دونالد ترامب يطالب المجلس الاحتياطي

متسوقون أمام فرع من سلسلة المحلات المعروفة {ميسز} في مانهاتن بنيويورك ومازال الإنفاق الإستهلاكي قويًا في أميركا رغم تراجع الإنفاق التجاري.

 نفى البيت الأبيض، أمس، ما نقلته بعض وسائل الإعلام الأميركية حول نية إدارة الرئيس دونالد ترمب إجراء خفض مؤقت لضريبة الأجور، بهدف تجنب الانكماش الاقتصادي المحتمل. وقال مدير المجلس لاقتصادي الوطني، لاري كودلو، في تصريحات أمس، إن «المزيد من التخفيضات الضريبية للشعب الأميركي مطروحة على الطاولة بالتأكيد... لكن خفض الضرائب على الرواتب لا يمثل شيئا قيد الدراسة في هذا الوقت».

وجاء ذلك بعد أن أفادت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» بأن بعض كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية يناقشون فكرة خفض ضريبة الأجور، بعدما دق كثير من الاقتصاديين والخبراء ناقوس الخطر بشأن ركود اقتصادي محتمل خلال العامين المقبلين.

ويسعى الرئيس ترمب وكبار مساعديه إلى محاولة إقناع الجمهور بأن الاقتصاد الأميركي قوي، وأن المخاوف من الركود مضللة. وألقى ترمب باللوم في حدوث تباطؤ اقتصادي على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واصفا رئيسه، جيروم باول، بأن «لديه نقصا في الرؤية». ودعا ترمب الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس على الأقل، أي بنسبة 1 في المائة. وقال، في تغريدة يوم الاثنين: «اقتصادنا قوي للغاية، على الرغم من الافتقار الرهيب للرؤية من جانب جيروم باول، وبنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن الديمقراطيين يرغبون بأن يكون الاقتصاد سيئا لأغراض انتخابية أنانية شديدة! دولارنا قوي للغاية لدرجة أنه يؤلم للأسف أجزاء أخرى من العالم».

ودعا ترمب لأن يتم تخفيض الفائدة بشكل سريع، قائلا: «ينبغي تخفيضها بمقدار 100 نقطة أساس على الأقل، وخلال فترة زمنية قصيرة إلى حد ما، مع بعض التيسير الكمي أيضا»، مشيرا إلى أنه «إذا حدث ذلك، فسيكون اقتصادنا أفضل، وسيكون الاقتصاد العالمي معززا بشكل كبير وسريع للجميع».

وخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الشهر الماضي بمقدار 25 نقطة أساس، ويبلغ سعر الفائدة حاليا 2.25 في المائة. وإذا لبى الفيدرالي مطلب ترمب وقام بتخفيض الفائدة بنسبة 1 في المائة، فمن المؤكد أن ذلك سيتيح للإدارة مساحة أكبر من المناورة إذا ما بدأ ركود كامل العام المقبل أو في 2021.

ويدرك مسؤولو البيت الأبيض أن فرص إعادة انتخاب ترمب سوف تتوقف بشكل كبير على بقاء الاقتصاد قويا في العام المقبل. واتهم المتحدث باسم رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري تشارلز غراسل، الديمقراطيين بأنهم يتمنون وقوع ركود اقتصادي حتى يخسر ترمب في الانتخابات. وقال في تصريحات أمس: «في هذه المرحلة، يبدو أن الركود يمثل رغبة سياسية من قبل الديمقراطيين أكثر من حقيقة اقتصادية».

ويرى المسؤولون في الإدارة أن التخطيط للانكماش الاقتصادي من شأنه أن يرسل نظرة سلبية إلى الجمهور، ويزيد الأمور سوءا. كما أن هناك مخاوف أيضا تتعلق بالاقتصاد العالمي، حيث يخشي الاقتصاديون أن تتجه ألمانيا وبريطانيا نحو الركود.

وبلا شك، فهناك علامات على تباطؤ محتمل للاقتصاد الأميركي، أهمها التراجع الذي شهدته أسواق السندات، وهذا المؤشر معروف اقتصاديا بانعكاس منحنى العائد، وهو أكثر المؤشرات دقة في تحديد ما إذا كان هناك ركود اقتصادي محتمل أم لا. وعلى الرغم من تراجع الإنفاق التجاري في الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الماضية، وهو مؤشر على تباطؤ الاقتصاد، فإن الإنفاق الاستهلاكي ما زال قوياً، حتى الآن. وهذا ما يعول عليه الرئيس ترمب في قوة الاقتصاد.

ويرى البعض أن إدارة ترمب قد تلجأ في نهاية المطاف إلى حل تخفيض ضريبة الأجور، إذا تراجع الإنفاق الاستهلاكي العام المقبل، لأن ذلك سيكون المؤشر الأقوى على حدوث تباطؤ اقتصادي. وتبلغ ضريبة الأجور في أميركا حاليا 6.2 في المائة، وتُستخدم لتمويل برامج الضمان الاجتماعي. وكانت آخر مرة تم فيها تخفيض هذه الضريبة في عامي 2011 و2012، حيث تم تخفيضها إلى 4.2 في المائة، خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما كوسيلة لتشجيع المزيد من الإنفاق الاستهلاكي عقب الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن تم إعادتها إلى 6.2 في المائة عام 2013. ويدفع العمال الأميركيون ضرائب على الأجور التي تصل إلى 132.9 ألف دولار، ويتم توجيه هذه الضرائب إلى شبكة الضمان الاجتماعي. وظل خفض الضريبة فكرة شائعة لدى كثير من المشرعين، وخاصة الديمقراطيين الذين يسعون إلى توفير مدخرات لأصحاب الدخل المتوسط وليس للأميركيين الأغنياء.

ورغم أن تخفيض الضريبة على الدخول سوف يشجع المستهلكين على مزيد من الإنفاق، وسيؤدي ذلك على الأرجح إلى رواج اقتصادي، فإن الجانب السلبي في خفض هذه الضريبة بالتحديد أنها أولا ستضيف عبئا آخر إلى عجز الموازنة بشكل كبير، كما أنها ستؤثر بشكل كبير على شبكة الضمان الاجتماعي في الولايات المتحدة.

وخلال فترة أوباما، عندما تم تخفيض الضريبة على الأجور بأكثر من 100 مليار دولار كل عام، اضطرت الإدارة إلى ضخ هذه القيمة إلى برامج الضمان الاجتماعي حتى لا تتأثر. وبطبيعة الحال تم سحب هذه المبالغ من الموازنة العامة، وهو ما أدى إلى زيادة العجز الكلي بالقيمة نفسها.

وإذا قررت إدارة ترمب تطبيق تخفيض مشابه في نسبة الخفض التي تمت في عهد أوباما، فقد يتعدى ذلك مقدار الخفض الضريبي الذي وفره قانون الضريبة عام 2017، تاريخيا، دعم الديمقراطيون بقوة التخفيضات الضريبية على الأجور، بينما كان الجمهوريون أكثر مقاومة. ويجادل الجمهوريون بأن مثل هذه التخفيضات لا تساعد الاقتصاد، وتزيد العجز بشكل غير متناسب.

قد يهمك ايضا

البيت الأبيض يكلّف "الاتصالات الفيدرالية" بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي

محمد الخشت يؤكد أن جامعة القاهرة اشتغلت بشكل متواصل علي مؤشرات تصنيف "شنغهاي"