القاهرة ـ سعيد فرماوي
بدأت بعض البنوك الحكومية المصرية التوسع بقوة في مجال سوق صرف العملات الأجنبية، على الرغم من حالة الركود التي تسيطر على السوق، بعدما حرر البنك المركزي سعر صرف الجنيه في نوفمبر "تشرين الثاني"، في محاولة للسيطرة على السوق والتحكم في معاملاتها مستقبلًا.
وقال مسؤولون في شركات صرافة في القاهرة، إن البنوك لم تكتف فقط بفتح فروع لشركات صرافة بل عملت على استقطاب بعض العاملين في الشركات من خلال رواتب مرتفعة حتى نجحت فعلًا في ضمهم للعمل بشركات الصرافة التابعة لها, وقال يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري لـ"رويترز"، إن مصرفه فتح فرعين للصرافة في القاهرة في أغسطس "أب" الماضي، ويستهدف "افتتاح 13 فرعًا جديدًا للصرافة خلال الستة أشهر المقبلة في القاهرة وأسيوط والمنصورة".
وأضاف: "خطة البنك تستهدف الوصول بعدد فروع الصرافة التابعة له إلى 30 فرعًا حتى منتصف 2019. الهدف من تأسيس شركة الأهلي للصرافة هو تحسين أداء سوق الصرف بجانب امتلاك فروع الصرافة مرونة أكثر في التعامل مع الأفراد طوال اليوم وفي أيام العطلات".
وكشف البنك الأهلي في بيان أن فكرة تأسيس شركة صرافة تولدت لديه "في ضوء الظروف التي كانت تمر بها سوق العملات الأجنبية قبل صدور قرارات تحرير أسعار الصرف، ووجود مناخ غير صحي أدى إلى التعامل على العملات الأجنبية خارج القنوات الشرعية", وكان البنك المركزي المصري أغلق العشرات من شركات الصرافة خلال العامين الماضيين في وقت كانت تعاني البلاد من شح شديد في العملة الصعبة وتركزها في شركات الصرافة التي كانت تضارب بها وتبيعها في السوق السوداء لمن يحتاج إليها من رجال الأعمال والمستوردين.
غير أن البنك المركزي والبنوك العاملة في البلاد باتت تتمتع بوفرة في السيولة الدولارية نتجت عن بيع الأفراد ما بحوزتهم عندما كانت هناك مخاوف لبعض الوقت من تراجع سعره، بالإضافة إلى تحويلات المصريين في الخارج، وشراء الأجانب المكثف لأدوات الدين المصرية وسط ارتفاع أسعار الفائدة، وكذلك نتيجة للتعافي الجزئي لإيرادات السياحة.
وجذبت مصر استثمارات أجنبية بأكثر من 15 مليار دولار في أدوات الدين الحكومية منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وحتى الآن, وزادت إيرادات البلاد من قطاع السياحة 170 في المائة إلى 3.5 مليار دولار في أول سبعة أشهر من هذا العام، بعد زيادة أعداد السياح الوافدين إلى البلاد 54 في المائة.
وتتركز معظم صرافات القطاع الخاص في القاهرة والصعيد والدلتا، وهي المناطق نفسها التي تسعى صرافات البنوك الحكومية إلى العمل فيها بقوة, وقال مسؤول في إحدى شركات الصرافة لـ"رويترز"، مشترطًا عدم نشر اسمه: "البنوك هي المتحكمة الآن في السوق بنحو كامل, استقطبوا بعض موظفي شركات الصرافة الخاصة للعمل معهم, شركات الصرافة التابعة إلى البنوك عملت حتى في العطلات النشاط حاليًا ضعيف جدًا بعد تحرير سعر الصرف. العمل عاد لما كان عليه قبل أزمة الدولار, الركود يسيطر حاليًا على السوق".
ودفعت وفرة الدولار في البنوك إلى شح المعاملات في سوق الصرافات والقضاء تمامًا على السوق السوداء للعملة في البلاد, وقال مسؤول ثان في إحدى شركات الصرافة لـ"رويترز": "أعمالنا مقتصرة حاليًا على مستوردي السلع غير الأساسية فقط، لأن الكثير من البنوك ترفض البيع لهم لأنها ستكون ملتزمة وفقًا لقرارات المركزي ببيع 50 في المائة من تمويل السلع غير الأساسية في الانتربنك وهو ما قد يخفض من مكاسبها".
وأكد أحد مستوردي الأجهزة الكهربائية في مصر "البنوك توفر كل احتياجات السوق، سواءً أساسية أو غير أساسية, لديهم بالفعل حصيلة كبيرة من الدولار ولذا هم من يبادرون بالاتصال بنا لتوفير العملة", وحررت مصر سعر عملتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفرضت كثيرًا من القيود على الاستيراد ورفعت الجمارك على السلع غير الأساسية أكثر من مرة، وبنسب كبيرة خلال العامين الماضيين.
وأضاف عاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر "نمتلك حاليًا 21 فرعًا للصرافة، ونستهدف الوصول إلى 50 فرعًا خلال عامين. فروع الصرافة اقل تكلفة من فتح فروع جديدة للبنك، وحتى نستطيع ضبط سوق صرف العملات الاجنبية", كان الجنيه هوى بنحو حاد بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني ليصل إلى نحو 19 جنيها للدولار قبل أن يبدأ في أواخر يناير "كانون الثاني" استرداد بعض عافيته ويسجل نحو 15.73 جنيه للدولار في بعض البنوك، ثم يستقر عند مستويات بين 18.05 و18.15 في مارس "أذار" حتى وصل حاليًا إلى ما بين 17.62 و17.72 جنيه.
وقام البنك المركزي العام الماضي بتغليظ العقوبات على شركات الصرافة العاملة في السوق ممن يخالفون القانون لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه "56.4 - 282.2 الف دولار", وقال مسؤول أخر "البنوك تعمل بالفعل حاليًا على التواجد في أماكن مميزة لتكون أسرع وأقرب لمن يريد تغيير العملة. لا نستطيع البيع حاليًا بأسعار غير المعلنة، وكل عملية نقوم فيها بالبيع أو الشراء تكون بإيصالات رسمية، لم تعد السوق كما كانت سابقًا", وأضاف "البنوك هي المتحكمة الآن في سعر العملة يبدو أنها تعلمت الدرس جيدًا".