المهندس طارق الملا

أعلن المهندس طارق الملا، وزير البترول، إسدال الستار على الجدل بشأن تطبيق منظومة الكروت الذكية لتوزيع المواد البترولية على المواطنين، بعد أن أعلن إلغاء استخدامها على الرغم من توزيعها على ملايين المواطنين.

وتسبّب هذا القرار في هجوم حاد على وزارة البترول، إذ اتهمها البعض بإهدار مليار جنيه من المال العام (56 مليون دولار)، وبدوره طالب النائب عبدالحميد كمال، عضو مجلس النواب، الدولة بالتحقيق في إهدار الملايين من أموال الشعب المصري، موضّحا أنه سيقدّم طلب إحاطة لوزير البترول بشأن سبب إلغاء منظومة دعم المواد البترولية وبشأن إهدار المال العام ولعدم دراسة المشروع قبل إهدار نحو مليار جنيه من المال العام.

وأوضح كمال أنه بذلك تعلن الحكومة بشكل واضح انحيازها للأغنياء على حساب الفقراء والطبقة المتوسطة، وبخاصة أن الدولة أعلنت تطبيق إصلاحات مثل تدشين نظام للبطاقات الذكية لمراقبة الاستهلاك في محطات الوقود وتوزيع أسطوانات غاز الطهو من خلال بطاقات التموين التي تحصل بموجبها الأسر على سلع بأسعار مدعمة.

وقال محمد بدوي، رئيس لجنة الطاقة والنقل في جمعية مستثمري الشيخ زايد، إن إلغاء الكروت الذكية يعكس تخبط الحكومة، وعدم دراسة القرارات بشكل متأنّ قبل إصدارها، مضيفا أن الكروت الذكية للبنزين لم تعد ذات جدوى، مع خفض دعم الوقود، والاتجاه نحو تحرير أسعاره بشكل كامل العام المقبل.

وتساءل زايد لماذا لم تفكر الحكومة في أن وجود منظومة ذكية للبنزين سيُسهم في خلق سوق سوداء وسعرين للسلعة قبل البدء في تطبيق المنظومة وتحميل الدولة تكلفة طباعة هذه الكروت.

يذكر أنّ فكرة توزيع الوقود بالكروت الذكية على المواطنين تعود إلى عام 2012 عندما تعاقدت وزارة المال مع شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية "إي فاينانس" لإنشاء منظومة إلكترونية لتوزيع المواد البترولية ومراقبة حركة تداول تلك المواد، بقيمة تصل إلى 660 مليون جنيه.

وانتهت الحكومة من تنفيذ المرحلة الأولى من المنظومة والتي استهدفت إحكام الرقابة على شحن ونقل وتوزيع المواد البترولية من مستودعات البترول إلى نقاط التوزيع (محطات الوقود - وسطاء التوزيع - العملاء المباشرين)، وذلك لضمان عدم تهريب المواد البترولية أثناء عمليات الشحن أو النقل خلال هذه المرحلة.

وأشارت بيانات شركة "إي فاينانس" إلى أن المرحلة الأولى تشمل قائمة كبار المستهلكين من العملاء والتي تضم 1232 شركة في عدة قطاعات مختلفة، تمثل قطاع توليد الكهرباء، والتجارة، والتشييد والبناء، وتموين المراكب، بالإضافة إلى الجهات الحكومية، والخدمات البترولية، والخدمات البيئية.
وقامت الشركة المنفذة لمشروع الكروت الذكية بإضافة إمكانية معرفة كميات الوقود الموجودة داخل محطات الوقود إلكترونيا من خلال تركيب أجهزة معينة للقياس، فضلا عن إضافة إمكانية تتبع سيارات نقل الوقود خلال خط سيرها من المستودعات إلى المحطات.
وبدأت الحكومة العمل على تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع والتي كانت تستهدف مراقبة عمليات صرف المواد البترولية من نقاط توزيعها (محطات الوقود - وسطاء التوزيع - العملاء المتعاقدين) إلى جميع شرائح مستخدمي المواد البترولية.
وأجرت الحكومة اختبارًا لجميع عناصر المنظومة (كارت المواطن - كارت المحطة - نقاط البيع - تدريب العمال في المحطات وغيرها) من خلال إجراء تجربة كاملة على 35 محطة في القاهرة الكبرى في بداية 2014، وأيضا تجربة جميع محطات محافظة بورسعيد في أكتوبر من نفس العام.
وقرّر إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، في مايو/ أيَّار 2015 بَدء توزيع البنزين والسولار للمستهلك بمحطات تموين الوقود باستخدام الكارت الذكي سواء كان كارت المستهلك أو كارت محطة تموين الوقود بدءًا من 15 يونيو/ حُزيران من نفس العام وبأي كمية يطلبها المستهلك، لكن الرئيس عبدالفتاح السيسي قرّر تأجيل المنظومة قبل موعد التطبيق بيومين، وذلك حتى استكمال كل خطوات تنفيذها وعلى رأسها ضم كل القطاعات التي لم تشملها المنظومة، مثل "التوك التوك" والجرارات الزراعية ومراكب الصيد والتي لم تصدر لها كروت.
قررت حكومة شريف إسماعيل بعد نحو عام ونصف العام من تأجيل تطبيق المنظومة، مرة أخرى صرف البنزين والسولار للمواطنين من محطات الوقود عبر الكروت الذكية بدءا مِن يناير/ كانون الثاني 2017، بشكل تجريبي لحين الانتهاء من جميع إجراءات المنظومة.
كان من ضمن المقترحات التي أثيرت بشأن المنظومة مع طرح فكرة تنفيذها، أنه سيتم تخصيص حصة للمواطنين من الوقود بسعر مدعوم عبر الكروت الذكية على أن يكون أي استهلاك خارج هذه المنظومة بالسعر الحر، لكن مع إسراع الحكومة خطواتها للتخلص من دعم الوقود خلال العامين الأخيرين، إذ رفعت أسعار الوقود 3 مرات منذ الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، فاجأ وزير البترول المواطنين خلال مؤتمر صحافي في مجلس الوزراء، بإعلانه التراجع عن تطبيق منظومة الكارت الذكي على السيارات، "لأنها تحتوي على العديد من الثغرات".
وقال الوزير إن الحكومة لم تستطع إيجاد حل للثغرات المتعلقة بحصر المركبات المختلفة، كما أن الكارت سيؤدي إلى وجود سعرين للسلعة الواحدة وعودة الاحتكارات مرة أخرى، بحسب ما قاله الوزير.
وقال حمدي عبدالعزيز المتحدث الرسمي لوزارة البترول، في بيان له، إن تطبيق المنظومة دون حصر كامل للعديد من الأنشطة مثل الحيازات الزراعية والتوك توك ومراكب الصيد سيؤدي إلى خلق سوق سوداء يباع فيها البنزين أو السولار بسعرين سعر للكارت "مدعم" وسعر دون الكارت "غير مدعم"، وهو لن يؤدي لاستدامة تطبيقها.
وأصدرت شركة "إي فاينانس" نحو ٦.٨ ملايين كارت لتوزيع المواد البترولية على السيارات في إطار الاستعداد لتطبيق المنظومة.
وتستهدف الحكومة الانتهاء من تنفيذ خطة التخلص من دعم الوقود نهائيا (عدا البوتاغاز) العام المقبل ضمن اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي بقيمة 12 مليار دولار.