القاهرة - صفاء عبدالقادر
أكّد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا، خلال إلقاءه كلمة الوفد المصري نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في المؤتمر الوزاري لمنتدى الدول المصدرة للغاز في بوليفيا، بحضور وزراء البترول والطاقة للدول الإثني عشر الاعضاء لمناقشة التطورات التي تشهدها أسواق الغاز العالمية، أنّ مصر تستعد حاليًا لاستقبال إنتاج المرحلة الأولى من الغاز لحقل ظهر، وسيصل الإنتاج إلى 2.7 مليار قدم مكعب يوما في نهاية عام 2019، مع نهاية مرحلة الوصول للإنتاج الكلى للمشروع، لافتًا إلى أن حقل ظهر يعد أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، وتقدر احتياطاته حوالي 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وأشار وزير البترول إلى أنّ الاصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها مصر تمكنت من تغيير مسار الاقتصاد، ليبلغ معدل النمو حوالي 4.3% خلال شهر يوليو/تموز الماضي، مع ارتفاع حجم الاحتياطي الأجنبي إلى أكثر من 36 مليار دولار، للمرة الأولى منذ عام 2011، حيث تهدف الاستراتيجية المستقبلية لمصر بحلول عام 2030، إلى أن يصبح قطاع الطاقة قادرًا على تلبية كافة متطلبات التنمية الوطنية المستدامة من موارد الطاقة وتعظيم كفاءة الاستفادة من مصادرها المتنوعة، تقليدية ومتجدّدة، ما يؤدي إلى المساهمة الفعالة في دفع الاقتصاد والتنافسية الوطنية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة.
وأكّد الوزير أنّ الطاقة من العناصر المهمة لتحقيق التنمية المستدامة، وأنّ إمداداتها تشكل عاملًا أساسيًا في دفع عملية الإنتاج وتحقيق الاستقرار والنمو، ما يوفر فرص العمل ويعمل على تحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر، موضحًا أن "إعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة" الذي عقد عام 2002 أكّد على أهمية اتخاذ إجراءات مشتركة تهدف إلى تحسين الجهود الرامية للتعاون على جميع المستويات، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى خدمات الطاقة التى يمكن الاعتماد عليها بأسعار معقولة لغرض التنمية المستدامة والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وأنّ توفير الطاقة بما يتلاءم مع معدلات التنمية خاصة مع تزايد الطلب على الطاقة وتقلبات أسواق الزيت والغاز العالمية، يعدّ من التحديات التي تواجه جميع دول العالم، وأنّ الغاز الطبيعي يلعب دورًا مهمًا في مواجهة هذه التحديات وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
وأشاد الملا بما يقوم به المنتدى من دور فعال في تحقيق التنمية المستدامة لموارد الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى دعم وتعزيز المصالح المتبادلة للدول الأعضاء من خلال وضع سياسات واستراتيجيات مناسبة تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من المنافع الاقتصادية لموارد هذه الدول من الغاز الطبيعي مع الحفاظ على حقوق الأجيال الحالية والمقبلة، مشيرًا إلى أنّ صناعة الغاز تتميز بأنها صناعة فريدة ترتبط أنشطتها المختلفة معًا كحلقة واحدة يعتمد كل منها على الأخر، لذا من الضروري العمل على التخطيط السليم ووضع استراتيجية متكاملة تضم كل هذه الأنشطة بما يساهم في تعظيم القيمة المضافة، موضحًا أن مشاريع الغاز أصبحت تتسم بتزايد التكاليف، مع عدم وضوح الرؤية المستقبلية لأسعار الغاز، الأمر الذي يتطلب تكثيف التعاون بين دولنا ودراسة المشاريع المشتركة بما يحقق مصالح الدول وشعوبها، مضيفًا أنّ هذا العصر يتسم بثورة في الاتصالات وتشابك المصالح، وأصبح من الصعوبة أن نعيش بمعزل عن باقي دول العالم أو نعمل لتحقيق مصالح دولنا المنتجة أو المصدرة فقط دون أخذ احتياجات الدول المستهلكة في الاعتبار، لذا ينبغى علينا أن ندعم التعاون والتنسيق بين الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة بما يحقق الاستقرار للأسواق العالمية.
وأشار وزير الطاقة إلى أنّ مصر تمرّ بمرحلة دقيقة من تاريخها تتطلع فيها إلى إقامة دولة حديثة قائمة على العدالة الاجتماعية، تنقل شعبها إلى آفاق أرحب من التنمية ورخاء المعيشة، حيث أنّها تمتلك بالفعل من الموارد والثروات الطبيعية والبشرية ما يمكنها من تحقيق كافة الطموحات المنشودة، مشيرًا إلى أنّ الاقتصاد المصري واجه تحديات عدة خلال السنوات الأخيرة، من أهمها تلك التي تتعلّق بضرورة تشجيع المزيد من الاستثمارات في مجال البحث والاستكشاف والإسراع بمعدلات تنمية الاكتشافات الجديدة لزيادة الإنتاج اللازم لمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة، الذي يفوق معدلات نمو السكان، بما يساهم في تحقيق الخطط الطموحة للدولة، حيث أنّ مصر بدأت في تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي يهدف إلى تحقيق اقتصاد سوق منضبط وتوفير فرص عمل لائقة.
ويستهدف برنامج الإصلاح الاقتصادي، خفض معدلات البطالة والفقر وزيادة معدلات النمو بنسبة تزيد على 6% في الأعوام المقبلة، حيث تمّ تحرير سعر الصرف على نحو كامل، وإعادة هيكلة دعم الطاقة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى العمل على جذب المزيد من الاستثمارات من خلال عدد من الإجراءات الجادة، التي شملت إصدار قانون الاستثمار الموحد، وتقديم المزيد من الحوافز لتنمية ودعم الاستثمار المحلى والأجنبي، والتوسع في ضمانات الاستثمار وقوانين التراخيص الصناعية، كما سعت الدولة إلى تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية الضخمة، وعلى رأسها مشاريع تنمية محور قناة السويس، وتنمية وإنشاء عدد من المناطق الصناعية في مختلف أنحاء مصر، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
يشار إلى أنّه تمّ إصدار قانون جديد لتنظيم أنشطة سوق الغاز، ويعدّ أحد الخطوات الرئيسية لإعادة تنظيم سوق الغاز في مصر بصورة تدريجية، ويعمل على جذب استثمارات القطاع الخاص للدخول في سوق تجارة وتخزين وبيع وتوريد وتوزيع الغاز الطبيعي مباشرة للمستهلكين، ويمثل أحد المحاور المهمة في استراتيجية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة.