القاهرة ـ محمد فتحي
أزمة تكرر كل عام، ولا نتعلم منها، مع قدوم شهر رمضان، وهي ارتفاع أسعار غالبية السلع الأساسية من زيت وأرز وسكر ولحوم وفاكهة، حتى أصبحت جملة؛ الأسعار نار في رمضان، شعار الشهر المبارك.
أزمة يطول فيها الحديث، ويكثر فيها الكلام، ويتباري رجال الاقتصاد والتجار والمستهلكين في تبرير ارتفاع الأسعار عن بقية أيام العام، وبعيدًا عن قدوم هذا الشهر مع بداية السنة المالية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، والتي تتطلب رفع أسعار بعض السلع والخدمات لمواجهة العجز، إلا أن المشهد الجنوني للأسعار دائمًا ما يحل ضيفًا ثقيل على الفقراء في رمضان، ولذلك حاولت "مصر اليوم" رصد بعض الأسباب الحقيقة لارتباط الارتفاع الجنوني في الأسعار بشهر رمضان من خلال أطراف المشكلة في السطور الآتية.
في البداية، أكَّد الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد إبراهيم الشريف، أن "ثقافة تحزين السلع عند المصريين قبل قدوم رمضان، هي السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار، إذ يستغل التُّجار حركة الإقبال الشديد علي السلعة، ويزيد من سعرها في ظل عدم وجود رقابة صارمة من الدولة، وعدم وعي المستهلك، وعدم وجود أسعار مُحدَّدة لمعظم السلع، فعندما يكون الإقبال كبير يستطيع التاجر أن يتحكم في سعر السلعة في حال عدم وعي المستهلك بسعرها، والرغبة في الحصول عليها بأي مقابل، فالجميع يرغب قبل بداية رمضان أن يأتي بكل متطلبات الشهر كاملة، والمشهد متكرر على مر السنين، لأنها أصبحت عادة من أيام حكم الرئيس عبدالناصر، بالإضافة إلى بعض متطلبات الشهر من "ياميش" رمضان"، متابعًا أن "هناك بعض التُّجار يلجأون إلى الترويج عن أزمات في سلع معينة بغرض جذب المستهلك إلى شراء أكبر كمية منها، وبهدف رفع سعرها في المستقبل".
ويرى رئيس شعبة المواد الغذائية في عرفة التجارة، في القاهرة، المهندس أحمد يحيى، أن "ثقافة تخزين السلع الأساسية، والتي ينتهجها المصريين من قديم الأزل هي السبب الرئيس في ارتفاع الأسعار، وتساعد على طمع وجشع التجار في المستهلك، فالمستهلك المصري يلجأ دائمًا إلى التخزين في الموسم والأزمات، خوفًا من عدم الحصول على السلعة في ما بعد أو ارتفاع سعرها، وهي ثقافة تجتاح إلى وقت وجهد من الإعلام لتثقيف الشعب، وحثهم على التخلص من تلك العادات".
وأضاف، "لابد من توعية المستهلك، وبعث روح الطمأنينة في قلبه، على تواجد السلعة في كل الأوقات، وبالسعر ذاته، واعتقد أن غياب الوعي لدي المستهلك هو السبب الرئيس".
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي، رمضان رشدي معلم، أن "الحكومة هي السبب في الأزمات، لو أن المستهلك وجد السلع والخدمات ذاتها لدى الجهات الحكومية وبالجودة ذاتها، لذهب إليها، فالحكومة هي من منحت الفرصة لهؤلاء التجار لرفع الأسعار، واستغلالًا حاجة المواطن، أن الموسم دائمًا ما تشهد ارتفاع أسعار، فمصر البلد الوحيد في العالم التي يوجد فيها صنف واحد وبأسعار مختلفة حسب نوعية المستهلك، ومكان إقامته، فما تشتريه من منطقة شعبية لن تجده بالسعر ذاته في الأماكن الراقية، التي يسكنها الصفوة، وحتى يتم ضبط الأسعار في مصر، لابد أن توفر وزارة التموين أسعار بدرجة الجودة ذاتها في المجتمعات الاستهلاكية التابعة لها، واعتقد أن أي مواطن مصري، يبحث عن توافر السلع والخدمات بأسعار مناسبة في ظل عدم التوافق بين الرواتب الشهرية وهذا الخل ما بين الاستهلاك".
من جانبه، يرى الصيدلي، الدكتور عبدالله خليف، أن "استقرار الأسعار يحتاج إلى حكومة قوية تراقب الأسعار، وتفرض عقوبات مغلظة على التجار الذين يخرجون عن المنظومة، فأسعار الخضر والفاكهة تتحكم فيها آليات كثير، منها ارتفاع تكاليف الزراعة، والنقل، وعدم توافر الوقود بالطريقة الشرعية، وبالتالي يُحمِّل التاجر كل هذا على المستهلك، وهناك مواقف تعرضت لها أثناء شرائي بعض الخضروات، إذ قلت للتاجر أن سعر الخيار 2 جنيه في الجريدة أو النشرة الإعلانية، فيقول لي اشتري من هناك، إن نقل البضاعة والمصاريف السبب، وفي النهاية لا تجد أمامك إلا الشراء بالسعر الذي يُحدِّده".
وفي النهاية يبقي السؤال مطروحًا، متى يتم حل أزمة ارتفاع الأسعار، قبل قدوم شهر رمضان المبارك.