القاهرة ـ سهام أحمد
يندرج "المصرف المتحد" ضمن خطة حكومية ، التي تستهدف طرح حصص من أصول الدولة عبر البورصة ، ولكن ربما يختلف البنك عن باقي الشركات، إذ يحقق نتائج وأرباحًا واعدة ، ما يجعل بيع المصرف علامة استفهام يجب التوقف عندها.
ووفقًا لآخر نتائج أعلن عنها البنك، فقد حقق نموًا بصافي الأرباح بنحو 15% خلال 2015، مما يعني أنها ستتجاوز 254 مليون جنيه ، مقابل 221 مليونًا حقّقها البنك نهاية 2014.
وقال البنك إن المؤشرات الأولية تعكس تحسن المركز المالي والأرباح ، محققًا صافي أرباح جيدة خلال العامين الماضيين ، بواقع 356 مليون جنيه ، في نهاية عام 2013، و221 مليون جنيه في 2014، وهو ما يعني استمرار تحقيق المصرف للأرباح للعام الثالث على التوالي.
وكان رأس مال المصرف المتحد يبلغ مليار جنيه مصري عند بداية الاستحواذ على البنوك الثلاثة وهي البنك المصرى المتحد سابقًا والمصرف الإسلامي للاستثمار والتنمية سابقًا وبنك النيل سابقًا ، في منتصف عام 2006 ، إلا أن البنك أعلن مؤخرًا موافقة البنك المركزي المصرى على زيادة رأسمال المصرف ليبلغ 3.5 مليار جنيه.
وأضاف المصرف في بيان له منتصف يناير/كانون الثاني الماضي ويأتى قرار موافقة البنك المركزي المصري ، تطبيقًا لإستراتجيته في تقوية المراكز المالية للبنوك العاملة في السوق المصري لتتواكب مع النمو الاقتصادي المتزايد ، والحرص على الاستمرار في سياسة التنافسية ، في ظل آليات السوق المفتوحة، مما يساهم في نمو وتعظيم أصول هذه البنوك.
ورغم هذه الخطوات إلا أن البنك في طريقة للبيع العاجل خلال العام الجاري وسيلحق ببنك القاهرة الذي سيطرح رسميًا في البورصة، ويساهم البنك في العديد من الشركات، منها ، الشركة العربية للعقارات المتحدة المملوكة للمصرف بنسبة 100%، والنيل للتعمير، والإسلامية للبويات، والتي يُساهم فيهما بنسبة 40 و46% على التوالي ، بالإضافة إلى شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا.
وأنشئ المصرف المتحد بقرار من البنك المركزي ، في يونيو/حزيران 2006 بعد استحواذه على 3 كيانات بسبب الخسائر التي تعرضت لها تلك البنوك ، كما اشترطت بعض المؤسسات حوافز إضافية ، لإكمال عملية الاستحواذ على البنك، لكن المركزي ، فضل تملك البنك الجديد بنسبة %99.9، لاستكمال عملية التطوير، وبلغ رأس المال المدفوع للمصرف المتحد مليار جنيه عند التأسيس.
وكشف عمرو الجارحي، وزير المال، في أغسطس/أب الماضي ، عن نية الحكومة في طرح 20% إلى 30% من شركات القطاع العام والبنوك في البورصة، بحصيلة متوقعة تصل إلى 8 مليارات جنيه، على أن يكون الطرح بنسب من بعض الشركات الحكومية من قيمة رأس مال الشركة.
ونفى وزير المال أن تكون هذه الخطوة بداية لخصخصة تلك الشركات ، مؤكدًا أنها أساس اختيار الشركات لعملية الطرح في البورصة يعتمد على مدى نجاحها في السوق وامتلاكها لمقومات نجاح.
وتعاقدت وزارة الاستثمار، نهاية يوليو/تموز الماضي ، مع شركة إن آى كابيتال، إحدى الشركات المملوكة لبنك الاستثمار القومي، كمستشار للوزارة في إعداد برنامج الطروحات العامة للشركات الحكومية ، وبدأت الأخيرة بالفعل إجراء تقييمات لبعض الشركات.
ويشمل برنامج الطروحات ، طرح جزء من رأسمال بعض الشركات الحكومية للاكتتاب في البورصة المصرية وبورصات دولية، تحت إشراف لجنة تتكون من وزير المال عمرو الجارحي، ووزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، ونائب محافظ البنك المركزي لبنى هلال.
و قال علي الإدريسي الأكاديمي المصري، والخبير الاقتصادي، إن البنك المركزي يعمل على زيادة رأس المال الخاص في المصرف المتحد، الذي يسعى لتقوية المراكز المالية الخاصة بالجهاز المصرفي.
وأوضح الإدريسي أنه بعد قرار التعويم وانخفاض الجنيه أمام الدولار، اتجه العديد من المستثمرين الأجانب بشكل كبير لعميات الاستحواذ في السوق سواء على البنوك أو حتى قطاع المشروبات والأغذية، وهو ما سيجعل الصفقة عليها إقبال كبير.
من جانبه، رأى أحمد ذكر الله، الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة الأزهر، أن اتجاه الحكومة لطرح حصص من أصول الدولة عبر البورصة، طبيعي لتزايد عجز الموازنة وغياب الرؤية اقتصادية لتدوير عجلة الإنتاج.
وأضاف أن الحكومة لجأت إلى صندوق النقد الدولي الذي أملى عليها مجموعة من الشروط، مضيفًا: «للأسف انبطحت الحكومة أمام الشروط بكاملها، ولم نكن نملك من المفاوضين من يمتلك الشجاعة لإيقاف سيل التنازلات التي طلبها الصندوق، ومن بينها بدء الطرح الثاني لبرنامج الخصخصة».
وتابع: «الغريب أن المصرف المتحد كان احتياطيًا في البرنامج الذي تضمن بنك القاهرة وشركة إنبي، وبعض الشركات الهامة الأخري وكذلك طرح سندات دولارية في الخارج».
وتوقع المراقبون بعد نجاح نظام الاقتراض بالسندات عدم الاستغناء عن المصرف، ولكن أكد ذكر الله أن الفجوة التمويلية الكبيرة وعدم استقرار سعر الصرف والتخبط والعشوائية في إدارة السياسة النقدية والاقتصادية بصفة عامة دفع الحكومة نحو الاستمرار في فكرة البيع، موضحًا أن أقساط القروض المستحقة الدفع على الدولة خلال 2017 ، والتي تبلغ 7 مليارات دولار هي الدافع الثاني لعملية البيع.
وتوقع ذكرالله استمرار العشوائية الاقتصادية وتزايد عجز الموازنة ، مؤكدًا أن المصرف المتحد لن يكون الأخير ، قائلًا "أتوقع شخصيًا بيع بنك مصر في غضون عام من الآن، وقد نرى قريبًا خصخصة بعض الموانئ الإستراتيجية".
وقال عيسى فتحي، نائب رئيس شعبة الأوراق المالية في الاتحاد العام للغرف التجارية، إن الحكومة سوف تتبع الخطوات التي اتخذتها من قبل في بيع أسهم شركات المصرية للاتصالات وسيدي كرير وإيمكو، في بيع أسهم الشركات الجديدة، مضيفًا أن قلة الإيرادات هو الذي دفع الحكومة لتلك الخطوة.
وأشار فتحي إلى أن بيع أسهم شركات الحكومة في البورصة سوف يعمل على سد عجز الموازنة العامة للدولة ، خلال إيداع الشهادات الدولية وضخ عملات أجنبية، فضلًا عن زيادة الاحتياطي النقدي والذي تعاني منه الدولة في ظل الإضرابات الاقتصادية والتي تحاول الدولة السيطرة عليها من خلال قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار جنيه، مؤكدًا أن إقبال الحكومة على هذه الخطوة مطلب من مطالب صندوق النقد للحصول على القرض.
وشدد فتحي على أن طبيعة الشركات التي سوف تطرحها الحكومة في البورصة، سوف تخضع لقواعد عملية القيد في البورصة، والتي أهمها أن تكون من الشركات الرابحة بما لا يقل عن 5% من رأس المال خلال آخر عام مالي لها، وألا تقل حقوق الملكية عن رأس المال.
وكان ق أثار برنامج الطروحات العامة للشركات الحكومية، لغطًا كبيرًا في البرلمان ، حيث رفض النائب طلعت خليل ، عضو لجنة الخطة والموازنة، خطة رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، بشأن طرح الشركات العامة والبنوك في البورصة، مضيفًا "الشركات المصرية خط أحمر ولن نسمح بطرحها في البورصة".
يذكر أن المركزي أعلن أكثر من مرة نيته بيع حصته في المصرف المتحد منذ عام 2009 ، مع فاروق العقدة محافظ المركزي السابق الذي وضع خطة لطرح أسهم المصرف للاكتتاب العام في 2011، ولكن لم يكتب لها النجاح.