر، والسّكر.
ولا تكتمل صورة هذا الطابع إلا بعروض "التهوال"، وهي عبارة عن حركات ورقصات خفيفة، تتماشى مع إيقاعات البندير، تقوم بها بعض النسوة، لاسيما منهنَّ اللواتي يحضرن الزردة، والوعدات الخاصة بالأولياء، التي عادة ما تكون بالنوبة والعيساوة، ثم تلحق بها المدائح الدينية.
وأهم ما يميز جلسة "الفقيرات" هو تعبيق القاعة بالبخور والعنبر، وإحضار كانون من الفحم، بغية تسخين البندير، ولعل الشيء الذي يطبع السهرة الأولى من العرس الجزائي هو توزيع الحلويات التقليدية، وعلى رأسها المقروط المعسل، والرفيس المزين بالمكسرات والمتبوع بأقداح اللبن، مع الشاي والقهوة.